حرير آدم مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

"حرير آدم" مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

"حرير آدم" مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك
عمان ـ بترا

  إرتقت مسرحية حرير آدم للمخرج إياد شطناوي بالذائقة البصرية والاداء التمثيلي المتماسك في طرحها لقضايا مجهولات النسب برؤية إخراجية واعية.

وتفتتح ستارة العرض المسرحي الذي كتبت نصه اروى ابو طير واعده زيد خليل وقدم مساء امس السبت على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي، وإتكأ على المدرسة الواقعية ومقتربا من التجريب، بأولى لوحاته بدخول 4 شخصيات نسائية منهكة ومحبطة، متتاليات بتشكيل اصطفافي من يسار عمق الخشبة في ظل إضاءة منبثقة افقيا وبشكل قطري كأنها كوة باب من العلم الخارجي تجاه يسار منتصف الخشبة حيث يرتدين ملابس افرهولات عاملات نظافة ويسرن على ما تشكل من مستطيل انعكاسا لتلك الاضاءة في ظل تعتيم مختلف ارجاء المسرح والتي عبرت عن تساويهن في المسار والهم والمآل الذي بدى مظلما، لا يلبثن ان يتوزعن على ارجاء الخشبة بشكل هندسي اقرب الى المربع بحيث تأتي اثنتان منهن في مقدمة طرفي الخشبة فيما الاخريان في عمقها وتفصل بينهما مسافة اقصر ليكون التشكيل مرئي للجمهور.

واذا كان معيار نجاح اي عرض مسرحي، هو ان يترك في الذاكرة منظراً او تشكيلاً او ظلاً يبقى ملتحما مع الذاكرة فان للانظمة العلامتية والايقونات دوراً لا يستهان به في تنشيط هذه الذاكرة، إذ أن العرض المسرحي الذي يطرح في ثيمته الرئيسة قضايا الفتيات مجهولات النسب وما يتعرضن له من ظلم اجتماعي وانتهاكات نفسية وجسدية، جاء زاخرا وبشكل موفق، بايقونات وصور ومضامين عديدة ، حيث صاغ المخرج رؤيته الاخراجية على سلسلة لا تنتهي من المرئيات والصور والاحاسيس والاصوات التي تتشكل على هيئة منظومة علاماتية داخل نسيج ذلك العرض المسرحي، حتى أن لغة الممثل المنطوقة بحد ذاتها تصبح هي الاخرى ايقونة بمجرد نطقها بحسب استاذ المسرح البريطاني باتريس بافيس كما ظهر ذلك في تقمص الممثلات اللاتي قدما أداءً مميزا، لشخوص مختلفة في لوحات العرض لاسيما تقديمهن لشخصية الرجل الذكورية من خلال رؤية نسائية وهو ما يسجل للمخرج ايجابا.

العرض المسرحي قدم 4 نماذج لفتيات تعرضن للاضطهاد الاجتماعي والانتهاك الجسدي وهن اللقيطة التي تبذل جهدها في ظل صعوبات مختلفة، للحصول على بطاقة شخصية الى ان يتصدى لمساعدتها شخصية نافذة ويعرض عليها مقابل تلك المساعدة الزواج منه، فيما الثانية يتيمة توفت والدتها التي كانت تسكن معها وطردها شقيقها المغترب من البيت لتتشرد في الشوارع تبيع على الاشارات الضوئية وتنتهي نتيجة التحرش وانعدام الخيارات في الملاهي الليلية، فيما الثلاثة تلك الفتاة التي تراجع طبيبا فيخدرها ويعتدي عليها ما يضطرها ان تقتله انتقاما لشرفها والاخيرة الصحفية التي استغل زميلها ظرف الاختلاء بها اثناء تأديتهم لتحقيق صحفي خلال احدى الحروب بعد ان انهار مدخل النفق الذين كانوا فيه وانكشف امرهما فيما بعد وقام بالتشهير بها لتفقد سمعتها ووظيفتها، ويزج بهن جميعا في السجن. وفق المخرج في استخدام تقنيات الاضاءة المتحركة إذ انها توظف حينا باعتباره يساوي بين الفتيات الاربعة كقضية واحدا وذاتا واحدا ويلتقين نفس النظرة الاجتماعية ومرة اخرى باعتباره حيدا يمثل المجتمع الذي تجاهلهن، وفي لوحة أخرى قضبان السجن، علاوة على انها جاءت متغيرة بحسب مشاهد العرض ولوحاته ما بين الابيض والاحمر والاصفر وما حملته من مضامين، علاوة على انه عمل على الحلول مكان قطع الديكور.

ورغم الهبوط الذي نال من صوت الممثلات (اريج دبابنة والهام عبدالله ورسمية عبدو وسالي حلمي) احيانا إلا أن الاداء التمثيلي جاء متماسكا لجميع الممثلات ونحا احيانا الى الكوميديا الخفيفة التي لم تخل بسياق العرض، كما جاء الاداء منسجما مع مشاهد العرض وسياقاته لاسيما ما يتعلق باستخدام تقنيات الحركة وتوزيعاتها التي لم تخل بميزانسين العمل، وتقنيات الجسد وايحاءاته، خصوصا في لوحات التي تقوم الممثلات فيها تأدية دور الموظفات غير المباليات بهموم المواطن وتلك التي تقمصت فيها الممثلات الشخصيات الذكورية وخصوصا لوحة الاعتداء.

الديكور في العرض كانت تشكله الاضاءة واجساد الممثلات واكسسورات العرض مثل المكنسة/الممسحة التي برع المخرج في توظيفها مرة باعتبارها جدران لغرف وبيوت ومرة اخرى باعتبارها مجارف حفر او ميزان العدالة في مشهدية المحكمة، فيما جاءت الدلالي مكملة لها بوصفها كفتي الميزان الذي عمدن الممثلات الى جعله مائلا وغير متوازن ومرة اخرى جاءت حين يضعنها على رؤوسهن باعتبارهن قضايا لايعيرها المجتمع اي قيمة او اعتبار .

لم يوفق المخرج في اقحام موضوع حرب غزة في مشهد الصحفية والمصور الذين يدخلان احد الانفاق لتغطية احداث الحرب خصوصا انه قام باسقاط اللهجة الفلسطينية على شخصيتي المرأتين اللتين كانتا تتابعان دخولهما الى النفق وحيث ان ثيمة العرض تتعلق بقضايا مجهولات النسب دون تدخل اي بعد سياسي في الموضوع.

ويختتم العرض الذي جاءت موسيقاه منسجمة مع لوحات مشاهده بان تفتتح كوة من اقصى يسار عمق الخشبة للفتيات القابعات في السجن، تعبيرا عن ملاذ للخروج منه إلا انهن ينظرن الى تلك الكوة التي شكلتها الاضاء البيضاة ويتأملنها قليلا ثم يستدرن ويتموضعن جلوس على ركبهن وقد وضعن الدلالي على رؤوسهن للتعبير عن عدم رغبتهن مواجهة نظرة المجتمع السلبية لهن والذي لا يتفهم قضاياهن ويتعامل معهن بازدراء.

شارك في العرض في الاضاءة محمد المراشدة والموسيقى جوزيف دمرجيان

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرير آدم مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك حرير آدم مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك



GMT 19:09 2020 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"جنون عادي جدا" على مسرح قصر ثقافة الفيوم

GMT 11:03 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عرض "رسائل العشاق" على مسرح ميامى

GMT 08:46 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض "أفراح القبة" ببيت السحيمى الخميس

GMT 22:41 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الشاطئ" يثير إعجاب جمهور المغرب بمهرجان المعاهد المسرحية

GMT 08:54 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عرض مسرحية "مأساة تيتانيك" برؤية مغربية

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 20:01 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي الشحانية القطري يعلن غياب 3 من لاعبيه الأساسيين

GMT 13:59 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديدي لكرة السلة يحتفي بنجمه السابق الصبار

GMT 15:49 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قصة جديدة لفئة اليافعين بعنوان "لغز في المدينة"

GMT 10:50 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

زوج يطعن نفسه بسلاح أبيض بسبب خلافات زوجية

GMT 05:24 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

شواطئ ماوي السياحية تستقطب محبي رياضة الغوص

GMT 11:05 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

تمتعي بأجواء صيفية لا مثيل لها في موريشيوس
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya