دمشق - سانا
في إطار اهتمام مديرية الآثار والمتاحف بالمواضيع المعمارية في شمال سورية أو مايعرف بالمدن الميتة أصدرت المديرية مؤخرا كتابا بعنوان "زخرفة السواكف في جنوبي الكتلة الكلسية في شمال سورية خلال العصر البيزنطي العمارة السكنية" للدكتورة الباحثة عفاف ليلا من مطبوعات الهيئة السورية للكتاب.
ويتناول الكتاب الذي يقع في 380 صفحة من القطع الكبير دراسة لجميع السواكف المنحوتة بالنقوش الزخرفية التي تعلو فتحات الأبواب والنوافذ في واجهات المباني السكنية المنتشرة في القرى القديمة جنوب الكتلة الكلسية شمال سورية وهي قرى الرويحة جرادة البارة ,سرجيلا,مجليا, بترسا بشيلا, ربيعة, سنشراح بعودة دللوزة دير سنبل ,وادي مرتاحون.
وشملت الدراسة الميدانية لهذه المواقع الأثرية 1067 ساكفا على الواجهات أو على الأرض منتشرة في 254 بيتا فيها لتوضيح طبيعتها وتطورها ومدى انتشارها في القرية الواحدة أو بالمقارنة مع القرى المجاورة إضافة إلى إجراء مقارنة مع الزخارف المنحوتة في سواكف المباني الدينية والجنائزية.
وتضم المنطقة آثارا لنحو سبعمئة قرية مع مشاهدها الأثرية من العصرين الروماني والبيزنطي وهي في حالة استثنائية من الحفظ وتنوعت أشكال المباني فيها من الكنائس والأديرة والأبراج والحمامات والمعاصر والمدافن والبيوت السكنية التي بنيت من المداميك الحجرية الكبيرة المنحوتة من الحجر الكلسي كما يقول الدكتور مأمون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف في مقدمة الكتاب.
ونحتت حجارة سواكف الأبواب والنوافذ بالزخارف الجميلة والمتميزة بالغنى والتنوع بأنواع وأحجام مختلفة كالقولبات الهندسية والأفاريز الهندسية والنباتية والمختلطة.
وتقدم هذه الدراسة التي قامت بها الباحثة ليلا رؤية علمية متكاملة وجديدة لهذا النمط من الدراسات الهامة في الأبحاث الأثرية ما يجعلها توثيقا هاما لكل السواكف الموجودة في منطقة المدن الميتة خاصة أن سورية تمر الان بمرحلة صعبة جدا وبالتالي فإن هذا البحث قدم توثيقا شاملا لكل هذه العناصر المعمارية وحماية لها من الضياع.
وقامت الباحثة ضمن اطار نشاطات البعثة السورية الفرنسية المشتركة في المدن الميتة باجراء مسح شامل ودقيق من خلال زيارة كافة المباني السكنية في هذه المنطقة وخاصة القرى الواقعة في جنوب الكتلة الكلسية في جبل الزاوية والذي يتطلب عملا شاقا ومعقدا من خلال توثيق كامل السواكف في هذه المنطقة بمنهجية علمية تهدف الى القاء الضوء على جانب مهم من الدراسات المعمارية.
كما يتناول هذا البحث دراسة علاقة الزخارف في المباني السكنية مع زخارف المباني الدينية والجنائزية في المنطقة نفسها ما قد يبين تأثرها ببعضها البعض كما تمت دراسة الأصول التاريخية للعناصر الزخرفية التي تزين سواكف البيوت السكنية ومدلولاتها وتطورها والتأثيرات المحلية أو الوافدة إلى المنطقة كما تناولت هذه الدراسة طبيعة الوظائف المتعلقة بمشاغل المنطقة المحلية وكل ذلك يجعل من هذه الدراسة عملا علميا متكاملا رصينا يفيد الباحثين ويغني المكتبة الأثرية بعمل جاد وهام.
من جانبها قالت الباحثة ليلا في تقديم الكتاب أن القرى القديمة في جبل الزاوية تمتلك حالة استثنائية لتجمعات قروية قديمة من العصرين الروماني والبيزنطي زاخرة بالأطلال والمشاهد الأثرية في حالة لا مثيل لها من الحفظ ضمن حوض المتوسط عرفت باسم المدن الميتة ونخص منها في هذه الدراسة ثلاث عشرة قرية.
وأضافت تعرضنا في دراستنا الى الأنماط الزخرفية المنتشرة في كل قرية خلال العصر البيزنطي ومجموعة من التصنيفات والمقارنات بين أجزاء البيت الواحد كسواكف غرف الطوابق الأرضية والعلوية من جهة وبين سواكف الغرف نفسها من جهة أخرى تفيد في فهم وظائف واستخدامات محددة بغرف وأجزاء بالبيت دون سواها.
واعتمدت الباحثة في دراستها على التوثيق العلمي الدقيق لكل عنصر مع أرقام البيوت في كل قرية بالصورة والكلمة اضافة الى الاعتماد على الشروحات التوضيحية التي تبين عددها وانتشارها من خلال الجداول العديدة المرفقة بهذا البحث كما تم عرض معظم الأنماط الزخرفية في المنطقة المدروسة من خلال الصور مع المقاييس ضمن ألبوم الصور المرفق بالكتاب.
وتأمل الدكتورة ليلا أن يشكل هذا الكتاب الذي يضم سبعة فصول وهو اطروحة الدكتوراه التي نوقشت في جامعة دمشق عام 2012 مادة علمية مفيدة لطلاب الآثار ولكل القارئين المهتمين من المختصين وغير المختصين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر