دمشق - سانا
يقدم الفرنسي فرانك هارو في كتابه "فن كتابة السيناريو" مجموعة هائلة من النصائح لأولئك الذين يرغبون في أن يضعوا أقدامهم على العتبة الأولى من هذا الفن الإبداعي مؤكداً على مقولة المخرج الألماني وأستاذ مادة السيناريو فيم فندرز أن " السينما تبدأ بكلمات على الدوام فهي من يقرر ما إذا كان للصور حق الولادة كما أن الكلمات هي الطريق الذي يجب أن يعبرها الفيلم كي تستطيع الصور أن تخرج إلى حيز الوجود وهنا بالذات يخفق الكثير من الأفلام".
ولمساعدة المبتدئين في تخطي ذاك الإخفاق يستعرض هارو في كتابه الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب كل ما ينبغي معرفته من أجل كتابة سيناريو جيد صالح لتصويره سينمائياً على اختلاف تصنيفات الأفلام من كوميديا إلى دراما إلى ميلودراما أو كان فيلما عن الكوارث أو فيلم رعب مبيناً الخطوات الأساسية للبدء انطلاقاً من فكرة القصة وكيفية تشكيلها وإقامة علاقة عاطفية مع قارئها ولاسيما أولئك المحترفين الذين سيقيمون السيناريو ويجعلونه بالتالي قابلاً للتحقق سينمائياً.
يقول المخرج الفرنسي.. يخضع فن كتابة السيناريو لقواعد صارمة ينبغي على الكتاب الشباب الالتزام بها تحت طائلة أن يجدوا أنفسهم مطرودين بسبب جهلهم بالقوانين وهذا بدءا بفكرة الفيلم ووصولاً إلى الاستمرارية الحوارية مروراً بتطوير القصة شيئاً فشيئاً وإماطة اللثام عن تعقيداتها وكل ذلك لهدف واحد أن تلامس مشاعر قارئك بطريقة أو بأخرى وأن تسترعي اهتمامه".
ويضع هارو أمام الدارس أهم الأسس التي ينبغي اتباعها في بناء قصته ابتداء من تحديد أبطال الفيلم والشخصيات الرئيسية فيه بحيث تثير في المشاهد أكبر قدر ممكن من التماهي العاطفي معها أو ضدها في حال كانت تحت مسمى البطل المضاد أو الغريم ... مروراً بإمكانية تحقيق هدفه والمعوقات التي تعترض طريقه على اختلاف مستوياتها سواء كانت ناجمة من الشخصية الرئيسية نفسها أو من خارجها.
كما يستعرض الكتاب كيفية بناء الشخصيات على الورق وتوصيفها شكلاً وجوهراً من خلال تحديد علاقاتها مع عائلتها ومحطيها وأصدقائها عبر أفعالها وردود أفعالها تجاه معظم المواقف التي تخدم صيرورة الفيلم مع تحديد الصفة المهيمنة التي تمنح البطل البصمة الأقوى لدى المشاهدين وتحديد الظروف التي تؤدي إلى تطورها جسدياً ونفسياً.
ويحدد هارو بناء الفيلم وفق ثلاثة فصول الأول يتم فيه عرض روتيني لحياة البطل قبل أن يدخل في مغامرة تقلب حياته رأساً على عقب ويساعد ذلك على تحديد نكهة الفيلم العامة وتوصيف شخصياته وهي تعيش أوضاعاً طبيعية قبل أن تقودها سيرورة القصة إلى مجابهة ظروف استثنائية وفي هذا الفصل يتعرض البطل إلى حدث يوصف بال "قادح" توصله إلى العقدة الرئيسية الأولى وتجعله يحدد هدفاً يسعى بكل جهده للوصول إليه.
فيما يروي الفصل الثاني الجهود التي يبذلها البطل من أجل تحقيق هدفه بشكل يطور الحبكة الرئيسية عبر مجموعة من العقد الدرامية التي يزداد تخطيها صعوبة وصولاً إلى الأزمة الحادة التي ترتفع معها ذروة الفيلم وتمرر من خلالها مجموعة من الحبكات الثانوية التي تعزز من خطورة الموقف وجسامة المصائر التي يمكن أن تصل إليها الشخصيات أما الفصل الثالث فينبغي أن نصل من خلاله إلى حل جميع العقد ووصول البطل إلى هدفه.
ويقدم المؤلف هارو مجموعة كبيرة من الأسئلة على كاتب السيناريو أن يطرحها على نفسه بغية تقييم عمله الإبداعي ويصنفها إلى أسئلة تتعلق بالبنية وفصول الفيلم وأخرى متعلقة بالمشاهد وغيرها حول البطل والشخصيات الأخرى مع التأكد من أنه لا شيء مجاني في نص السيناريو وكل مشهد أو شخصية حاضرة فيه وكل تزامن وكل مكان وكل توصيف مهم جداً وينبغي أن يخدم السيرورة العامة لكتابة السيناريو.
ويختتم الكتاب الذي ترجمته رانيا قرداحي وجاء في 232 صفحة من القطع المتوسط بقاموس للمصلحات الواردة ضمنه إضافة إلى فصل خاص بالأفلام التي تم تناولها خلاله مع اسم السيناريست والمخرج وسنة الإنتاج.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر