دمشق - سانا
مجموعة قصائد للشاعر عباس إبراهيم بعنوان قامة الضوء تنوعت بين التفعيلة والشطرين واعتمدت مواضيع اجتماعية وإنسانية غلب عليها الطابع الفلسفي الذي ينبثق من عمق النفس الإنسانية إضافة إلى دلالات رمزية موجودة بكثرة في النصوص حيث حاول الشاعر أن يبتعد عن المباشرة في الوصول إلى معانيه.
يرى إبراهيم أن الشهيد هو القيمة العليا التي تتصدر كل القيم والمقدمات وتختصر الحزن والفرح وهي الأقدر على الوصول إلى الأمل والجمال واختصار الحزن والعودة إلى الكرامة وجعلها من الأولويات لذلك استحضر عبارات مبتكرة وجديدة تلاءمت مع حالته النفسية ورؤيته الفكرية اللتين تمكنتا من استحضار ألفاظ ترتفع قدر استطاعتها إلى القيمة المكونة لبعض معاني الشهادة يقول ...
دمه يجري على قارعة الضوء
به تكتشف الروح سلالات من الطحلب
تنمو في مسارات الأمل
وبه تكتشف الروح مسارات التحدي
وبه تنمو حياة قادمة.
ويسجل الشاعر إبراهيم وصيته إلى أطفال الانتفاضة مذكرا إياهم أن هذه الأرض هي تراث أبدي يخصهم ويخص دماءهم فعلى هؤلاء الأطفال أن يحافظوا على هذا التراث وأن يثبتوا انتماءهم إليه بكل الوسائل المتاحة حتى ولو كانت حجرا يقذفون به على عدوهم في مقلاع منسوج من الخيوط ولعل هذا المقلاع سيبعث رعبا في قلوب الغاصبين ويأخذ دورا أكبر من دور البندقية يقول في قصيدة وصية إلى أطفال الانتفاضة
ياصبي... هذه الأرض تراث أبدي
ربما أمكنهم تحييدها الآن ولكن للسماوات اعتبار
ولأحجار مقاليعك دور
ولأحلامك أن تقترح الآن جوابا على سؤال سرمدي
ويعبر الشاعر عن أوجاع الجنوب بمعان مليئة بالحب ومطرزة بالمفردات التي ابتكر من خلالها جملا حديثة وصلت بها إلى ما يريد من قصد لرصد حالة أرض يعتبرها جزءا هاما من وطن حبيب يجب أن تبقى العين مؤدية دورها في حراسته فرصد بأسلوبه التعبيري الشفاف جماليات هذه الأرض كما رصد أحزانها يقول في قصيدة إشارات..
سلام علي لأني برئت إلى شاهد في الجنوب
من الخزي والشرك بالوطن المبتلى والدمار
فما بين قلبي وصخر الجنوب مسافة عطر
ولثغة طفل وبوح امرأة.
وتعد قصيدة قامة الضوء من أهم قصائد المجموعة فهو يضمن كلماتها بعضا مما يتحلى به كشاعر من صفات فاستعار السنبلة ليربط بينها وبين ما توحي إليه من إشارات يصل من خلالها إلى مقاصده المرتكزة على العاطفة المسببة لوجود هذه الأبيات الشعرية التي عنوانها قامة الضوء والتي يقول فيها:
آنست سنبلة فما ليدي عند القطاف تكاد ترتعد
أنا من سلالتها فكيف غدي إذ يشرق اليخضور يتأد
آنست نارا في مفاتنها فيها تقيم الروح تبترد
أما الحزن عند الشاعر إبراهيم فهو نابع من تداعي الذكريات والعودة إلى الماضي بما فيه من حنين وجمال ومخلوقات كانت تتماهى مع حاضرها فيتكون البهاء إنه شيء ذهب بما فيه فانساب أسى ولوعة تدحرج مع دموع الشاعر الذي بكاها لما في داخله من حسرة ولوعة بسبب المقارنة بين ذاك الماضي وهذا الحاضر الموجع يقول..
في بكائية إلى عام مضى
ماذا تبقى من جرارك قل لها
واكتب على ورق الحنين مدائحا
لبهي طلعتها وشيئا من دم
وأكتب على ورق الحنين سحابة كانت
ولكن أنت في المطر
يذكر أن الكتاب من منشورات دار رواد للطباعة والنشر يقع في 100 صفحة من القطع الكبير.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر