دمشق - سانا
في مجموعة ضفائر العروس للشاعر معروف ناصر التي جاءت في 254 صفحة غلب الطابع الوطني على قصائدها لا سيما الدلالات في التشبث بالأرض وعدم التخلي عن الوطن مهما كلف الثمن مع كل الاستعداد للدفاع عن أراضيه وحمايته إضافة إلى عدد من القصائد الاجتماعية والعاطفية والإنسانية.
يرى الشاعر ناصر أن الشعب السوري لا يمكن أن يقبل بوجود غاصب أو محتل منذ أن بدأ التاريخ مبيناً أن الاستعمار الفرنسي عرف مدى أهمية الكرامة عند السوريين حيث تلقى أشد الضربات إلى أن ولى هارباً بعد أن رفضه الشعب السوري بكل أطيافه وهذا ما بينه الشاعر في قصيدته الجلاء:
فكم دارت معارك في بلادي تلظى كالعواصف والرعود
فمن سهل إلى جبل أشم إلى بيداء تهزأ بالحدود
وثورات حكى التاريخ عنها تذكرنا بأمجاد الجدود
كما اعتبر الشاعر أن حرب تشرين التحريرية هي رمزا لبطولة الشعب لأن الحرب التي دارت حينئذ كسرت أسطورة العدو الصهيوني وكشفت النقاب عن ضعف العدو أمام إرادة الشعب الذي يصمم على تحرير الأرض ودحر الطغاة والعدوان يقول في قصيدة تشرين الرمز:
تشرين رمز للبطولة والفداء
تشرين رمز للرجولة والعطاء
وبه انتصار الشعب كان مؤزرا
والشمس قد طلعت لتسبح في الفضاء
ويدعو ناصر في قصائده السوريين إلى المحبة ويرى أن على الجميع المساهمة في بناء بلده لأن هذا الطريق هو الوحيد لتحقيق العيش الكريم والحفاظ على الكرامة كقوله في قصيدة أنا وأنت وهم أخوة..
تعال معي لنعمل أنت ابني فنزرع كل خير ثم نجني ثمار الخير والأعمار أعني وننشد كل إصلاح ونبني ونسمع صوتنا في كل وادي.
ويكشف الشاعر أن الدول التي تنظر إلى سورية كما تنظر الذئاب إلى فريستها فتنقض عليها في اللحظة المناسبة لتفتك بها أرسلت إلينا كل أنواع الإرهاب لتجعل من شعبنا هدفاً تحقق من خلاله غايات وطموحات الكيان الصهيوني بعد أن تعيث به قتلاً وتخريباً فلم يبق نوع من أنواع القتل والإرهاب إلا وحاولت أن تجعل أدواتها تمارسه على أبناء شعبنا الذي لا زال يقاوم ويطالب بحياة قوامها الأمن والاستقرار والعيش المشترك دون أن يعكر صفوه أحد لا سيما اولئك الغرباء الذين جاوءوا إلينا بأشد أنواع الحقد يقول في قصيدة أزمة وإرهاب:
جاءنا الذبح بأنواع المدى .. جاءنا الإرهاب من وادي الذئاب
جاء وغد يستبيح الدم ليلاً .. جاء أصحاب اللحى نسل الكلاب
جاء وغد يسرق الأرزاق دوماً .. في ظلام حالك بعد الغياب
أما الحب والحبيبة عند الشاعر فهما مصدر إلهام وبوح وشكوى واستدعاء للماضي وللذاكرة وأحاديث الحبيبة لا يبوح بها إلا لها فهي الوحيدة التي تتمكن من جعله يقول ما يؤلمه ويحزنه أمام قصيدته التي ستصل بما تحتويه إلى كثير من الناس ومع كثير من الأسرار.. يقول في قصيدة مشاعر الحب:
كانت وما زالت السمراء ملهمتي .. فملء ذاكرتي فكر وأشعار
دعي الزمان فلم يأمن له بشر .. والدهر في الناس فرار وكرار
دنيانا زائلة غدارة أبدا ..... وكل برج علا فيها سينهار
والناس للموت إن شاؤوا وإن رفضوا.. والموت كأس لكل الناس قهار
ويخلص في بعض أشعاره الى حكم استلهمها من تجاربه الحياتية بعد أن عاش كثيرا من المآسي والهموم ليترك هذه التجارب إلى أجيال قادمة يصل إليها من خلال الشعر كقوله في قصيدته تجارب الحياة:
سئمت من الحياة وبأن أنسي ..... وحل الشؤم في يومي وأمسي
وبانت قوتي وأعوج عودي .... وغطى الشيب وجهي ثم رأسي
أفدت من التجارب في حياتي ... لعل الغير يرضى بالتآسي
اتسمت بعض قصائد ناصر بالمباشرة وعدم الاعتناء بالصورة وإجهاد القصيدة ببعض الألفاظ وصولا إلى تراكيب مفككة فضعفت الموسيقى واكتفت بالنظم الذي جاء على عدد من البحور الشعرية الخليلية كقوله في قصيدة بعنوان عطر دمشق:
دمشق دامت بعز في أصالتها ... كالشعر إن غاب نصاب ومداح
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر