دمشق - سانا
يطرح الناقد نزار عابدين في كتابه صفات المرأة الجميلة عند العرب رؤية خاصة حول تناول الشعراء العرب للمرأة عبر العصور من خلال قراءة في نتاج بعض الشعراء في هذا المجال.
واعتمد في دراسته على المقدمات الطللية وما تركته البيئة من أثر دون التوغل في قصائد هؤلاء الشعراء ويرى المؤلف: أننا نكاد لا نجد في شعر العرب في العصور كلها أوصافاً محددة دقيقة لجمال المحبوبة بل هي صفات عامة وتشبيهات تشترك فيها الجميلات كافة وفق مقاييس الجمال في تلك العصور لافتاً الى أن صفات المحبوبات عند الشعراء تكاد تتشابه إلى حد التطابق.
يستوي في التشابه الشعراء الذين كانوا يعفون عن الأوصاف الجسدية الحسية أو من يمكن أن نسميهم الشعراء العذريين نسبة إلى قبيلة عذرة كما يتشابه بالجانب الآخر المناقض للشعر العذري عند أولئك الشعراء الذين تهتكوا في شعرهم فلم يتورعوا عن وصف جسد الحبيبة وصفاً تفصيلياً إلى أبعد حد ويتشابه أيضا مع الذين وصفوا مغامراتهم وما كان يحدث بين الشاعر وحبيبته.
ويلتمس عابدين العذر للشعراء في تشابه وصفهم للنساء اللواتي تغزلوا بهن لدرجة أن الشاعر الأعمى بشار بن برد في العصر العباسي وصف النساء بالأوصاف نفسها التي جاءت في شعر امرىء القيس والأعشى والفرزدق والأخطل وغيرهم مبينا ان ذلك كان نتيجة أن الشعراء استمروا في الوقوف على الاطلال.
ويضيف عابدين أن هناك مقاييس للجمال في كل عصر يشبه استخدامها الموضة فمثلاً في زمن ما كانت موضة الشعر الأجعد أو ما يشبه ذلك من الموضات فتذهب القصيدة حسب ما تحمل المرأة من صفات وهذا ما كان يتبعه شعراء ما قبل الاسلام ثم شعراء العصور الأخرى وصولاً إلى العصر الحديث.
ويتهم عابدين الشعراء بالوصف الكاذب معتبراً أن الشاعر كان يصف حبيبته ليرضيها دون أن تحمل الصفات الموجودة في شعره ولكنها تطرب لهذا الكذب كما يعود سبب الكذب لأمر آخر هو أن الشاعر يحاول أن يوازي الشعراء الآخرين بوصفهم للنساء.
ومن أسباب التشابه في الغزل يذهب عابدين إلى أن عدم وجود المرأة في الحقيقة يدفع خيال الشاعر لتذكر الأحبة والوقوف على الأطلال ووصف الظعائن وغير ذلك مما كان يرد عند كثير من الشعراء. وفي الكتاب يستشهد عابدين بكثير من الشعر الحسيِ الذي يهتم بمفاتن المرأة كقيس بن ذريح وأبي نواس إضافة إلى الإمام ابن القيم الدمشقي الذي كتب شعراً في الغزل الحسي والإمام ابن حزم صاحب طوق الحمامة وغيرهم مبرراً لنفسه التوغل في مثل هذه القضايا التي وردت في شعر ما قبل الاسلام.
يخلط الباحث في دراسته بين الشرح والتفسير اللغوي للكلمات وتوصيف المعلقات الشعرية وبين المعنى الرئيس للعنوان وذلك من خلال تعرضه للشعراء كالأعشى والنابغة الذبياني وعلقم الفحل مشيراً إلى التشابه في الوصف بين أولئك الشعراء دون أن يدخل فيعمق الحالة النفسية والاجتماعية والبيئية التي تلعب دوراً هاماً في التشابه ما يجعل المتلقي أمام حالة شك بمقدرة أولئك لشعراء على الإبداع.
ويعتبر الباحث أن العصر العثماني يوجد فيه من الشعر ما يستحق لذكر إلا أن العصر الحديث شهد وصفاً غزلياً فيه كثير من لشفافية والجمال معتبراً أن أحمد شوقي قدم صفات مختلفة عما أيناه في كل زمان ومكان عبر تاريخ الشعر العربي كما في قوله:
أبي وروحي الناعمات الغيدا الباسمات عن اليتيم نضيدا
اللاعبات على النسيم غدائرا الرائعات مع النسيم قدودا
ويذكر الشاعر أن هناك شعراء ظلوا منشغلين بالصورة التقليدية لمرأة الجميلة حيث استخدموا المواصفات ذاتها التي استخدمها عراء العصر الجاهلي دون أن يتأثروا بالحداثة وبالمتغيرات لاجتماعية التي من المفترض أن تظهر في الألفاظ التي يستخدمها لشعراء كقول جميل الرصافي.
وبيضاء أغناها عن الحلي ثغرها بصمتين من در مضيئين في الثغر
ينفلت المنهج النقدي من الدارس فلم يكمل قصيدة جميل الرصافي تلمس ما فيها من رؤى ابداع مبتكر واعتمد على المقدمات لمتشابهة التي تخدم طرحه.
ارتكز نزار عابدين على أسلوب التحقيق والشرح مستنداً على بعض لمراجع والمعاجم دون أن يحلل ويقرأ بعض المعاني التي وصلت إلى رجة الإبداع والابتكار في كثير من الأبيات الشعرية التي جاوزت المألوف وخرجت عن إطار التشابه إلى حد يقترب فيه الكتاب ن الأطروحة الجامعية.
يذكر أن الكتاب من منشورات اتحاد الكتاب العرب يقع في 282 صفحة ن القطع الكبير.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر