المؤرّخ ميشالْ فينوكْ يشرّح كتابات فلوبير
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

المؤرّخ ميشالْ فينوكْ يشرّح كتابات فلوبير

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - المؤرّخ ميشالْ فينوكْ يشرّح كتابات فلوبير

الرباط - وكالات

في كتابه، الصادر يوم 7 مارس 2013 عن دار غاليمار، بعنوان «فلوبير»، يؤكّد المؤرخ الفرنسي ميشال فينوكْ الرأي الذي يقول إنّ المؤرّخ حين ينظر إلى الأدب يغني التحليل التاريخي ويعمّقه، من جهة، ويعمّق المقاربة الأدبية من خلال «العيْن» التاريخية والسياسية والاجْتماعية التي ينظر من خلالها للخطاب. بعد تخْصيصه لدراسات هامّة وعميقة عنْ كلّ من فيكتور هيجو ومادامْ دُو ستايْل يعود المؤّرخ فينوكْ إلى الرّوائيّ الفرنسيّ جوستافْ فلوبير في سياق القرن التاسع، والسّياق الفكري والثقافيّ الذي تحكّم في كتابات كلّ من «مدامْ بوفاري» و»سالامبو» و»التربية العاطفيّة». وعلى الرغم من أنّ مختلف روايات فلوبير قد تناولها الدارسون والنقاد بالتحليل والمتابعة، وخُصوصا خلال القرن العشرين، وقلّما تناولها بالتحليل أهْل التاريخ.ومن ثمّ، فإنّ فينوكْ، في حوالي 500 صفحة، منطلقا من سؤال مركزيّ هو: هل كان فلوبير رجل عصره؟ ليس لكونه وُلد في سنة 1821، ولكنْ المقصود ذلك الانتماء الاجتماعي والسياسي والتاريخي بالمعنى العميق للقرن التاسع عشر. ويفسّر الكاتب ذلك بكوْن فلوبير رأى النور في ظلّ حكْم لويس الثامن عشر، وتوفّي تحت حكم جيلْ غريفي، وعاصر صراع الملكية والجمهورية، والصراعات الدولية والثورة الصناعية الخ. ولإعطاء مبررات ونتائج تحليله التاريخي، سيتّخذ الكاتب من رواية «مدامْ بوفاري»، و»رسائل فلوبير» خزّانا دالاّ على كلّ التحوّلات التاريخية والسياسية التي تفاعل معها فلوبير سلبا وإيجابا إلى حدّ التناقض أحيانا، أو على الأقلّ مراجعة مواقفه. والنتيجة هي تقديم مقاربة شاملة لفلوبير الإنسان والأديب المبدع. كما يحلل الكاتب «الجانب الشخصي» عند فلوبير، الذي خرج على ما كانتْ خططته له عائلته البورجوازية لكي ينخرط في مسار جعل منه «أبله العائلة»، على حدّ تعبير جانْ بول سارتر، أيْ جعل منه كاتبا عبقريّا. وفي هذا الصدد يبين المؤلف كيْف أنّ غوستاف فلوبير، وهو ابن طبيب جرّاح شهير، تنكّر لذلك الإرث و»خان» طبقته، مبتعدا عن نمط العيش البرجوازي. ولا يتردد الكاتب في القول إنّ فلوبير عانى في سنوات شبابه الأولى، من أزمة عصبية قويّة، بسبب التناقضات ومختلف أشكال الضغط التي مارستها عليه أسرته. بلْ لقدْ وصل الأمر بأسرته إلى أنْ شكّت في قدراته العقلية، كما يشير المؤلف. غير أنها لمْ تضغط عليه. وهو ما أكّده غوستاف فلوبير لاحقا، أنه كان يحب أسرته كثيرا، لكنه كان في المقابل، لا يريد إطاعة أوامرها والخضوع لرغباتها. وفي ربْط مثير وناجح، يبيّن فينوكْ علاقة الكتابة بالهجرة، بالمعنييْن الاستعاري والحقيقي. اختيار فلوبير للكتابة جعله دائم الترحال بين الأساليب، ومن هنا بالضبط تعتبره مختلف كتب تاريخ الأدب بمثابة «عبقرية في الأسلوب»، وأنه «تخلّى عن حياته من أجل الكتابة، وأنه كان شديد الإخلاص للفنّ. أما ما يتعلق بالهجرة الحقيقية، فإن فلوبير قام برحلة كبيرة إلى الشرق، إلى جانب أسفاره إلى منطقة «لابْروطانْ» الفرنسية أو إلى انجلترا أو إلى جزيرة كورسيكا. ربّما لهذا السبب كانَ فلوبير يردّد عبارة «أنْ يكتبَ المرء معناه أنْ يسيطرعلى العالَم». كان فلوبير، كما يصفه المؤلف، ميّالا لحياة العزلة، لكنه كان يحبّ في الوقت نفسه، جعل الصحراء زاخرة بالسكان عبر إبداعه. وبقدر ما كانَ يبحث عن الألوان في رحلته المشرقية، بقدر ما كان يعود ليستكين إلى جوار والدته، ويكتب ويراسل وينقّح. وينتهي المؤلف إلى القول بأنّ فلوبير بقي طيلة حياته، مثل فرنسا نفسها، تأكله التناقضات. كانت فرنسا تبحث عن نفسها بين نماذج الجمهورية والإمبراطورية والمَلَكية. وكانت حياة فلوبير تخضع لذلك القانون العام، حيث واجه التاريخ من موقع الفنان عندما شعر أنّ الحمقى لا يلعبون الدور الحاسم في الحياة الاجتماعية، ولكن أيضا في الحياة الفكرية.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤرّخ ميشالْ فينوكْ يشرّح كتابات فلوبير المؤرّخ ميشالْ فينوكْ يشرّح كتابات فلوبير



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya