القاهرة - وكالات
ندرج المجموعة الجديدة للإعلامي والشاعر اللبناني محمد غبريس "جرار الضوء" الصادرة حديثًا من أكاديمية الشعر في أبوظبي، بين الشعرية الحالمة والرومانسية المتمردة، فعبر 21 قصيدة، تنوعت موضوعاتها من خلال عناوين القصائد، وهي عبارة عن كلمة واحدة توجز المعاني الكبيرة مثل: ميلاد، كفاك، صحوة، مسودة، قبلة، اشتهاء، قفص، اعتراف، أمي، تسبيح، ربيع، نجمة، حلم، صهوة، رصاص، شهداء، بيروت، نور، احتمال، أبي، ونسيان.
كلها كلمات تخرج من "جرار الضوء" بروح شعرية وثابة ويقظة. ثمة أختفاء من الضوء أو ما يتبقى من ضوء في الجرار، وهي تصبو إلى عتبات الغربة والوطن والجرح والحب. "وجدتك في دمي، مليون ذكرى". ثمة امتزاج بين الكلام المعتاد والنبض الشعري عبر ما يمكن أن نطلق عليه الحكاية في سرد الشعر.
قارة الألم
في قصيدة "صهوة" يذهب الشاعر نحو الجنوب ليصور المعاناة والآلام، "تتأبط شمس الجنوب/ وتحمل غصن الولادة/ قافية/ وعلى شفتيها نشيد الحمائم/ يهدل: ملء الزمن/ كلنا للوطن "فاطمة". يتجسد الجنوب مكاناً للجرح، في فلسطين ولبنان وأي جزء يقع في المعنى الرمزي إلى الجنوب.
وتتكرر فكرة الوطن المستباح في قصائد عديدة، وهي تجربة يعيشها الشاعر بامتلاء، فهو ابن الجنوب، وشاهد عيان على مآسيه، كما هو الحال في قصيدة "رصاص"، هذه المفردة التي اعتاد عليها، ليس هو فقط بل الأطفال ذاتهم الذين يعيشون على قرقعة أزيز الرصاص.
أشلاء وطن
ويتحرر الشاعر من الخوف في قصيدة "شهداء" ويتساءل: إلى متى/ سنظل أسرى الخوف/". وهو يجمع في نظرة قومية إلى أشلاء الوطن العربي سواء كان في المغرب أو اليمن أو العراق أو مدينة كالقدس.
وتعود موضوعة الحرب لتشّكل العمود الفقري لهذه المجموعة كما في قصيدة "بيروت".. "هنا الشهداء يقتطفون/ فجراً/ كلانا فرقتنا الحرب/ ظلماً/ وعاث بنا الهوى الغربي/ عمراً/ وتهنا بعد ذلك". ثمة تشبث بالأرض وتحدي الموت.
وبما أن الشاعر أهدى مجموعته إلى أبيه، "إلى أبي الذي لا يكفّ عن العطاء والصمود"، فـتأتي قصيدة "أبي" لكي تخاطب هذا الكائن الذي يضعف أمامه الأبناء" وحيداً هناك/ يلم/ بداياته وحكاياته/ لا يكف/ عن الصمت والذكريات/ الحزينة/ ويحمل أنشودة الحزن/ في رئتيه/ وأغنية من بقايا المدينة". وهو كمن يرث الحلم من أبيه، يقول في القصيدة ذاتها "كان أبي يحرث البحر/ في مقلتيه/ يشق طريقاً إلى الحلم".
حلم الشاعر
ويبقى الحلم يداعب ذهن الشاعر، وهو يقول في قصيدة "حلم" سأسكب في جرار الضوء/ ذاكرتي/ وأعبر في دفاتر دمعتي/ مسراه/ أممنوع عليّ/ الحب والحلم الملون؟". قصيدته مزيج من الحنين والشجن والذكريات والزمان والمكان، يتحرك فيها الشاعر، ملتقطاً أنفاسه عبر الرحلة الشاقة نحو الحلم.
ويختتم مجموعته "جرار الضوء" بقصيدة "نسيان" وهو يستعيد فيها ذكرى "الدم العابر للكون".
معجم شعري
وتتميز المجموعة عموما برقي في تناول المفردة الشعرية، حيث نهل قاموسة من مجموعة من الروافد وأخذ الكلمات معاني عدة، حملها المعنى الذي يريد، في لغة مسبوكة وخيال جنح الى الحلم، واستمد من المعاش واليوم ومن الوطن والغربة تفاصيل كثيرة.
ولايخفى على القارئ ما يحمله عنوان "جرار الضوء" من ألق وقوة منحت المتن والمدخل بداية شعرية تستوجب الوقوف عندها.
سيرة
سبق صدور مجموعته الشعرية الحالية، مجموعة (نبض الأقحوان) دار الحوار ـ سوريا (2010)، كما لديه كتاب تحت عنوان "قريباً منهم: كيف ينظر المبدع الإماراتي إلى المشهد الثقافي" الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة. وقد شارك الشاعر محمد غبريس في برنامج (أمير الشعراء)، وهو عضو هيئة تحرير مجلة "دبي الثقافية" التي تصدر عن دار الصدى في دبي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر