كاتب مغربي الانفتاح شرط للحداثة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

كاتب مغربي: الانفتاح شرط للحداثة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - كاتب مغربي: الانفتاح شرط للحداثة

مراكش ـ وكالات

صدر للباحث المغربي عبد الفتاح كيليطو كتاب جديد عن دار نشر 'أكت سود' الباريسية يحمل عنوان 'أتكلم جميع اللغات لكن باللغة العربية'، ويتضمن مجموعة مهمة من المقالات والنصوص التي تتناول العلاقة داخل الأدب أو في الحياة اليومية بين اللغة العربية الفصحى والعربية المحكية واللغات الأجنبية. وتعجّ هذه المقالات والنصوص بالتأملات المثيرة، لكن ثمة فكرة رئيسية مفادها أنه يستحيل على الإنسان أن يتحرر من لغته الأم بممارسته للغات أخرى، كما يستحيل عليه أن يكون أحاديّ اللغة وإن كان لا يجيد سوى لغة واحدة. فهناك استحالة مزدوجة قد تبدو إشكالية في ظاهرها، لكنها مصدر غنى ثقافي كبير. تجديد الأدب في القسم الأول من الكتاب يبيّن كيليطو أنه حين نتكلم بلغة أجنبية فإن لغتنا الأم لا تنام إلا بعينٍ واحدة وتبقى بعينها الأخرى حاضرة، سواء من خلال اللكنة أو بلفظ بعض الحروف أو التشييد الفريد للجُمَل. ولذا، حين نقرأ نصاً نكشف بسرعة هوية كاتبه، ويمكننا من دون صعوبة التمييز بين نص كاتب مغربي فرنكفوني وآخر فرنسي، أو بين نص عربي لكاتب مغربي ونص لكاتب مصري. بالمقابل، تمدّ اللغة الأجنبية التي نتقنها لغتنا الأم بعبارات أو مفردات أو صياغات نحوية حين لا تمنح كتّابنا نماذجها الأدبية. وهو ما حصل في القرن التاسع عشر مع الأدب العربي الذي كان منهكاً ومنازعاً قبل أن تنقذه عملية الترجمة التي انطلقت آنذاك وساهمت في تجديده عبر إجباره على استيعاب أجناس أدبية جديدة وتبنّي أشكال كتابية لم تكن معروفة عندنا. ولفهم هذا التلاقح المتبادل، يستشهد كيليطو بالشاعر الألماني غوته الذي يقول 'كل أدب يملّ في النهاية من ذاته إن لم يتم إنعاشه بمشاركة أجنبية'، كما يستحضر جملة أخرى لهذا الشاعر يقول فيها 'الأدب القومي لا يعني شيئاً اليوم. لقد حان وقت الأدب العالمي، وعلى كل واحد منا أن يجهد لتسريع مجيء هذه الحقبة'. وبعبارة أخرى، يقول الباحث إن زمن الأصالة والهوية ولّى ولا بد من التخلي عن هاجس الفرادة لبلوغ الحداثة والانخراط داخل الأدب العالمي، المتعدد بالضرورة. الإغناء بالترجمة وفي القسم الثاني من الكتاب، يشير كيليطو إلى أن مختلف الترجمات التي يحظى بها أي نص أدبي، بما فيها الترجمات غير الدقيقة، تغني هذا النص بشكلٍ أو بآخر، ويقول إن مسؤولية ترجمة أي نص لا تقع فقط على عاتق المترجم، بل أيضاً على عاتق اللغة المستقبلة له، مما يؤدّي إلى مفاعيل معنوية غير موجودة في الأصل. وفي هذا السياق، يذكّرنا كيليطو بأن معظم كتّاب المرحلة الكلاسيكية من تاريخنا كانوا مزدوجي اللغة كابن المقفع وبشار بن برد وأبو نواس والغزالي، وأن الكتّاب الآخرين قرؤوا بنهم الترجمات من الأدب الفارسي أو من الفلسفة الإغريقية، إذ عرف العرب نهضتين، كلاسيكية وحديثة. وفي كليهما تم إلقاء نظرة نقدية على التقليد الأدبي، وكانت الترجمة هي محرّك التجديد. ويبيّن كيليطو في أحد نصوصه أن الرواية العربية الحديثة لم تر النور إلا لوصف أوروبا، متوقفاً بإسهاب عند مثالين هما رواية 'الساق على الساق' للبناني فارس الشدياق ورواية 'حديث عيسى بن هشام' للمصري محمد المويلحي. وفي نص آخر، يشير كيليطو إلى أن العرب لم يهتموا بكتاب المعرّي 'رسالة الغفران' إلا حين اعتُبر كأحد المصادر الممكنة لكتاب دانتي 'الكوميديا الإلهية'. وتمسُّك العرب به يعكس، في نظر الباحث، رغبتهم في إظهار ما تدين به الثقافة الأوروبية للثقافة العربية، وهي رغبة نابعة من شعور العرب بفضلهم الكبير على أوروبا. ويتناول الباحث كتاب المغربي عبد الجليل الحجمري 'صورة المغرب في الأدب الفرنسي' ليبيّن ازدواجية موقفنا من أدب المستعمِر الذي يبدو كريهاً وساحراً في آن واحد. ويقول إن خطاب المستعمِر يترجم حقيقته الذاتية وأحكامه المسبقة، ولكن أين تكمن الحقيقة الموضوعية؟ وما هي صورتنا الحقيقية؟ وهل نحن الذين نملكها؟ فلا يحق لنا ادعاء معرفة حقيقة ماضينا لكوننا على مسافة بعيدة من أسلافنا، ولاختلاف نظرتنا عن نظرتهم، حسب قوله. وفي القسم الأخير من كتابه، يتوقف كيليطو عند بعض وجوه الأدب المغاربي الفرنكفوني مثل عبد الكبير الخطيبي الذي رغب منذ الصغر في أن يكون 'غريباً محترفاً' دون أن ينكر أصوله، وإدمون عمران المالح الذي يرى كيليطو في روايته 'ألف عام بيوم واحد' نشيداً للبداوة والترحّل ويشبّه بطلها بعوليس من حيث إن ابتعاده عن وطنه كان يقوده إلى قرابة حميمية مع ذاته، وعبد الوهاب مؤدّب الذي يسرد في روايته 'فانتيزيا' قصة تيه في تعرّجات باريس وفي متاهة ذاكرة مشحونة بالصور والمراجع الأدبية.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كاتب مغربي الانفتاح شرط للحداثة كاتب مغربي الانفتاح شرط للحداثة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya