إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

إسماعيل غزالي و"بستان الغزال المرقط"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - إسماعيل غزالي و

بيروت ـ وكالات

في مجموعته القصصية "بستان الغزال المرقط" التي صدرت عن دار أبي رقراق بالرباط في 266 صفحة من القطع المتوسط، يعلن الكاتب الشاب إسماعيل غزالي عن موهبة واعدة قادمة بقوة إلى عالم السرد المغربي. ويعد إسماعيل غزالي ابن القرية الأمازيغية الصغيرة "امريرت" في قلب الأطلس المتوسط، سليل الحيوية الملفتة التي تعرفها الكتابة السردية وأساسا القصصية في المغرب، والتي أنجبت في السنوات الأخيرة قائمة طويلة من شباب القصة والرواية الذين وطّنوا قيمتهم الإبداعية في المحافل النقدية ولدى أشهر دور النشر المشرقية. وتضم "بستان الغزال المرقط" أربع مجموعات قصصية هي "عسل اللقالق" و"لعبة مفترق الطرق" و"منامات شجرة الفايكينغ" و"الحديقة اليابانية". فهي فضاءات متنوعة وأساليب سرد مختلفة، لكن قاسمها المشترك انتماؤها إلى عالم فانتازي يقفز على العلاقات السببية بين الأشياء ويعيد ترتيب العالم بعين الدهشة الصافية التي تنهل من تخوم ذاكرة الطفولة وأسرار الجغرافيا الملغزة وأسطورة الأعالي الأطلسية التي ينحدر منها الكاتب. فضاء طفولي فالطفولة القروية مادة لا تنضب لمعين السرد عند إسماعيل غزالي، وهي توفر ببعدها الزمني مسوغا ذهنيا لصنع عوالم سحرية في الذاكرة، حيث تتضبب التخوم بين الواقع والخيال في وعي المبدع والقارئ، وتلتبس الحدود بين الحلم واليقظة. إنها فانتازيا تصنع الدهشة ولكن ليس بانفصال بارد عن الواقع، إنما بمراودته وتلوينه بحواشي تخييليه غاية في الجرأة الإبداعية. يكشف غزالي عن طاقة هائلة في التلاعب بالعناصر والأشياء داخل فضاء يصبح مجرد ملعب لحركة رشيقة أبطالها عرائس رهن إشارة إستراتيجيات سردية غير متوقعة يبدع في تنويعها الكاتب الشاب الذي تتزاوج عنده فضيلة الإمعان الفانتازي مع النضج الملفت في هندسة النص وبناء واقع حكائي صلب لمصداقية الحركة والموقف المقترحين. وبسلاسة "غير منطقية" يستدعي الكاتب أجواء طفولته في ربى قريته الصغيرة الأطلسية امريرت حتى وهو في حضن المدينة الكبيرة. فالفراشات التي يراها على فستان المرأة لا تلبث أن تحلق في الربى مرتع الصبا. ذاكرة ملونة تحضه على طرح السؤال في مطلع قصته "ولع الفراشات": "ماذا لو أن الفراشات المتواشجة في فستان المرأة التي تمشي الهوينى أمامي في الشارع الفارع اندلعت فجأة لتندلق في كل جهات المدينة؟ يا ما اقترفت أصابع يدي المشينة اصطياد شقيقات لها على الربى والتلال في القرية الصغيرة التي بددت فيها أيامي الأولى في حب العالم" (ص 11). ولا يستدعي إسماعيل غزالي مشاهد القرية وفضاءاتها بسردية بدائية أو توصيف مشهدي بارد، إنما يجعلها مسرحا نابضا بحياة لها عنفوان المشاعر الدافئة والرغبات الكامنة والعلاقات الخطرة. فحيوية التخيل تحرك الجماد وتستنطق حياته الباطنية، على غرار قصة "عزلة التراكتورات البلشفية" حيث يتحدث غزالي عن جرار (تراكتور) أمسى "مضطلعا بأكثر من محمدة رغم ما عدده بعض الحصادين والمزارعين من مثالبه لأنه حرمهم من عملهم الموسمي. وهكذا انصرف إلى قضاء مآرب أخرى غير الحرث والحصاد وتجشم عناء حمل المرضى في أحلك الليالي إلى مستوصف المدينة البعيدة وإسعاف الملدوغين من عقارب وأفاع..." (ص 24). إنه الجرار الذي يصفه "بالكائن الأحمر الودود". وبالانتقال من مجموعة "عسل اللقالق" إلى باقي المجاميع الأربعة، ينوع إسماعيل غزالي موضوعاته وزوايا مقاربته وحتى زمن الرؤية الذي يتقدم نحو حكمة ونضج أكبر، متخففا من عدسة طفولته، إلا تلك الدهشة الصاعقة والقراءة البكر للمشهد والتي تظل الفاعل الموجه في حبك حيله السردية التي تبلغ ذروتها في "لعبة مفترق الطرق" وتصنع خلفية الاكتشاف المفجر لنسج القصة في نصوصه المكتوبة مديحا للدانمارك في "منامات شجرة الفايكينغ". وضعت "بستان الغزال المرقط" إسماعيل غزالي في طليعة التجارب الجديدة في المتن القصصي المغربي، وخولته اعترافا أدبيا ثمينا من شيخ القصة المغربية أحمد بوزفور، الذي لم يتردد في وصف هذه المجموعة القصصية بأنها "كتاب نادر في متن القصة المغربية الحديثة أتوقع أن يحدث نشره هزة فاتنة في سطح القصة وأعماق القصاصين"، ويضيف بوزفور في تقديمه للكتاب أنه "ديوان حافل بالمتعة الجمالية الخالصة، كأنه لا ينتمي الى الأدب بل إلى الموسيقى، ذلك الفن الذي تسعى إلى بلوغه كل الفنون". جدير بالذكر أن إسماعيل غزالي سيوقع بمناسبة المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء (29 مارس/آذار إلى 7 أبريل/نيسان) روايته الأولى الصادرة عن دار العين القاهرية بعنوان "موسم صيد الزنجور".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 09:34 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

تنظيم الدورة الثالثة لدوري أنزا لركوب الموج

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 14:01 2017 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

5 أسرار طبيعية للحصول على رموش جذابة و كثيفة

GMT 03:34 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

اطلاق أشغال مجمع الفردوس السكني في خريبكة

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

"البحث عن الإلهام على انستغرام" أبرز أفكار تنظيم الخزانة

GMT 17:08 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

مباي نيانج يرفض فكرة الرحيل عن فريق "ميلان" الإيطالي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya