ها هو اليتيم بعين الله رواية إيرانية عن النبي محمد ص
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

"ها هو اليتيم بعين الله" رواية إيرانية عن النبي محمد (ص)

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

الكويت ـ وكالات

يقوم أي عملٍ روائي على أربعة أركان: الحدث، والشخصية، والزمان، والمكان.وعلى ضوء هذه الأركان الأربعة وشبكتها العلائقية يمكن تناول العمل الروائي بالنقد مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الأركان تتراوح فيما بينها توهجاً وإشعاعاً، مما قد يجعل احداها ركيزة رئيسية يقوم عليها أساس العمل كله، ومن ثم تتسلسل بقية الأركان تتابعياً حسب قوة الحضور ووثوق العروة.وقد ميز الرواية المعنية "ها هو اليتيم بعين الله" توازي ركنين أساسيين على مستوى الأهمية، وهما الحدث والشخصية، فجاء من بعدهما الزمان، وأما المكان فلكون الرواية تاريخية فقد جاء بطبيعة الحال مقيَّداً بوقائع ما جاء في كتب التاريخ من أمكنة جرت عليها أحداث الرواية، وهذا لا يعيب العمل أبداً. ترتبت سردية الرواية بنسق مموسق بين المستويات الثلاثة (الحدث، الزمان، الشخصية)، مما أضفى على العمل هالة تتوهج فيها امكانية التأويل لتحول القضية الرئيسية للرواية (صراع ذرية عبد المطلب مع قريش) الى رمزٍ يسكن فيما وراء النص. 1 – الزمان: على مستوى الزمان، بدا التداخل واضحاً كزيّ يميز القالب السردي، فبالرغم من تتابع أحداث الرواية كخرز المسبحة، الا أن لحظات الحلم، والتذكر والاسترجاع، التي كانت تمر بها بين الفينة والأخرى شخصيات الرواية كانت تمزج الأزمنة ببعضها البعض، ليتوقف الزمن الحاضر عند لحظة معينة تسترجع فيها احدى الشخصيات ذكرى زمنٍ ماضٍ، أو تستبصر رؤيا من رؤى المنامات كمثل ما كان يجري مع شخصية (عبد المطلب)، ومن ثم يرجع تتابع الأحداث مرة أخرى وقد تخلل حاضره لحظة ماضٍ، أو رؤيا لمستقبل. 2- الحدث والشخصية: أما على مستوى الحدث والشخصية، فيمكن لأي ناقد وبكل ثقة استطلاع بؤرة النص من خلال المزاوجة بين حدثين رئيسيين تقوم عليهما أحمال الرواية كلها. تبدأ الرواية بحدث مهم، وهو بحث عبدالمطلب سيد قريش وسادن الكعبة عن بئر زمزم محاولا انهاء أزمة قحط وعطش مرت بها مكة وأهلها، تراوده الرؤيا لأيام أربعة، فيبدأ وابنه الحارث بعملية البحث ومن ثم الحفر، فتتكالب عليه كبار قريش ورؤساء بطونها وفتيانها، فهم على علم تام برمزية هذه البئر كسلطة تكفل لصاحبها (من يجدها) السيادة على أهل مكة قاطبة، فتعرقل عمل عبدالمطلب وابنه، وبين الشد والجذب والنزاع المستمر، يبحث القوم عن حكم لهذا النزاع، وفي سبيل ذلك يسافرون الى يثرب في طلب الحكم، وفي الطريق يحل عليهم العذاب على شكل تيهٍ في طريق يثرب القاحل، فلا يخلصهم من هذا العذاب الا رجاحة عقل عبدالمطلب وحكمته وتقواه (منزلته عند الله)، فيكتفون بما رأوه من انذار ويرجعون الى مكة وقد ردّوا السلطة والسيادة مسلِّمين الى صاحبها عبدالمطلب. بعد أن يجد عبدالمطلب البئر، يلتفت الى ما ابتلي به من عداوات يضرمها القوم له، فيدرك أنها جاءت نتيجة لكونه بلا ذرية كثيرة تكفل له الحماية، فيطلب من ربه ذرية كثيرة ناذراً أحد ابنائه للذبح، فيستجيب الله له ويعفيه من ذبح أحد ابنائه بعد افتداءه بمائةٍ من الابل. تنتقل بؤرة الصراع من الشخصية الرئيسية الأولى (عبدالمطلب) لتصل الى (عبدالله) الذي يقضي نحبه مبكراً في رحلته الى الشام، ومن عبدالله تنزاح البؤرة مرة أخرى الى الشخصية الرئيسية الأخرى (محمد - ص)، لتختلف الشخصيات ظاهراً وتتحد رمزاً، فالصراع (الحدث) واحد، فصراع عبدالمطلب مع قومه هو بذاته صراع عبدالله وصراع محمد، مما يجمع الشخصيات الرئيسية هذه في قالب رمزي واحد.. فما هو؟ وما هي دلالته؟ يبدأ الصراع مع الحدث الأول (حفر البئر) وينتهي ظاهراً ببعثة النبي محمد (ص) في ختام الرواية، ولاستخلاص ما وراء النص (التأويل) يتحتم على الناقد اتباع منهجية مناسبة للقراءة، وقد اخترت منهجية (رومان جاكوبسون) التي تتناول العناصر من خلال المحورين الأفقي (التتابعي) والرأسي (التبادلي)، فكيف جاء التأويل؟ تعليق، أما ما هو مميز فيأتي عند ترتيب الأحداث ترتيباً رأسياً (تبادلياً)، فالحدث الأول (البحث عن البئر)، يوازي الحدث الأخير (بعثة النبي صلى الله عليه وسلم)، والشخصية الأولى في الحدث الأول (عبدالمطلب)، توازي الشخصية الأولى في الحدث الأخير (النبي محمد)، وعليه يتمكن لنا القول بأن الصراع الأول يوازي ما لم يذكره الراوي من صراع سيكون بعد البعثة! بيد أن الواضح هو أن الصراع كان دوماً حول (الزعامة) و(السيادة) .. أي ما يمكن التعبير عنه وفقاً لمصطلحات العقيدة الاسلامية (خاتم الولاية) .. فمشكلة القوم مع عبدالمطلب ومحمد (ص)، هو اختلاف مفهوم الولاية لدى الجانبين، فهم يرون الولاية بالوجاهة الاجتماعية أو الثروة المادية أو كثرة الأبناء، في حين أن الولي (عبدالمطلب) أو (محمد)، يرى أن الولاية تتحقق في عدالة الشخص وعلمه وايمانه.. وهو ما كان يتأكد للقوم في ساعات البلاء، حيث كانوا دوماً يبحثون عن الأعلم والأحكم لحل مشكلة ما، أو الأعدل لحل نزاع ما، كما جرى في قضية هدم واعادة بناء الكعبة، ووضع الحجر الأسود في موضعه، أو الأكثر ايماناً واتصالاً بالله، لإيصال رسائل السماء لهم، فيلجأون اذ ذاك الى عبدالمطلب أو محمد (ص). في علاقة وطيدة بين الرمز والمرموز، يتوازى زمزم مع فكرة الولاية، ويستعرض الكاتب (رضا سرشار) هذه القضية (محل صراع العرب منذ الأزل الى اليوم) بأسلوب تلألأ بنعومة مفرداته، وفاض بشعرية لغته، ولولا براعة المترجم (د. بتول مشكين فام) لما وصل الينا هذا العمل محتفظا ببكارة الايحائية التي وسمته، فبراعة المترجم تجعل القاريء يظن بأن النص قد كتب بلسان عربي مبين! إذاً فزمزم هي الولاية، وعبدالمطلب هو الولي، والقوم هم هم.. اولئك الذين ينازعون محمد (ص) أو (ذريّته) حول زمزم (الولاية)، وما انتهاء الرواية بحدث البعثة إلا نقطة الاشعاع التأويلي التي يستخلص منها القارئ ما سيجري بعد ذلك من صراع.. كتبه الكاتب البارع بأسلوب.. ايّاك أعني واسمعي يا جارة! 3- الراوي: أحد أبرز العناصر التي وسمت النص بهالة التميز هو الراوي، الذي امتزج فيه الراوي (العليم) ذاك الذي يتحدث بضمير الغائب متوغلاً بأسرار الشخصيات، والذي كان يطل بين الحين والآخر ممسكاً بزمام السرد، بذاك الراوي (المصاحب) الذي لعبت دوره شخصيات الرواية والتي كان كلامها يتلألأ بين غمازتين (قوسين)، كأنها تلك الشخصيات التي كانت تروي أحاديث النبي في كتب الحديث والتاريخ الاسلامي، ولعلي لا أبالغ ان قلت بأنني لم أرصد هذا الأسلوب لأول مرةٍ في الأدب العربي والاسلامي الحديث، فهو أسلوبٌ أصيل يذكرني بألف ليلة وليلة وغيرها من أدبيات المسلمين القديمة، الا أنني لم أرصده حديثاً الا في هذا العمل الجميل، فالرواة هنا يتأبطون بعضهم بعضاً! فراوٍ يروي، وفي روايته راوٍ آخر يروي، وفي روايته آخر أيضاً يروي! ثم تعود دفة السرد الى الراوي الأول (العليم)، فيتحول العمل الى عنقود سردي تستبطن الأحاديث فيه بعضها بعضاً، بأسلوب واثقٍ من صنع الكاتب الفذ، يضرب فيه المثل على امكانية تقديم الحداثة مع الحفاظ على أصالة الشكل مما يكفل للعمل الابداعية بامتياز. يذكر أن الكاتب الإيراني محمد رضا سرشار، تمّ تعريبها بقلم الدكتورة بتول مشكين فام وحصلت الترجمة على جائزة كتاب السنة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2012 وهذه الرواية تسرد سيرة حياة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسلوب روائي حديث.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ها هو اليتيم بعين الله رواية إيرانية عن النبي محمد ص ها هو اليتيم بعين الله رواية إيرانية عن النبي محمد ص



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya