رُخصة إقامة للمُسلمين هرْولةُ النّصِّ وراء المعرفة والتهامْها
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

"رُخصة إقامة للمُسلمين" هرْولةُ النّصِّ وراء المعرفة والتهامْها

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

القاهرة ـ وكالات

.. من هُنا تقريبًا يضيء النصُّ..  .. «تُوهمنا الأحداث دائمًا أنها تبدأ مع أنها بادئة منذ زمن».. هكذا يبدأ نصُّ «رُخصة إقامة للمسلمين» للكاتب تامر عبد الحميد الصادر عن دار «روافد» في مطلع عام 2013.. وبداية الحدث الروائي هنا تنم، لا عن اختراع صاحب النص له، بل عن تتبع مسارات وجوده منذ زمن، والحدث هنا يبدأ بفعل الوهْم، لذا فالنصُّ يكشف خطته منذ البداية ويقدم لنا نفسه باعتباره تجْديفًا في وهْم، والتجديفُ في الوهم قد يؤدي إلى عَدَمٍ أو إلى تكويمات من المعرفة، التي تغري بتحويش المزيد منها وتكديسه تلالا فوق بعضها، فالمعرفة، في ظن من يتتبع النّصّ، هي الوهْم نفسه، الذي ينادي صاحبَهُ ولا يترك له من نفسه شيئًا، كمَن ندَهته ندّاهة.. والجُملة الافتتاحية للنص تُرينا زمنًا يُولَدُ، مع الاعتراف بأن الأحداث أصلا موجودة أو مولودة، وما على صاحب النص إلا التتبع من أجل الكشف أو الاكتشاف أو الاستكشاف.. والكشف والاكتشاف والاستكشاف معانٍ قريبة متكاملة بتشابكها، تُمكّنك من الحصول على نتائج تقول عليها «وهْما» وأنت مُرتاح الضمير إنها «حقيقة».. والكَشْفُ يتطلب رحلة، كأنك في صحراء مفتوحة من جهاتها اللانهائية، ومن يَكْشِف يُحاول إزالة ما يُغطَّى، وكلما كُشفت لك الأسرارُ كلما اقتربتَ من الغيب/ العلم.. أما الاكتشاف فيأتيك بالبحث والتنقيب، وهو أمر، في ظن من يتتبع النص الروائي المولود، ذاتيٌّ، بمعنى أن اكتشاف الخارج يُولد من التشبع بفهم الداخل/ الذات، لذا فنصُّ «رخصة إقامة للمسلمين» يبدو للمتتبع في محاولة دائمة، لا لسرْد سيرة ذاتية، لأن سيرة النص أصلا موجودة ومعروفة، بل لنحت هذه السيرة في حروف كأنها شخوص، شخوصٌ نورانية وأخرى غير ذلك، ويتطلب الأمر إذن اختراع مكان أو أماكن، قد تبدو مرآة للأماكن التي اعتدتَها أنت أيها المتتبع الزميل، وكأننا أمام عالم غيبي يوازي ما لديك من حضور.. يقول النصّ «يُحكى فيما لا يُحكى»، وذلك اتساقًا مع مبدأ الوهْم، وكأننا أمام صدى لسيرة الذات في مكان ما، معلوم أو مجهول، لا يهم، فالمهم ما حجم المعرفة التي ستدخل المعادلة؟ وما حجم الحقائق أو أشباه الحقائق التي ستؤول إلينا بعد النص؟.. منطقٌ تجاريٌّ بعض الشيء، لكن سيرة ذات النص لا تخلو من تجارة، ولا تفلس من الخربشات في وجه الغموض ليفك غموضه.. وينتقل النصُّ بجدية نحو المعرفة بالتساؤل مرة، مثل: «لماذا تشبه أعمدة رمي الجمرات المسلات الفرعونية؟»، وبالرصد أخرى، كسَرْدٍ دقيق جريء للحظات تنفيذ أقصى عقوبة للوجود الإنساني، القصاص، وثالثة عبر التقاط صور لمرحلة تاريخية بإنشاد مطالع أغنياتها: «عظيمة يا مصر.. مصريتنا وطنيتنا.. يا أحلى اسم في الوجود».. ورابعة عن طريق الخاطرة الخاطفة بذكر شخصية نورانية مثل «مرتضى» الذي نقل عنه النص ما يأتي: «عندما أتركه لا أذكره، وعندما أجالسه لا أرى سواه، انتهى وجوده منذ خمسة أعوام ولا أحد الآن يذكره، رأيته في حلم فوصفته رجلا عجوزا صامتا جاء من لا مكان وبصحبته جدي الأول، يرتديان ملابس الإحرام ويحملان حجرا أبيض، وضعاه على الأرض فاسودَّ، ثم قالا معا: (اسودَّ من أعمال العباد، هنا يبني بيتا يغتسل فيه أناس من ذنوبهم ثم يعود منهم كثيرٌ للمعاصي)».. «مرتضى» هو المعرفة المستقبلية التي لم نصل إليها بعد.. والنسيان غذاء المعرفة.. وللنسيان صفات حميدة، حيث يسمح بضم معلومات جديدة إلى الذاكرة وتفريغ مساحة كان يشغلها من يغيبون تباعا، وهذا يبرر هوس ذات النص بطلب المزيد من الأصدقاء/ المعرفة، لالتهامه وملء ما فرغ من القلب والذاكرة.. معادلة بسيطة لمدخلات ومخرجات لهذه اللعبة المسماة بـ«الحياة». ..«وما العاديّون منكم ببعيد».. والعاديون ليس بالضرورة أن يكونوا عكس النورانيين، فالأصداء الأخيرة لنهاية النص، تظهر حالة أخرى من النوارنية، رغم ما ترويه عن عاديين، عاديين جدا، لكن عند التحام العاديّ بالعاديّ تولد طاقة جديدة، غامضة وظاهرة، وقد تبدو العلاقات بين البشر الموجودين والبشر الموجودين كأنها حكي للصغار لكنها مع الوقت تولد جوا عاما بماورائيات المعرفة وماورائيات الوجود.. وقد يكون متتبع النصّ رأى أن يجمع في الفقرة التالية، الأخيرة، حالة كلية لنورانية النص، ليست حالة كل شخصية على حدة في جزيرة معزولة، وإنما تشابك كثيف للعلاقات بين الإنسان والإنسان.. كأن يزفر النص في خواتيمه ما يلي:  «أراد عبد العزيز.. نواف حكى لي.. مروان والمزيني كانا صديقين.. مروان كان دائما يشكو.. كنا شلة ضخمة.. كنت مع نواف ذات يوم.. مروان بدأ الرقص بحماس.. كنا قد اندمجنا في اللهو.. مات عبد الرحمن.. جمال ابن عم سعد.. جمال يحب سارة.. لا يُصدر جمال صوتا عندما يضحك.. فوزي هو ذلك المجنون الذي طاردني.. فوزي صار أهدأ.. عبده لم يكن يحب اللغات.. بقالة جمال مازال اسمها "الثورة".. عبد الرحمن من جيل مختلف.. عبده كان يبكي وحده كثيرا.. عبده كان النهر الجاري وجمال الجبل الصلد.. لا وجه للمقارنة بين سامح وعمرو.. فرق كبير بين أحمد وصلاح.. هشام هو حاصل جمع أحمد وصلاح.. صلاح هو ملاذنا الدائم.. صلاح كان ماهرًا في كرة القدم.. هشام مريض بالسكر كصلاح.. هشام وأحمد لم يتشاجرا أبدًا.. صلاح وأحمد وهشام عود وأوتار وريشة.. ماجد نسي أنه فلسطيني.. رائد لم يكن يعلم أنه من نسل العابر الفلسطيني.. كنت الوحيد الذي أخبره رائد عن هلاوسه.. العصافير المهاجرة تجمع في رؤوسها آلاف الصور والخرائط.. تظل الصور عالقة بخلاياها.. لها فائدة تعرفها العصافير بالغريزة.. وأعرفها الآن بالحاجة..»  

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رُخصة إقامة للمُسلمين هرْولةُ النّصِّ وراء المعرفة والتهامْها رُخصة إقامة للمُسلمين هرْولةُ النّصِّ وراء المعرفة والتهامْها



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya