مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي يصدر غوته ونابليون في لقاء تاريخي
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي يصدر "غوته ونابليون في لقاء تاريخي"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي يصدر

أبوظى ـ وكالات

كتاب "غوته ونابليون.. لقاء تاريخي" صدر سنة 2008 وأعيدت طباعته خمس مرات في غضون سنتين، وحظي بقدر كبير من الاهتمام والتحليل والمتابعة، أما مؤلّفه غوستاف سايبت فهو من مواليد مدينة ميونيخ عام 1959. شكّل اللقاء التاريخيّ المهم الذي وقع في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1808 في مدينة إيرفورت عاصمة ولاية تورينغن في ألمانيا بين شاعر الألمان الكبير يوهان فولفجانج فون غوته (1749-1832)، وإمبراطور فرنسا نابليون بونابرت (1769-1821) نقطة انطلاق سايبت لتأليف كتابه هذا، فقد ظل هذا اللقاء يشكل نقطة جاذبة يتمحور حولها الدارسون في ألمانيا وفرنسا ويناقشونها من زوايا متعددة، ويبحثون دلالاتها، و يقرأون تأثير ذلك اللقاء في شخصية غوته وكتاباته الشعرية والنثرية، لكن ما دونّه السياسي الفرنسي المثير للجدل تاليران (1754-1838) عن لقاء غوته بنابليون، شكل نقطة انطلاق سايبت لتأليف هذا الكتاب ولإعادة تأمل هذه اللحظة من منظور نقدي فاحص. لقد ظلّ تداول فحوى هذا اللقاء التاريخي يتمّ على نحو شفاهي، وشرع كثير من أدباء الألمان يتحدّثون عنه في رسائلهم ومدوناتهم. لم يكن غوستاف سايبت إذن، أوّل من تناول هذا اللقاء بالدرس، لكنّه أول من يعيد، في القرن الحادي والعشرين، تناوله من منظور نقدي مستأنف لا يقتصر على لحظات اللقاء، بقدر ما يسعى إلى تبيان ما يسميه الدارسون الألمان روح العصر، وما شهده من تيارات فكرية وسياسية، لهذا لا يكتفي سايبت بقراءة ما دوّنه غوته والآخرون عن اللقاء، بل يشرع برسم الصورة العسكرية التي انتهت بانتصار الفرنسيين في 14 /15 من أكتوبر/تشرين الأول عام 1806، حين خسرت بروسيا معركة يينا - أويرشتيت في مواجهة جيش نابليون، وغدت هرتسوغية زاكسن – فايمار - آيزناخ ومقرّها الحكومي على وشك الانهيار. وتلا ذلك اختلال الأوضاع واضطراب الأحوال في فايمار حيث كان غوته يعمل مستشاراً في بلاط الهيرتسوغ كارل أوغست منذ عام 1775 ويتولى إدارة الفرقة المسرحيّة فيها ويشرف على الحلقات والمناظرات العلمية التي كانت تعقد في رحاب جامعة يينا التي غدت في تلك الحقبة واحدة من أشهر الجامعات الألمانيّة ومنطلقاً للفلسفة المثالية الألمانية، فضلاً عن أنّ الجامعة أسهمت في عقد صداقة العمر بين غوته والشاعر الألماني الكبير فريدريش شيللر (1759-1804). لهذا كان سايبت على صواب عندما وصف حياة غوته في فايمار بأنها كانت حياة بلاطية – أكاديمية. وقد تجمّع في هرتسوغية فايمار فلاسفة وأدباء آخرون أسهموا في بناء حركة فكرية خصبة من أمثال فيلاند (1733-1813) وهيردر (1744-1803) وشيللر (1759-1805)، أما في يينا التابعة لفايمار فقد كان يعيش كل من فيخته (1762-1814) وهيغل (1770-1830) وشيللينج (1775-1854) والأخوين شليجل (1767-1845) وهم فلاسفة وأدباء أثروْا الفكر الإنساني عموماً وأسهموا في تشكيل تيارات أدبية وفكرية وفلسفية عمّت أرجاء القارة الأوروبية، ولهذا فإن أهمية هذا الكتاب تكمن في إيضاحه لهذا السياق الفكري والأدبي الذي كان غوته الأديب والسياسي يتحرك فيه. بدأ سايبت بتتبع تأثير الهزيمة العسكرية على حياة غوته الشخصية متتبعاً تحولاتها من الدائرة الصغرى إلى الدائرة الأوسع. التقى غوته بنابليون على مائدة الإفطار، وقد وصف سايبت تفصيلات اللقاء ابتداء بالمكان وما فيه من عناصر ترتبط بحياة غوته وذكرياته، مروراً بالشخصيات التي حضرت اللقاء أو أجزاء منه. يثبت سايبت نص الحوار الذي دار بين الرجلين كما دوّنه أو أملاه غوته في وقت لاحق، ويقوم بتحليل جمله على نحو تفصيلي ثم يسعى لقراءة دلالاته الإجمالية من خلال قراءة عميقة لا تكتفي بالنص بل تسعى لقراءة سياقاته الثقافية والسياسية المختلفة التي كثر الحديث عنها في مصادر شتى، ومن وجهات نظر متباينة. يوضح سايبت أنّ ديوان غوته الشهير "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي" الذي ترجمه إلى العربية عبدالرحمن بدوي وأعاد عبدالغفار مكاوي ترجمته، يمثل الأجواء والمناخات لما بعد النابوليونية، ويبين أن قصيدة "هجرة" التي كتبها غوته بحروف لاتينية تمثل هذه الرغبة في الهروب إلى آفاق معرفية بعيداً عن أزمة اللحظة المعاصرة في أوروبا، لكن علاقة غوته بنابليون التي حضرت في مسرحية غوته الخالدة "فاوست" بقيت علاقة معقدة، ففي حين بدأ غوته يميل بالتدريج إلى إدانة السياسة النابليونية التي أدت إلى تخريب السلام في أوروبا والعالم، ظل غوته محباً لشخصية نابليون، يتحدث عن عبقريتها ويذهب في ذلك مذاهب غير عقلانية. وقف هذا الكتاب ـ الصادر عن مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ونقله للعربية عن الألمانية د. خليل الشيخ ـ عند هذه اللحظة الشديدة التركيب والتعقيد في التاريخ الأدبي والسياسي والعسكري على الصعيد الأوروبي ليعيد تأملها، وهي لحظة جعلت الكثيرين، في الماضي، يقفون من غوته موقفاً سلبياً يصل حد الإدانة. كان سايبت حريصاً على مناقشة اللقاء التاريخي بعيداً عن أيّ تعصب إيديولوجي أو انحياز وطني وظلّ يحلل هذا اللقاء بأفق ثقافي واسع يعي طبيعة التعقيد في الحياة الإنسانية ويرفض الحديّة في الحكم وأحادية النظرة، فتراه يستسلم للسرد المفعم بشعرية غوته، لكنه سرعان ما يعود إلى الناقد الصارم المسلح بالمعرفة والقدرة على إدراك طبيعة اللحظة وما يكتنفها من تعقيد. وكتابه هذا يقدّم مثالاً ناضجاً للكيفية التي تتم فيها إعادة تناول مسألة إشكالية، أي علاقة المثقف بالسلطة عموماً وبالسلطة الغازية تحديداً من منظور نقدي كاشف، واسع الإلمام بالمصادر الأصلية والدراسات الثانوية، يفيد من منهج تضافر المعارف في بناء دراسة تتسم بالمنهجية والدقة.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي يصدر غوته ونابليون في لقاء تاريخي مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي يصدر غوته ونابليون في لقاء تاريخي



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 03:25 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بدران يؤكّد أن "الكاكا" تخفض مستوى الدهون في الدم

GMT 09:31 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

استراتيجيات تخفيف الفساد

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

نجاة أحمد شوبير من حادث سيارة

GMT 00:11 2018 الأحد ,15 إبريل / نيسان

اغتصاب فتاة "صماء" وحملها في الدار البيضاء

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 18:30 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

جمهور الكوكب المراكشي يطالب بإبعاد عاطيفي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya