طاهر الزهراني غراب وعالمان من البؤس
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

طاهر الزهراني غراب وعالمان من البؤس

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - طاهر الزهراني غراب وعالمان من البؤس

الرياض - المغرب اليوم

يكتب الروائي السعودي طاهر الزهراني في عمله الذي حمل عنوانا هو (اطفال السبيل) بمزيج من الواقعية والرمزية عن عالم يختلط فيه الفقر والتعاسة ويقيم مفارقة بين غراب يسعى الى التعالي وبين هذا العالم الذي يغوص في بؤسهوقد كتب الناشر عن هذا العالم وهو منطقة "السبيل" فقال "كيف يبدو "السبيل" من فوق ؟ ينظر الغراب اولا وهو يفتش عن جيفة ما فيرى "السبيل" بدقائقه وتفاصيله ويصفه لنا. ثم في رحلة السقوط (الموت) كذلك. وما بين صعود الغراب وسقوطه يروي لنا المؤلف قصة حياته في السبيل منذ طفولته الى بلوغه وقصة حبه الفاشل وآماله وخيباته.الرابط بين رؤية الغراب وصعوده وسقوطه و"السبيل" وقصة حياة الراوي يفصح عنه المؤلف في نهاية روايته فيقول : "اما السبيل فهو مكان للخردة الخردة التي تجتاح كل مكان بواطن الدور وظواهرها. الخردة تمثل حقيقة حالنا خيباتنا وآمالنا الصدئة." يضيف في استرجاع الى افكار وآراء في الانسان وتطوره منذ صغره "يولد الطفل بريئا (ملاكا) ثم يكبر فلا يعود للبياض معنى فالطهر والجمال والحب والبراءة كلمات كنا نعيها عندما كنا ملائكة ويصعب ان نتحلى بالطهر ونحن على الارض.. انا بشر مشوه بالكبر والشهوة يرجو العروج ويتخبط في الطين."وقد جاءت الرواية في 156 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن دار (رياض الريس للكتب والنشر) في بيروت. لا شجرة لها او الهاربة من بيت ملعون عقوبة التسعة اشهر اذا لم تجهض مبكرا."في السبيل تجد في كل حين مولودا في بؤرة او برميل زبالة او عند عتبة بيت او امام مسجد او عند ثلاجات مياه السبيل الموزعة في الشوارع ثم يجدون صدورا حانية ولبن امهات لا ينقطع. "السبيل يعج بالاطفال بيض وسمر وسود اطفال عراة غرل يزرعون المكان شقاء وضحكات لا يركضون الا في نحر الظهيرة يشربون من مياه السبل ويتبولون في الطرقات ينسبون الى الامهات ولعنات تلحق بالاب الآبق."يتحدث الكاتب عن المعاناة والفقر واليتم ونمو الاطفال في ظل كل ذلك وبلوغهم المراهقة حيث تتلقف بعضهم ايدي نساء. تبدأ الرواية بفصل عنوانه "تحليق" وفيه تصوير للاجواء والظروف. يقول طاهر الزهراني "الغراب الاعصم الذي ألقيت في رأسه الرعونة بعد الطوفان ينفض جناحيه النتنين في كوة يعلوها الغبار في قصر خزام المهجور يطوف فوق سماء جدة كعادته كل صباح تأسره التفاصيل.. تفاصيل المدينة الموبوءة الشوارع القذرة مياه المجاري الطافحة الاحياء الشعبية المهملة."ورغم بؤس المدينة الا انها تؤوي النازحين من القرى والباحثين عن الرزق والكثير من القادمين الذين خلعوا ارديتهم البيضاء بعد زيارة الاماكن المقدسة وقرروا المكوث في المدينة التي تكتنف الجميع. اعراب من الصحراء. هنود سمر. افارقة سود. فطس من جاوة. لحى من بخارى ..."وتحت عنوان "الهاث" قال طاهر الزهراني "بيوتنا المتحاشرة تعج بالخطايا ونحن نمارس التلون في الطرقات ندعي الطهر ونردد مع المآذن ونقف في الصفوف لنفكر في اقرب الطرق للرذيلة. كل يوم يمر علي اكره البشر وعفونتهم وفي نفس الوقت أغرق في الخطايا والعهر تغتالني الصور وتسيطر علي الشهوة..." ويكتب المؤلف برمزية تبدو غامضة احيانا على رغم وضوح الفكرة العامة التي يريد ايصالها. يختتم روايته بفصل حمل عنوانا هو "سقوط" تحدث فيه عن رحلة الطيران الاخيرة للغراب. وقد بدا ان هناك سقوطا مزدوجا سقوط الغراب الذي حاول التعالي ورفع نفسه وسقوط اخر تحته هو سقوط ذلك المجتمع الذي وصفه الكاتب. انه صراع بين عالمين يكاد الانسان يعجز عن ان يقول ايهما اشد نتانة.. انه صراع بين عالمين بائسين.. هذا العالم وعالم الغربان.قال "يسري الطاعون في المدينة الموبوءة ينخر ادمغة الناس واجسادهم فينزفون فوق الاردية البيضاء حتى الموت. الغربان الواجمة بسبب الشمس الملتهبة لا تدري ان البشر يكيدون لها كيدا. الغراب الاعصم كان يتربص بصندوقة ناجي عله ان ينال فرخا وهو على يقين انه لن يؤتى الا من طرف ناجي لذا اكتفى بالتربص من بعد لينعم بالامان ولكن الرصاصة التي نفذت منه ونتفت بعض الريش قررت امرا آخر."طار عاليا! اتجه نحو القصر المهجور قاصدا الكوة القديمة بدأ يشعر بان هناك ألما يخترقه كان الدم يلوث المكان لقد اصيب... لم يصدق انه سيموت...انه سيموت في مقتبل العمر والسواد. اراد ان يستقر في اعلى مكان في المنطقة ولكنه لم يجد الا البيوت المتحاشرة والخردة التي تملأ الاسطح. الاسطح التي تعج بكل شيء خردة حبال غسيل حنفيات صدئة تقطر هوائيات عتيقة. "يعبر فوق حارة المظلوم حيث القذارة والانقاض والعفن حيث التاريخ المهمل والبشر المشردون والغرف المستباحة... يطير يطير يخترق العنان يصبح نقطة صغيرة سوداء في سماء الله... ثم تتوقف المضغة السوداء في داخل النبض ويتوقف كل شيء. يصبح كومة من الريش الاسود يتقلب بين السماء والارض عين واحدة مفتوحة عين واحدة بدأت تلتقط المشهد الاخير."ويمضي بما يجعلنا نتساءل هل هو موت عالم واحد ام موت عالمين اثنين.يقول "يرى البر والمستنقعات الاسنة وركام النفايات الذي يملأ ظاهر المدينة.. يرى البحر والشواطىء القذرة والجرذان التي استحلت المدينة... وفي بحيرة الطين سقط... لقد مات ونزع منه الموت ريشته العصماء فارقته دون ان يسجل علامة فارقة في سجل الموت لقد مات غرابا مثل آلاف الغربان التعيسة مات بغير ميزة ريشته المنزوعة من السواد تعلو وتهبط مع الموج ستبقى في هذه البحيرة الراكدة الملوثة بقذارة البشر..."

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طاهر الزهراني غراب وعالمان من البؤس طاهر الزهراني غراب وعالمان من البؤس



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 02:07 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"ذا أوبيروي بيتش ريزورت"يدعو ضيوفه للاستمتاع بموسم الأعياد

GMT 04:24 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

روسيا تواصل حصد الذهب في بطولة أوروبا للجمباز

GMT 18:46 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

خمسة كواكب داعمة خلال الشهر

GMT 10:10 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

بدوي يؤكّد استعداد مصر لطرح السيارات الكهربائية

GMT 04:11 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

أهمّ وأجمل المَعالِم والوجهات السياحية في ساوثهامبتون

GMT 21:38 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

الرجاء يؤهل نناح ونغا لخوض الديربي
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya