كتاب خالد للريحاني في طبعة إنكليزية جديدة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

"كتاب خالد" للريحاني في طبعة إنكليزية جديدة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

لندن ـ وكالات

بعد احتفال مكتبة الكونغرس العام الماضي بمرور مائة سنة على صدور 'كتاب خالد' للكاتب اللبناني وأحد أبرز وجوه النهضة العربية، أمين الريحاني (١٨٧٦ ـ ١٩٤٠)، أقدمت دار 'نيفيرسينك لايبريري' في نيويورك منذ فترة قصيرة على إصدار طبعة جديدة من هذا الكتاب. ويُعتبر 'كتاب خالد' أول رواية لكاتب عربي باللغة الإنجليزية (1911) وتتجلّى فيها أبرز أفكار الريحاني، وتشكل بالتالي خير مفتاح لولوج أعماله الأدبية الأخرى وفهم مشروعه الكتابي ككُل. والقصة التي يسردها الريحاني في هذا النص تتعلق بالفتى 'خالد' من مدينة بعلبك اللبنانية، الذي يهرب من منزله خوفا من العقاب الذي كان ينتظره على يد والده بسبب تمرّده على مدرّسه وتحطيمه تمثالا للعذراء، فيستقر في قلعة بعلبك الأثرية ويعمل حمّارا لفترة، مما يسمح له بجمع بعض المال واستبدال جمل بحماره، ثم فرس بالجمل، قبل أن يبيع الفرس ويسافر بثمنها إلى نيويورك برفقة صديقه شكيب. ولدى وصولهما إلى هذه المدينة -بعد أسابيع من السفر المنهِك- يعمل الصديقان كبائعين جوّالين لكسب عيشهما قبل أن يفترق خالد عن شكيب لاعتباره تجارتهما عملية خداع للناس، فيتحوّل إلى بوهيمي يمضي وقته في القراءة والكتابة، ثم في اختبار الحب، ضمن سعي ثابت خلف الحقيقة يدفعه بعد ذلك إلى النشاط في ميدان السياسة. لكن بسرعة يكتشف فساد السياسيين ويفضحه، فيتآمر هؤلاء عليه ويرمونه في السجن. وخلال أيام حبسه القصيرة، يمضي خالد وقته في التأمّل ويستخلص درس أميركا الأول: 'مع الحرية يكمن الفساد، ومع العدل يكمن الظلم، ومع التفاؤل يكمن التشاؤم'. ومع أنه لن يحكم سلبيا على هذا البلد الذي يتمتّع، في نظره، بمحاسن كثيرة، إلى جانب مساوئه، إلا أن التشاؤم والحنين إلى بعلبك يغلبان عليه، فيقرر مع شكيب العودة إلى لبنان دون أن يحسب حسابا لما ينتظره من مشاكل هناك. وفور وصوله إلى وطنه الأم يواجه نظرة اللبنانيين إليه كشخصٍ 'متأمرِك' -كما يبدو- بسبب تسامحه الديني، في صراع مع كهنة الكنيسة المارونية الذين كانوا متشدّدين آنذاك فيمنعون زواجه من ابنة عمه نجمة التي أحبها منذ الطفولة، ويلقون عليه الحرم الكنسي ويتّهمونه بالإلحاد، فيعيش فترة تنسّك في أحضان الطبيعة في أعالي جبل لبنان قبل أن يدخل في صراع آخر مع الأمبرطورية العثمانية. يقوده هذا الصراع إلى إلقاء المحاضرات والخطب في الساحات والجوامع وإلى قيادة مظاهرات من أجل استقلال العرب، فيُلاحق ويُسجن لكنه يتمكّن من الفرار في الصحراء مع شكيب ونجمة وابنها وامرأة أميركية تنتمي إلى الطائفة البهائية، قبل أن يتوارى في نهاية المطاف. وتشدّنا هذه الرواية بالأبعاد الكثيرة التي تتمتّع بها. فثمة أولا بُعد السيرة الذاتية فيها الذي يتجلى في تطابُق معظم تفاصيل حياة خالد مع تفاصيل حياة الريحاني، كما نستشفّ بسرعة بُعدا مسارّيا لتصوير الرواية مختلف مراحل تطوّر خالد الفكري والسياسي والروحي، وبالتالي لمتابعتنا فيها عملية نضجه التدريجية انطلاقا من التجارب الحياتية الكثيرة التي يعبرها. لكن النصّ يتحلى خصوصا ببُعد سيكولوجي لانحسار الحبكة المعتمدة فيه لصالح توسّعٍ مسهب في تحليل شخصية خالد التي نكتشفها من خلال مصادر مختلفة: كتاب خالد الذي يكتشفه الناشر الراوي في المكتبة الخديوية بالقاهرة ويستشهد من حينٍ إلى آخر به، ورسائل خالد إلى صديقه شكيب التي نقرأ مقاطع طويلة من بعضها، وأيضا مداخلات شكيب الشفهية أو المخطوط الذي يروي فيه قصة صديقه ويلجأ الراوي إليه أحيانا، إلى جانب ملاحظات هذا الأخير وعملية سرده لحياة خالد التي لا تخلو من الطرافة والسخرية. ولا نخطئ إذا قلنا إن الرواية تنتمي أيضا وبشكلٍ ما إلى أدب الرحلة نظرا إلى وصف الريحاني المسهب والجميل فيها لسفر خالد وشكيب من بيروت إلى نيويورك، مرورا بمرسيليا، ولتسكع خالد في شوارع نيويورك وأحيائها، ثم في أرجاء الطبيعة في جبل لبنان، قبل توجّهه إلى دمشق، بدون أن ننسى رحلة فراره إلى الصحراء. ويعالج الريحاني في روايته مواضيع رئيسية ثلاثة تفسّر تقسيمه لها إلى ثلاثة أجزاء: موضوع الإنسان الذي يشكّل مركز اهتمامه الأول وموضوع الطبيعة التي يعثر فيها على عجائب لا تُحصى وتشكّل مصدر إعجاب ووحي لا ينضب له، وموضوع الله الذي يؤمن به ويعمد إلى تمييزه عن أي ديانة. لكن حقل تأملاته لا ينحصر في هذه المواضيع، بل يتجاوزها لينال جوانب اجتماعية مختلفة، كمسألتي الهجرة والعمل، وطبيعة بعض العواطف البشرية، كالحب والحنين، ومفهوم الشخصية. وفي هذا السياق، يستحضر مراجع غربية وشرقية غزيرة وأقوالاً لفلاسفة وأدباء وشعراء مستخدما لغةً بسيطة ومجرّدة من أي مصطلح تقني، ومستعينا في توجّهه إلى قارئه بقلبه بقدر استعانته بذهنه الوقّاد. لكن قيمة هذا النص تكمن خصوصا في النظرة الموضوعية التي يلقيها الريحاني على أميركا وشرقنا، وبالتالي في محاولة توفيقه بين الثقافة والقيَم الغربية والثقافة والقيَم العربية. وهو هاجسٌ ينعكس في معظم كتاباته وكتابات غيره من المهاجرين العرب الأوائل، مثل جبران خليل جبران الذي يحضر في هذه الرواية من خلال رسوم تتصدر أجزاءها الثلاثة.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب خالد للريحاني في طبعة إنكليزية جديدة كتاب خالد للريحاني في طبعة إنكليزية جديدة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 19:11 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الميزان

GMT 11:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل عطور "جيفنشي" للمرأة الباحثة عن إطلالة ساحرة

GMT 01:26 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"المتحف"يقترح شهادة فنية على تراث مغربي غني

GMT 06:35 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر نفط عُمان يرتفع الى 71.14 دولار الخميس

GMT 10:54 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامي أسامة منير يقدم نصائح للشباب عن فترة "الخطوبة"

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

تعرف على أهم مراكز التزلج في لبنان

GMT 17:15 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

رجاء بني ملال يهزم الماص في عقر داره بهدفين

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أشرف حكيمي يلامس المجد على أرض مصر
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya