دمشق - سانا
قصص قصيرة جداً في مجموعة بعنوان أقواس للأديبة سمية البوغافرية تميزت بحالات إنسانية متنوعة نسجت بأسلوب مكثف يحمل كثيراً من التجديد في الصورة الشعرية المبتكرة والتي تدل على وجود موهبة أدبية تتقن الكاتبة من خلالها فن القصة القصيرة جداً.
تحذر الكاتبة النساء من مغبة الخداع الذي يمكن أن يتعرضن له إذا أمن لأي رجل كان معتبرةً أن بعض الرجال يمكن أن يغدروا في أي وقت عندما يكون الظرف ملائماً ولاسيما أن هذا النوع من الرجال نما على ظاهرة الغدر والخيانة وينظر للنساء على أنهن فريسة وغاية كما جاء في قصة منفضة والتي تعرضت خلالها المرأة للغدر من رجل اعتبرته ملجأها الآمن عبر سنين طويلة.
وتمزج البوغافرية كثيراً من الجماليات في ومضة قصصية واحدة تجسد خلالها القيمة الإنسانية ومدى أهمية المشاعر السامية التي يبديها الإنسان عندما يرى منظراً مؤثراً يدل على البؤس والحزن والألم لأن هذه المشاعر لها دور في تنمية العلاقات الإنسانية وتقوية الروابط الاجتماعية بين البشر وقصة بكاء نموذج لذلك لأن منظر الوردة التي جرفتها السيول بعد أن كانت قبل قليل تغازل الشمس وقوس قزح أصبحت ممزقة.
وتدعو الأديبة السورية لسلوك صحيح يتبعه الإنسان حتى تأتي نتائج اجتماعية إيجابية لأن السلوك السيئ يصنع مجتمعاً سلبياً قوامه الفسق والفجور حيث استخدمت في قصة الصرخة العظيمة الدخان الأسود الذي سبب مطراً مسموماً سقط على الأرض فأنبت زرعاً يضر بأهلها وأشواكاً مخضبة بالدم حتى صرخت الأرض.. الرحمة.
وتقاوم الكاتبة ظواهر الظلم عبر استخدام فني رفيع المستوى للقص فتبتكر الرموز الدالة على فداحة الظلم وقباحة القتل لتنسجها في عباراتها كما جاء في قصة نهر الدم الذي التفت يميناً ويساراً يبحث عن منبعه ومصبه فرأى بجواره ظلاً يشير إلى تفجير أنهار أخرى فتآلفت الأنهار وصارت غيمة ثم هطلت قنابل على رؤوس الظلال.
وتطالب البوغافرية الناس بعدم التدخل بالأشياء المجهولة لأنها قد تعطي نتائج مؤذية في معظم الأحيان فالمجهول كثيراً ما يخفي وراء ستاره أشياء متناقضة منها ما يسر ومنها ما يؤذي فالمرأة في قصة أخذ وعطاء التي أودعت عينيها لحظات في عين الشمس كادت تسقط أرضاً لأن الشمس خطفت بصرها للحظات.
وتبين الأديبة السورية من خلال قصة تحدي أن الإنسان الذي يتمتع بصفات معينة وينمو على إنسانيته تصبح هذه الصفات منهجاً متجذراً في حياته لا يمكن أبداً أن ينفصل عنها حتى ولو خسر أشياء من أعضاء جسده سيبقى كما هو ولا تفارقه صفاته ولا يفارقه تكوينه الإنساني.
وهناك في مجموعة أقواس قصص تؤدي إلى حالات فلسفية نسجتها الكاتبة بشكل منطقي يؤدي إلى نتائج متناقضة تدفع الإنسان للبحث عن الحقيقة إذا ما كان أمام وقائع مربكة تثير في داخله الشك وقصة الحقيقة التي جعلت التلميذ بسبب الآراء المختلفة حول مكان شروق الشمس يبحث في الغرب ليتأكد في ما إذا كانت الشمس تشرق أو تغرب من هذا المكان.
وترى الكاتبة في قصة عباءة الغير أن الإنسان ستكشف عيوبه مهما أخفاها ومهما حاول أن يسترها لأن الحقيقة سوف تظهر شاء من شاء وأبى من أبى عندما سقطت دون أن يقصد صاحبها كشفت ما تخفي تحتها من عيوب حيث جاءت القصة بشكل مؤثر وفيها كثير من التحذير عبر صورة العباءة وما يخفى خلفها.
وفي المجموعة حالات فنية مررت من خلالها القاصة قضايا التقطتها من الحياة الاجتماعية وصاغتها بأسلوب فني حديث يدفع بمكانة القصة القصيرة جداً إلى الأمام ويعمل بشكل جدي على انتزاع الاعتراف بها واحترام حضورها.
يذكر أن مجموعة أقواس القصصية من منشورات دار التكوين تقع في 103 صفحات من القطع الكبير.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر