الرباط – المغرب اليوم
صدر حديثا، الرواية الثانية للكاتب إبراهيم حريري، تحت عنوان "محجوبة" عن دار "أفريقيا الشرق" بالدار البيضاء.
والرواية تقع في 165 صفحة من القطع المتوسط، وتبني عالمها في مرحلة ممتدة من مغرب الحماية إلى ما بعد الاستقلال، حيث يرسم المؤلف مصائر شخصياته ضمن خلفية تاريخية حفظتها النصوص المدونة والإرث الشفاهي.
وتحكي الرواية بقلم عائشة ابنة المحجوب قصة علاقة الحب التي جمعت والديها، المحجوب ومحجوبة، ومساراتها الدرامية في سياق سياسي مختلف، طبعه تسلط "قياد" مستبدين في مناطق مختلفة من المملكة، تحت رعاية المستعمر الفرنسي.
هي مغامرة تفتح خزائن الذاكرة المأساوية لزوجين عانى كل منهما ويلات النهب والتنكيل من قبل مستبدين؛ استباحوا الأعراض والممتلكات وتجبروا على الخلائق إرضاء لنزوات مريضة.
وإذ تنبري ابنتهما عائشة لكتابة القصة، في لحظة يحددها الكاتب بنهاية السبعينيات، فإن الرواية كما لو تلمح إلى زمن التحرر من ربقة الصمت وتصفية الحساب مع أعطاب الماضي من أجل المصالحة مع الذات أولا.
بلغة سردية بسيطة وسلسلة، تتكئ على معرفة دقيقة بالعوالم الاجتماعية والثقافية والطقوسية في منطقة الشياظمة، فضاء الأحداث، تقتفي الرواية مأساة "محجوبة"، سليلة الأسرة النبيلة التي شهدت في طفولتها "تتريك" ممتلكات والدها على يد "القايد أحمد"، لتكبر فيها المأساة عقدة ولعنة ذهبت بعقلها وعكرت صفو حياتها، التي شاركها فيها "المحجوب"، الرجل الذي وجد في العمل الوطني ملاذا يشبع رغبته في المساهمة في طي صفحة الظلم والاستبداد.
ويلخص المقطع الذي يرد على غلاف الرواية هذا المسار السردي: "هكذا كان يناجي المحجوب محبوبته. دائم البحث عن أثرها. أنى وجدها عارية يدثرها. وفي رحلة التيه، كان يوصل رسائل الوطنيين، وحيثما مر يسمع عن مقتل أحد الجنود الفرنسيين أو أحد أعوانهم. هيأة 'الهبيل' التي صار عليها جعلته مسخرة مجالس القايد ومطلب الوطنيين لترصيص صفوفهم وطرد فرنسا وأذنابها، ليستعيد ما اغتصب منه ومن زوجته. أما هو فينتمي لزمن السموأل وفاء، لزمن العذريين ولها، لزمن محجوبة فقط، ولا يطلب إلا عودتها، والبقية لا تهم".
بنضج سردي أكبر وقدرة على الجمع بين المتخيل والتاريخ، يطرح إبراهيم حريري روايته الثانية معززا تجربته الأدبية التي بدأت مع رواية "شامة أو شتريت" التي صدرت عام 2013 عن نفس الدار. وهو فضلا عن ذلك كاتب مقالات سياسية وباحث في التاريخ المعاصر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر