بيروت - المغرب اليوم
يعيش العاملون في قطاع الصنوبر في لبنان حالة من الترقب والانتظار، في انتظار نتائج الدراسات التي تقوم بها منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (الفاو)، للوقوف على أسباب تدني الانتاج إلى مستويات غير معهودة من قبل، وتوقعات بانعدام المواسم اذا ما استمر الحال على ما هو عليه، ذلك أنه يمكن للمزارعين أن يرصدوا ثلاثة مواسم، فشجرة الصنوبر تحمل إلى ثمارها الناضجة (الأكواز) بواكير موسمين آخرين، فتكون ثمة ثمار أصغر بحجم ثمرة المشمش للعام التالي، وأخرى صغيرة بحجم "حبة حمص" للعام الذي يليه، ومن هنا مقولة أبناء المتن بأن "الصنوبر بشوف خيُّو لتلات سنين".
حتى الآن ليس ثمة ما هو واضح حيال ظاهرة تراجع الانتاج، وما إذا كانت ناجمة عن تبدلات في المناخ ما بين طقس شديد الحرارة أو شديد البرودة، أو عن أمراض غير معروفة إلى الآن، وما هو مؤكد في هذا المجال – حسب الخبيرة في مجال الانتاج الزراعي الدكتورة ديانا أبي سعيد أن "ما يواجه الصنوبر لا يقتصر على لبنان فحسب، وإنما يطاول دول حوض البحر الابيض المتوسط"، ولفتت إلى أنه من "السابق لأوانه تحديد الأسباب التي أثرت على المواسم للعام الثاني على التوالي والمتوقع استمرارها"، وأشارت إلى أنه "من المرجح أن تكون اجتمعت عوامل عدة ساهمت في إضعاف قدرة الشجر على الاثمار".
أما المشكلة الأبرز فتبقى متمثلة بالنتائج الاقتصادية والاجتماعية على العاملين في قطاع الصنوبر، وهم يمثلون – تبعا لاحصائيات بأكثر من خمسين ألف عائلة موزعة بين المتنين (الاعلى والشمالي)، عاليه، الشوف، جزين ومناطق عدة من لبنان.
وعلم "غدي نيوز" أن وزير الزراعة أكرم شهيب طلب من الجهات المختصة إعداد دراسات حيال ما يواجه هذا القطاع، ووعد المزارعين بوضع امكانيات الوزارة في تصرفهم بعد تحديد أسباب المرض لمكافحته أو اعتماد طرق معينة لحماية هذه الثروة".
وأشار رئيس "نقابة مزارعي وعمال الصنوبر في لبنان" فخري المصري إلى أن "هذه الظاهرة بدأت على نطاق خفيف العام الماضي، لكنها تطورت كثيرا هذه السنة"، وتوقع أن "تكون نتائجها كارثية في الأعوام المقبلة". وقال: "نتحرك كنقابة ونطالب سائر الجهات المعنية المساعدة لمعرفة ما اذا كان الامر مرتبط بعوامل طبيعية أم انه ناجم عن امراض معينة لا عهد لنا بها من قبل".
ولفت المصري الى "اننا قمنا مؤخرا بجولات ميدانية على الاحراج شملت قرى وبلدات: زندوقة، القصيبة، رأس المتن، دير الحرف، قرنايل وصليما (المتن الأعلى) ورافقنا فيها النائب السابق أيمن شقير وعدد من المهندسين من مختبرات الفنار، الجامعة الاميركية وجامعة الكسليك للوقوف على ما هو قائم واجراء دراسات مخبرية".وأضاف أن "وزير الزراعة ابدى بدوره اهتماما وطلب من المهندسين وضع تصور بالتعاون معنا كنقابة وعاملين في هذا القطاع، فضلا عن أن الوزارة تابعت وارسلت مهندسين من "الفاو" وقاموا بالكشف على الأشجار ولكن حتى الآن ليس ثمة ما هو واضح في انتظار نتائج الدراسات".
وأشار المصري إلى أن "الانتاج من الصنوبر الابيض الصالح للاستهلاك تراجع السنة الماضية نحو 40 بالمئة، والموسم الحالي تراجع ما بين 60 و 70 بالمئة وهي كارثة علينا كمزاعين، فقد كنا ننتج كمعدل وسطي الف طن في السنة فيما لن يتجاوز الـ 500 طن، والموسم القادم سيتراجع أكثر"، وأكد أن "هذه المشكلة ستكون لها تبعات كبيرة على المزارعين وعلى الاقتصاد كون هذا القطاع يعتبر أيضا ركيزة اساسية على مستوى الاقتصاد الوطني".
ولفت إلى "اننا ننتظر النتائج المخبرية لـ (الفاو) بعد أن علمنا أن المشكلة تواجهها دول عدة، ومنها ايطاليا وتركيا، من أجل أن نعرف نوعية الأدوية للمعالجة"، وأكد أن "هناك تصورا مبدئيا لوضع مراصد خاصة في قرنايل ودير الحرف لمراقبة حركة الرياح والعوامل المناخية، خصوصا وأن ثمار الصنوبر تتلقح من خلال الهواء، فضلا عن وضع مصائد للحشرات".
أما المزارعون فيؤكدون أنها المرة الاولى التي يشهدون فيها مثل هذه الكارثة، وأشار فادي زين الدين إلى "انني أعمل في زراعة الصنوبر منذ أكثر من خمسين سنة ولم يسبق أن شاهدت أشجارا ثمارها قليلة جدا وضامرة".
ولفت زين الدين إلى أنه "يجب أن تشمل المزارعين مساعدات من الدولة على غرار المزارعين الذين تضررت مواسمهم"، لكنه استدرك أن "المطلوب أن تصل المساعدات - في حال أقرت، للعاملين الذي يعتاشون من الاحراج"، لافتا إلى "اننا نضمن الصنوبر من المشاعات والاراضي الوقفية لكننا الاولى بالمساعدات كونها تشكل مصدر رزقنا الاساس".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر