حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ

حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ
جاكرتا - المغرب اليوم

يبدو بأن سكان مدينة بيكانبارو، التي تضم حوالي 900,000 نسمة والتي تعتبر عاصمة اقليم رياو في جزيرة سومطرة في إندونيسيا، قد ضاقوا ذرعاً من الدخان السام الكثيف الذي ابتليت به مدينتهم، والذي يبدو بأن سببه الأساسي هو الحرائق التي يتم إضرامها لإخلاء وتنظيف أراضي مزارع زيت النخيل ، وهذا ما يجعلهم يفكرون ملياً في تركها والانتقال للعيش في أماكن أخرى.

سكان هذه المدينة ليسوا الوحيدين الذين يعانون من هذه المشكلة، فالكثير من الأشخاص الذين يعيشون في جنوب شرق آسيا بدؤوا يعيدون التفكير في المكان الذي يعيشون فيه، فالدخان يجتاح معظم أنحاء المنطقة في كل عام، ويغطي معظم مناطق إندونيسيا وكذلك سنغافورة وماليزيا، وعلى الرغم من أن الأمر كان يتكرر على مدى عقود من الزمن، ولكنه يبدو بأنه أصبح لا يطاق في هذا العام، وذلك بسبب الجفاف الذي زاد سوءاً بعد ظاهرة النينيو المناخية.

دفعت شدة الدخان هذا العام البعض للانتقال للعيش مع أقاربهم، ويحاول بعضهم الآخر تلقي المساعدة من قبل أرباب عملهم للانتقال من المكان الذي يعيشون فيه إلى مكان أفضل قليلاً، في حين أخذ قسم آخر من السكان إجازات طويلة حتى ينجلي الدخان عن المدينة ويعود إليها الهواء النظيف.

مسألة حياة أو موت

قد يكون الخروج من البلدة أو الانتقال بشكل دائم خطوة ذكية، حيث وجدت دراسة تم إجراؤها في عام 2012، بأن التعرض المرتفع للدخان خلال السنوات التي تسود فيها ظاهرة النينو يتسبب بحوالي 15,000 حالة وفاة مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية بين البالغين خلال عام واحد في جنوب شرق آسيا، وما يثير القلق بشكل خاص هو أن الدخان الناتج عن الحرائق المشتعلة التي يتم إضرامها في الأراضي الجافة والذابلة، والتي تمتد جذورها في عمق التربة، يصعب إطفاؤها، وتنتج كميات هائلة من الأدخنة الضارة، أكثر بكثير من حرائق الغابات.

تبعاً لصحيفة (Straits Times) في سنغافورة، فإن بيكانبارو تتلقى حالياً أكثر الأمواج الدخانية كثافة في إندونيسيا، حيث وصل مؤشر معيار تلوث الهواء في بيكانبارو إلى مستويات مذهلة تناهز الـ984 في منتصف شهر أيلول الماضي، علماً بأن القراءات التي تكون ما بين 200-300 تعتبر إشارة إلى أن الهواء في المنطقة غير صحي، وأي قراءة تتجاوز الـ300 تعتبر خطراً على صحة الإنسان، تبعاً لما أشار به أحد الأطباء، لذا فإن القراءات التي تصل إلى مستوى 984 يجب أن يقابلها إجراءات إخلاء فورية، مشيراً إلى أن مثل هذه المستويات يمكن أن تسبب الغثيان، الضعف البدني، وحتى السرطانات على المدى الطويل، وبالفعل فإن العديد من سكان بيكانبارو بدؤوا بالانتقال منها.

أحد الأمثلة ذلك هي (ريا هيلينا براتيوي) وهي أم عزباء قررت الانتقال إلى جاكرتا مع أمها، ولكن من أجل ذلك سيكون عليهما التخلي عن المطعمم المفتوح في الهواء الطلق الذي يمتلكانه، والذي لم يكن على أية حال يستقطب أي زبائن تقريباً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث أن معظم الأشخاص في المدينة اختاروا البقاء في الأماكن المغلقة تفادياً للدخان.

في الوقت الذي يتوجب فيه على (براتيوي) ووالدتها دفع مصاريف انتقالهما بأنفسهم، فقد استطاع بعض السكان المحظوظين الحصول على مساعدة من أرباب عملهم للانتقال، فمثلاً، بدأ بنك اندونيسيا الذي يقع مقره في بونتياناك عاصمة اقليم غرب كاليمانتان، مؤخراً، بإخلاء عائلات موظفيه، وذلك لأن هذه المدينة تقع على جزيرة بورنيو، التي تعتبر إلى جانب سومطرة من أكثر الأماكن التي تشهد نشاطاً كثيفاً في صناعة زيت النخيل، كما حث البنك أيضاً أسر وأطفال العاملين في باليمبانج في سومطرة على نقل منازلهم إلى الطرف الجنوبي من الجزيرة، حيث تعتبر نوعية الهواء هناك أفضل.

تبعاً لـ(ديوي سوسلامانتو) رئيس البنك المركزي في كاليمانتان الغربية، لا يمكن الاعتماد على الجهد البشري لإدارة هذه الكارثة، والأمل الوحيد هو هطول الأمطار، وألا يعاود الأشخاص الذين قاموا بإضرام الحرائق تكرار ما فعلوه في السنوات القادمة.

أثر الدخان على الماء

أثار الدخان بعض التساؤلات عما إذا كانت سنغافورة – التي تقع بجوار سومطرة عبر مضيق ملقا- مكاناً صالحاً للعيش أيضاً، فعلى الرغم من المكانة العالية التي تحتلها في العديد من دراسات العيش، فإنه قد لا يكون بالإمكان حل مشكلة الدخان نظراً لمدى فساد وعدم فعالية الحكومة الأندونيسية، وفي ظل عدم وجود حل في الأفق، يبدو بأن المشكلة ستزداد سوءاً، وهذا لا يبقي في الأفق سوى حل الانتقال إلى مكان بعيد أقل تلوثاً ليستطيع السكان الحفاظ على صحتهم وصحة عائلاتهم دون القلق حول نوعية الهواء الذي يتنفسونه.

بطبيعة الحال، لا يمكن لأي شخص تحمل تكاليف الانتقال إلى الخارج، وخاصة العمال ذوي الدخل المنخفض في المناطق الأكثر تضرراً من اندونيسيا، حيث أشارت إحدى البائعات المتجولات في مدينة بورنيو من بالانجكارايا، بأنه لا بد لها من البقاء في المدينة سواء أحبت ذلك أم لا، فرزقها هنا ولا يمكنها تركه، وهي بحاجة للحفاظ على وظيفتها لدفع الرسوم المدرسية لأطفالها، وذلك على الرغم من الآثار السلبية الكبيرة التي يمكن أن تصيب صحتها جراء العمل في الهواء الطلق.

الجدير بالذكر أن هناك 19 شخصاً على الأقل لاقو حتفهم في إندونيسيا من جراء الدخان، وهناك نصف مليون شخص آخرين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي بسببه، ويعتقد (لويس فيرشو)، وهو عالم في مركز بحوث الغابات الدولية، بأن العدد الفعلي للأشخاص المتضررين من الدخان هو أعلى من ذلك بكثير، فخلال ورشة عمل تم القيام بها في منتصف شهر تشرين الأول، وجد هو وآخرون العديد من الغازات الضارة في الهواء وسط منطقة كاليمانتان في جزيرة بورنيو، بما في ذلك غاز الأوزون وأول أكسيد الكربون والسيانيد والأمونيا والفورمالديهايد وأكسيد النيتريك والميثان.

على الرغم من أن آثار الدخان على صحة الإنسان معروفة وموثقة جيداً -الصداع، الدوخة، التهاب الشعب الهوائية، التعب، الربو، الالتهاب الرئوي، وأمراض القلب والأوعية الدموية- إلّا أن آثار التعرض الطويل المدى، مثل الذي يعاني منه سكان كاليمانتان الوسطى، ما زال مجهولاً، ولكن تبعاً لـ(فيرشو)، نظراً لارتفاع مستويات الغازات السامة التي تم قياسها خلال ورشة العمل، يخشى الباحثون أن آثار حرائق قد تؤدي لحدوث حالات أسوأ بكثير مما كان متوقعاً.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن المسؤولون الإندونيسيون قد وعدوا باتخاذ إجراءات تحد من هذه الأزمة، ولكن مثل هذه الوعود فشلت حتى الآن في تحقيق النتائج سنة بعد أخرى.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ حرائق مزارع النخيل في سومطرة تخلق فئة جديدة من لاجئي المناخ



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 20:21 2016 السبت ,16 تموز / يوليو

حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!

GMT 02:52 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تجهيزات الفنادق لاستقبال موسم العطلات وعيد الميلاد المجيد

GMT 06:40 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

طرق إختيار الزيت المناسب لنوع الشعر

GMT 02:44 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

أسباب اختيار المرأة الخليجية ماسك الذهب

GMT 05:48 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

جان كلود جونكر يرغب في بقاء بريطانيا داخل "اليورو"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya