لقد كان الحديث عن مستقبل الطلب على النفط أمام نمو السيارات الكهربائية في العالم، محور حديث كثير من المسؤولين والتنفيذيين في القطاع، خلال انعقاد كونغرس البترول العالمي في إسطنبول الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، التركي فاتح بيرول، للحضور، إن نسبة السيارات الكهربائية من إجمالي السيارات في العالم حتى العام الماضي بسيطة، ولا تتجاوز 1%، ولكنها ستكون مقلقة في عام 2040، ورغم تلك المخاوف المستقبلية يرى رئيس شركة البترول الكويتية العالمية، بخيت الرشيدي، أن العالم سيستمر في بناء المصافي حتى مع نمو الطلب على السيارات الكهربائية.
وأضاف الرشيدي لـ"الشرق الأوسط"، أن الطاقة التكريرية للمصافي في العالم ستزيد من 97 مليون برميل يوميًا الآن لتصل إلى 110 ملايين برميل يوميًا في عام 2040، وهذا دليل على أن الطلب على النفط سيستمر، وكان رغم تفاؤله حيال المستقبل متوازنًا في حديثه، ولم يقلل من تأثير زيادة إنتاج السيارات الكهربائية على الطلب على الوقود التقليدي، إذ اعترف أنها ستأخذ جزءً من الحصة العالمية للوقود التقليدي لكنها لن تؤدي إلى إنهاء الطلب عليه.
وتابع الرشيدي: "بلا شك فإن السيارات الكهربائية سوف تأكل من حصة الوقود التقليدي، فاليوم يفقد الوقود التقليدي ما يعادل نحو 200 ألف برميل يوميًا من النفط لصالح السيارات الكهربائية، وفي عام 2040 من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 6 ملايين برميل يوميًا".
وزادت المخاوف من الهجمة الشرسة للسيارات الكهربائية بشكل كبير هذا الشهر، حيث أعلنت فرنسا عن وقفها مبيعات السيارات العادية التي تعمل بالبنزين والديزل، ابتداءً من عام 2040 فيما تخطط شركة "فولفو" لوقف إنتاج السيارات العادية والتحول للسيارات الكهربائية بالكامل تدريجيًا، وتسعى لبيع مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2025.
وتوقعت مؤسسة "بلومبيرغ" لتمويل الطاقة المتجددة التابعة لوكالة بلومبيرغ، في دراسة مطلع هذا الشهر الجاري، أن يبلغ عدد السيارات الكهربائية المستخدمة في العالم نحو 530 مليون سيارة بحلول عام 2040، مع تحسن تقنية بطاريات الليثيوم، وسيشكل هذا الرقم نحو ثلث إجمالي السيارات في العالم، فيما سيتبقى الثلثان لصالح السيارات العادية.
مستقبل المصافي
وتعد شركة البترول الكويتية العالمية، إحدى الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية، وتعتبر الذراع الاستثمارية للمؤسسة في المصافي خارجيًا، بينما تقوم شركة "البترول الوطنية الكويتية" بإدارة المصافي محليًا، وتمتلك الشركة التي يديرها الرشيدي منذ عام 2013 مصافي في أوروبا وفيتنام وقريبًا في عمان، وتسعى للدخول في أسواق آسيوية كثيرة مثل الصين والهند وإندونيسيا والفلبين، وتدير الكثير من محطات الوقود في أوروبا تحت علامة "Q8" التجارية.
ويرى الرشيدي أن هوامش ربحية التكرير ستظل قوية خلال الأعوام المقبلة، وهذا ما يشجع على الاستثمار في المصافي، لا سيما من قبله شركته التي لديها خطة طموحة لرفع طاقتها التكريرية خارج الكويت إلى 1.3 مليون برميل يوميًا في الأعوام بعد عام 2030، وستبقى الهوامش الربحية عالية خلال الأعوام الستة أو السبعة المقبلة، وقد تبدأ الهوامش الربحية في الهبوط في الأعوام بعد 2024، نظرًا لوجود احتمالية تخمة في الطاقة التكريرية للمصافي.
ولكن ما الذي سيبقى الهوامش الربحية للتكرير عالية وصحية حتى عام 2024؟ لدى الرشيدي الإجابة على ذلك، وهو نمو الطلب على المنتجات الخفيفة من قبل القطاع البحري وقطاع النقل الجوي، وسيبدأ الطلب ينمو بقوة من قطاع النقل البحري في عام 2020 حتى 2024، وذلك بسبب الاشتراطات الجديدة لنوع الوقود المستخدم في السفن، وستفرض المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تقوم بتنظيم حركة الملاحة البحرية، سقفًا على الانبعاثات الصادرة من السفن بدءً من عام 2020، من خلال استبدال زيت الوقود الثقيل في السفن بأنواع وقود أكثر ملائمة للبيئة مثل الديزل.
ورغم أن العالم سيزيد الطاقة التكريرية بنحو 13 مليون برميل يوميًا حتى 2040، إلا أن العالم سيشهد كذلك إغلاق كثير من المصافي أعمالها؛ نظرًا للكثير من الظروف الاقتصادية والتشريعية المختلفة، وسيشهد العالم خروج نحو 6.5 مليون برميل يوميًا من الطاقة التكريرية للمصافي في الأعوام العشرين المقبلة، وهذا أمر واضح وطبيعي كما يقول الرشيدي، وأعطي مثالًا بدولته الكويت، التي أقفلت هذا العام مصفاة "الشعيبة"، أقدم مصفاة في الكويت، التي كانت طاقتها التكريرية 200 ألف برميل يوميًا.
وأوضح الرشيدي، أن شركته تخطط لأن يصبح في مقدورها خلال 5 أعوام تكرير 800 ألف برميل يوميًا خارج الكويت، بما في ذلك مصفاة قيد الإنشاء في فيتنام، كما ترغب الشركة في زيادة قدراتها التكريرية إلى ما يصل إلى 1.3 مليون برميل يوميًا من عام 2030، مشيرًا إلى أن الخام الكويتي سيشغل حصة 65 في المائة على الأقل من أعمال التكرير الخاصة بالشركة خارج الكويت في تلك الخطط.
توسعات في الإنتاج
وحتى تتمكن الكويت من زيادة عدد المصافي خارجيًا فإنها تخطط لرفع قدراتها من الإنتاج النفطي فوق مستوى 4.75 مليون برميل يوميًا، بدءً من عام 2030، وفقًا لما أكده الرشيدي، وتبلغ القدرة الإنتاجية للكويت، عضو منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، حاليًا 3.15 مليون برميل يوميًا، ولكنها تخطط لرفع قدرتها الإنتاجية إلى مستوى 4 ملايين برميل يوميًا في 2020، وذلك حتى عام 2030.
وأبرز الرشيدي أن شركة "البترول الكويتية"، وهي الشركة المسؤولة عن إنتاج النفط في البلاد، تدرس زيادة القدرة الإنتاجية إلى 4.75 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2040، مشيرًا إلى أن "هذا يعد أحد الأهداف؛ لكنه لم يتم إقراره بعد... لكننا بالقطع سنتجاوز 4 ملايين برميل من عام 2030"، ومن أجل بلوغ هذا الهدف، فإن الشركة تدرس وتبحث حاليًا خطط للتوسعات في الصين والهند وفيتنام والفلبين وإندونيسيا، حيث يقول: "نرى نموًا في هذه الدول، ولذلك نخطط للذهاب إلى هناك".
وأشار الرشيدي إلى أن شركته لديها اتفاق مبدئي مع "بتروفيتنام" لمضاعفة طاقة المصفاة هناك لتصل إلى 400 ألف برميل يوميًا ابتداءً من 2025، موضحًا أن الخطط التوسعية تشمل كذلك إقامة مجمع بتروكيماويات؛ لأن "المستقبل في الصناعة سيكون للمصافي الكبيرة التي تشمل مجمعات بتروكيماوية ملحقة بها".
وتعمل البترول الكويتية العالمية حاليًا على بناء مصفاة الدقم في عمان بالمناصفة مع شركة "عمان للنفط"، بطاقة تكريرية 230 ألف برميل يوميًا، والتي تبلغ تكلفتها التقديرية نحو 7 مليارات دولار، وتوقع الرشيدي الانتهاء من بنائها بحلول عام 2021.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر