الزخمُ الثقافي المغربّي المُتقلب يسببُ إحباط كبيرٌ لي
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

الشاعر عبد السلام الموساوي لـ"المغرب اليوم":

الزخمُ الثقافي المغربّي المُتقلب يسببُ إحباط كبيرٌ لي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الزخمُ الثقافي المغربّي المُتقلب يسببُ إحباط كبيرٌ لي

الكاتب والشاعر المغربي عبد السلام الموساوي
فاس - حميد بنعبد الله

أبدى الكاتب والشاعر المغربي عبد السلام الموساوي، انزعاجه من كثرة المهرجانات الموسيقية المنظمة في بلده، إلى درجة يصعب على الإنسان إحصاءها، مضيفًا إنه "كان الأجدر أن يحتفظ بالمهرجانات الكبرى بعد أن تحدد أهدافها ومردوديتها بوضوح بالنسبة للفئات المستهدفة؛ وقس على ذلك المهرجانات في باقي المجالات السينمائية واللقاءات الأدبية"، فيما قال في حديث خاص إلى  "المغرب اليوم"، "لا بد من إعادة النظر في الدعم الذي تناله بعض الجمعيات من المال العام وربطه بشروط الجودة والفاعلية ووصول المنتج الثقافي إلى الفئات المستهدفة"، مضيفا "لا بد أن تخضع الجمعيات المستفيدة من هذه الأموال، إلى المراقبة من قبل المجلس الأعلى للمحاسبات"، بينما لم ينكر تواجد تطور ملحوظ في الإنتاجات السينمائية وفي تضخم عدد المهرجانات الموسيقية؛ حتى إنه "لا يمر يوم من الأيام المغربية إلا وفيه مهرجان صغير أو متوسط أو كبير... بالإضافة إلى وجود معارض جهوية للكتاب ومعرض دولي للكتاب ينظم سنويا في الدار البيضاء وتشرف عليه وزارة الثقافة".
و تابع "إن الزخم الثقافي المغربي المتقلب يسبب لي الكثير من الإحباط، لأني لست من هواة الانزواء"، إذ "بحكم مهنتي كأستاذ في التعليم العالي، أجدني منخرطا بقوة في العمل الثقافي، أستجيب للدعوات التي توجه إلى وأراها ذات جدوى أو أشعر أنني سأكون نافعا فيها، وأعتذر كثيرا عن دعوات أشتم فيها البذاءة واللاجدوى وانعدام الأهداف".
وبرر توجهه في الأعوام الأخيرة، إلى النشر في المشرق العربي، بكونه لامس واقعيا رداءة وضعية الكتب في المغرب، منها "إقدام الناشرين المغاربة على تحويل مطابعهم إلى ما يشبه محلات للجزارة أو النجارة أو المحلبات المدرة للدخل، ولو على حساب الفقراء من الكتاب الذين إذا غامروا ونشروا على حساب الدار أو المطبعة، فإنهم لا يقومون بأية استراتيجية للترويج والتوزيع، وليست لديهم أي خطة في هذا المضمار لانعدام الاحترافية في العمل ولم يتم تكوينهم في هذا الإطار فهم فيه أشبه بأرباب الحرف اليدوية".
وقال عبد السلام الموساوي الذي أشرف سابقا على مصلحة للتنشيط التربوي والثقافي في الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين في مدينة فاس قبل التحاقه بالتعليم العالي، "إن الواقع الثقافي المغربي راهنا، غدا على المستوى الكمي مضاعفا أضعافا كثيرة، ومتنوعا تنوعا فادحا، بفعل التحولات الكبرى على المستوى الديموغرافي والتعليمي، وبسبب الانفتاح على ثقافة الشعوب الأخرى؛ والذي زاد قوة بفضل ازدهار التكنولوجيات الحديثة أمام توسع البث التلفزيوني وشيوع المعلومات وظهور شبكة الانترنت التي ألغت المسافات والحدود.
وتحدث عن طفرة شهدتها مؤسسات المجتمع المدني، وتناسل جمعيات تهتم بحقوق الإنسان وبالبيئة وبالحاجة إلى إتاحة الثقافة الهادفة للمواطنين، وارتفاع منسوب الأنشطة الثقافية المنظمة على المستوى الوطني، وازدهار قطاع التأليف والنشر، حيث أظهرت بعض الإحصائيات الأعداد الهامة للإصدارات (كتب، صحف...) مقارنة مع المرحلة السابقة.
ولم ينكر وجود تطور ملحوظ في الإنتاجات السينمائية وفي تضخم عدد المهرجانات الموسيقية؛ حتى إنه "لا يمر يوم من الأيام المغربية إلا وفيه مهرجان صغير أو متوسط أو كبير... بالإضافة إلى وجود معارض جهوية للكتاب ومعرض دولي للكتاب ينظم سنويا بالدار البيضاء وتشرف عليه وزارة الثقافة".
لكن هذا الشاعر الذي ينحدر من منطقة بني ونجل في إقليم تاونات وأسهم كثيرا في عملية التأليف الإبداعي والفكري وفي نشره، أمام ذلك تساءل: هل هذا الكم دليل عافية يتمتع بها الواقع الثقافي المغربي؟، وإذا كان الأمر كذلك، فما مدى الانعكاس الإيجابي لهذا الزخم على سلوك الناس وعلى مردوديتهم في العمل والإنتاج؟.
 وقال "ما يمكن إجمال الكلام فيه بصدد الواقع الثقافي في المغرب، أن ثمة متغيرات تجعلنا نلاحظ الإيقاع الرهيب الذي تدار به عجلات الثقافة"، مضيفا "فلقد عشنا بالأمس القريب (الستينات والسبعينات والثمانينات)، أشكالا واضحة للإنتاج والصراع والتفاعل في المجال الثقافي، بحكم وجود خلفيات إيديولوجية واضحة مؤطرة للواقع الثقافي المغربي".
وأكد أن هذا الواقع الثقافي كان له آنذاك ارتباط وثيق بالمجال السياسي، متحدثا عن وضوح الصراع بين طرفين متصارعين؛ طرف ورث السلطة ووسائل الإنتاج من المستعمر، ويجتهد في ضمان استمرار الوضع حفاظا على المكاسب، وطرف يتوق إلى التغيير مبشرا بقيم جديدة مستمدة من الأدبيات الكبرى للمد الاشتراكي وللقوى الداعية إلى الديموقراطية وتحرير الإنسان من العقلية التي تشده إلى الخضوع والإذعان.
وبنظره فالإنتاجات الثقافية حينئذ الأدبية والسينمائية والموسيقية، المواكبة لهذا الصراع ـ على قلتها ـ كانت تحظى بالاهتمام الكبير، سواء من قبل المتلقين أو من قبل السلطة التي كانت تترجم اهتمامها بالشكل الذي يرضي رغبتها عن طريق فرض الرقابة والتضييق والقمع، لكن "المنتوج الثقافي لتلك المرحلة "كان مهووسا بالمضمون أكثر من انشغاله بجماليات الشكل، إلا ما ندر".
وقال "صحيح "إن من يستثمر في الثقافة عليه أن يراهن على الآماد البعيدة، فالثقافة بكل تجلياتها وأنواعها المختلفة، تمس الوجدان والعقل، ومن ثم فإن التغيير المنشود فيهما نحو الأفضل يتطلب الوقت الطويل، والحفر المتأني... ويستلزم إتاحة الأجواء المناسبة، سواء منها المادية أو الاستراتيجية؛ ومنها أن يتعاون المسؤول عن التدبير (كل الجهات الحكومية المعنية والمدنية)، مع المثقف المنتج من أجل طي الصفحات السوداء التي كانت خلالها الطبقات الحاكمة تضيّق على العمل الثقافي".
ويزيد قائلا: "الكل يعلم أن اقتلاع المسامير الصدئة من المائدة أمر لم نفرغ منه بعد، فما يزال بعض المناوئين للعمل الثقافي الجاد، يعيشون بيننا ويملكون سلطة القرار التي تساعدهم على إعاقة المحاولات الجادة في تثقيف الناس وتنويرهم، وتتخذ إعاقتهم  ـ هاته ـ أشكالا متنوعة بحسب كل واحد في موقعه"، مضيفا "فمن مانع باسم القانون لبعض الأنشطة (سلطات محلية متفرعة عن الداخلية...)، إلى حذف أشطر مالية تخصص للعمل الثقافي من ميزانيات المؤسسات المختلفة، أو تحويلها لغرض آخر، إلى مستصغر للمثقفين وثقافتهم بدعوى انعدام الجدوى والمردودية المباشرة. ولن يسعنا المجال لبسط الأمثلة في هذا الشأن، فهي كثيرة ومتعددة".
وقال "هناك معيقات أخرى يقوم بها بعض المحسوبين على المثقفين، أو لنقل بعض من يتخذون العمل الثقافي ذريعة للوصول إلى مصالح مادية صرفة. فيؤسسون الجمعيات، ويتنافسون على طلب دعم برامجهم التي تبقى حبرا على ورق، أو في أحسن الأحوال ينظمون أنشطة تفتقد إلى كل شروط العمل الثقافي الحقيقي الذي ينبغي أن يرسم أهدافا لتحقيقها عند الفئات المستهدفة"، لكن "الأدهى من ذلك أن هناك جمعيات ثقافية ذات الصيت الذائع والتراكم الهام، يأتي عليها زمن تتحول فيه إلى مقاولة لخدمة مصالح المكتب المسيِّر لها، وخصوصا ما يتعلق بالسفريات التمثيلية والنشر والتعويضات، ضاربة بذلك مثالا سيئاً للعمل الثقافي المسؤول، وللمثقف المدبر".
وفي ظل هذا الوضع الملتبس، وضع طغت فيه الفردانية ومصالحها، "يصبح الإنتاج الثقافي الصادر عن مثل هؤلاء غير ذي أهمية في نظر الناس، ما دام أن أصحاب هذا الإنتاج لم تنفعهم ثقافتهم في الارتقاء بسلوكهم فيفقدون بالتالي ثقة الناس فيهم، وفي أدوار الثقافة برمتها. ولعل هذا الوضع هو الذي يدعو المثقفين الحقيقيين إلى الانزواء بعيدا، مؤثرين الاشتغال في صمت وبعيدا عن الأضواء الشيء الذي يعرقل وصول أعمالهم إلى المتلقين" يقول الموساوي الذي انتهى من تهييء كتابه "للمتلقي واسع التأويل" للنشر.
هذا الكتاب عبارة عن دراسات للشعر المغربي المعاصر، ويأتي في ظل استعداد هذا الشاعر لإصدار سيرته الذاتية الرواية التي تحمل عنوان "بيوت بلا جدران"، بعدما أصدر هذا العام كتاب "الموت المتخيل في شعر أدونيس" عن دار النايا في دمشق، وتنظميه له جلسات ولقاءات للتوقيع بالمعرض الدولي السابق للكتاب في الدار البيضاء وفي مدينة فاس.
وصدر له في المدة الأخيرة، ديوان شعري عن دار النهضة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت، يحمل عنوان "لحن عسكري لأغنية عاطفية"، الذي قال عنه "أنا سعيد بالأصداء الجيدة التي خلفها من خلال ما يكتب عنه من مقالات ودراسات"، مشيرا إلى وجود مشاريع أخرى لا سيما في الشعر.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزخمُ الثقافي المغربّي المُتقلب يسببُ إحباط كبيرٌ لي الزخمُ الثقافي المغربّي المُتقلب يسببُ إحباط كبيرٌ لي



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya