رحيل أميلي نصر الله عن عمر يناهز 87 عامًا
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

شكلت الوعي المبكر للكثير وساهمت في تكوين الأطفال

رحيل أميلي نصر الله عن عمر يناهز 87 عامًا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رحيل أميلي نصر الله عن عمر يناهز 87 عامًا

الكاتبة أميلي نصر الله
بيروت - المغرب اليوم

توفيت الكاتبة أميلي نصر الله، في بيروت، عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد صراع مع مرض السرطان، واكتشف الجميع أن أميلي ليست من صنف الأدباء الذين يسمع عنهم عامة الناس فقط عند موتهم، أو يقرأ حولهم بشكل عابر، وإنما من أولئك الذين حفروا في طفولة كل تلميذ جلس على مقاعد الدراسة. هي أديبة الأيام الأولى، والنصوص المبكرة التي تبقى ولا تنسى. هي التي روت حكاياتها لجيل بعد آخر، وشكلت الوعي المبكر لكثيرين، تماماً كما فعلت معها جدتها لأمها روجينا، المرأة التي علمتها صغيرة جداً، سحر الاستماع وأذاقتها طعم القصص.

والأديبة "الفلاّحة"، كما كان يحلو لها أن تطلق على نفسها، ولدت في قرية "كوكبا"، ونشأت في قرية والدتها "الكفير" الجنوبية التي لم تكن صفوف مدرستها تتجاوز الثالث الابتدائي. لكنها بطموحها وإصرارها وتفهم والدها الذي لم يكن يفك الحرف، ووالدتها التي لم تكمل الصفوف الابتدائية، وصلت إلى "الجامعة الأميركية" رغم ضيق ذات اليد. عملت معلمة، وصحافية حيث أجرت تحقيقات، ودبجت مقالات، واهتمت بقضايا النساء، وشحذت قلمها وعمقت معارفها. وبمساعدة خالين مهاجرين مضت إلى تخرجها من الماجستير عام 1958، قبل أن تلتقي بفيليب نصر الله الذي بزواجها منه، أخذت تفكر في هجر العمل الصحافي والتفرغ للتأليف.

وتقول عنه "كان زواجي منه منعطفاً في حياتي الفكرية والأدبية، إذ حررني بحبه، وتحرره من كثير من العقد والترسبات. مع فيليب ليس للمغامرة الفكرية حدود، وهو الذي جعلني استمر في صعود السلم، بتحدياته، وإيمانه بمقدرتي ثم باحترامه للأنوثة في شخصيتي". لم يكن فيليب الذي لها منه أربعة أولاد: رمزي، ومها، وخليل ومنى، وغادر الفانية قبلها بسنوات، وترك رحيله أثره العميق في نفسها، هو الرجل الأول الذي ساندها. فهي لم تنس يوماً أن تتذكر والدها الذي أطلق أعيرة من "جفت" الصيد يوم ولادتها احتفالاً بقدومها في قرية كانت لا تحب إنجاب الإناث.

ومنذ روايتها الأولى "طيور أيلول" التي صدرت عام 1962 ولقيت صدى بديعاً، فقد ترجمت إلى كثير من اللغات بينها الإنجليزية والفرنسية ووصلت اليوم إلى طبعتها الخامسة عشرة، من حينها وأميلي نصر الله لم تتوقف عن الكتابة. فقد تبعت روايتها الأولى بـ"شجرة الدفلى" و"الرهينة" و"الباهرة" ثم "الإقلاع عكس الزمن". وكتبت القصص القصيرة، والدراسات. وكانت حريصة قبل وفاتها على إصدار كتابها "الزمن الجميل" الذي يضم نصوصاً مؤثرة. وبالفعل صدر الكتاب قبل أن تغادر الحياة بأيام قليلة، وربما لم يصل إلى المكتبات بعد. لكن حلمها تحقق بالتعاون مع "دار نوفل" التي كانت منذ البدء بين أحد أعمدتها، وأمينة للتعاون معها.

وأرادت الدار إصدار الكتاب، الذي كانت تعلم على الأرجح أنه الأخير، تحية ووفاء للكاتبة ورحلتها مع هذه المؤسسة العريقة. وفي الكتاب تتحدث أميلي عن نفسها، ورحلاتها خارج لبنان، ونساء أجرت معهم مقابلات. هو مجموعة نصوص عن حياتها في الصحافة في الهند ودمشق ولبنان، وروسيا، وغيرها. ويزدان الكتاب برسوم بالغة الأهمية، لأن الأديبة أثناء عملها الصحافي في "دار الصياد"، كانت تصطحب معها لإجراء تحقيقاتها الرسام جان مشعلاني، ليرسم لوحات ترفقها بموضوعاتها عند النشر. وعندما مرض مشعلاني وذهبت لتزوره وكان متعباً كثيراً فاجأها برسوم أنجزها أثناء مرافقته لها لم تكن تعرفها، فكانت حافزها الأكبر لنشر النصوص التي أبصرت النور. وتقول أميلي نصر الله في مقدمة الكتاب عن مشاعرها حين تأبطت الرسوم "شكرتُ جان على تلك البادرة وودَّعته، ثمّ حملتُ ملفّ الرسوم وكأنّي أحمل كنزا ثمينا وخرجت. لم تَطُلِ المدّة بعد ذلك اللقاء قبل أن يُفارقَنا جان، الفنّان والصديق، ورفيق رحلة عمل تبقى متجذِّرة في أعماق الذاكرة. يمضي الفنّان، وتبقى أعماله تُخبرُ عنه. وغايتي اليوم من نشر هذه الرسوم مع قصص مناسباتها هي توجيه تحيّة إلى روح فنّان كان أشبهَ بشمعة تحترق لتذرّ شعاعا نور في مُحيطها".

وهذه الحساسية والشفافية عند أميلي نصر الله، هي سر كتاباتها، التي لا تلجأ إلى فصاحة متكلفة، أو تجميل في اللفظ بقدر ما تذهب إلى كتابة نفسها ومحيطها، وتجارب الغربة والهجرة التي عرفتها مع عائلتها التي تتشكل في غالبيتها من مهاجرين في أصقاع الأرض لا سيما الولايات المتحدة الأميركية. من الحياة تستوحي نصر الله، من كفاح القرية، والفلاحة التي مارستها بيديها، من طفولة أولادها وأحفادها، من قصص جيرانها وصديقاتها. هي ليست بحاجة لكثير من الفانتازيا، لتحلق برومانسية عذبة مع الأطفال الذين أغرموا بحكايات بطلتها "اندا" وأحبوا حقولها وأزهارها، لحقوا بها وهي تسافر بهم إلى بلاد الثلج والصقيع، تنقلهم أينما ذهبت وارتحلت وكأنما هي هذه المرأة التي تريد لقارئها أن يرى الدنيا بعينيها.

ورحلت صاحبة الوجه السمح والابتسامة الدائمة، وتركت وراءها حبًا كبيرًا في قلوب من قرأها، وفي روح من تعرف إليها وعاشر طيبتها ورقتها. وحصلت نصر الله على جوائز عدة منها "جائزة الشاعر سعيد عقل" في لبنان وجائزة مجلّة "فيروز"، و"جائزة جبران خليل جبران" من رابطة التراث العربي في أستراليا. كما منحت في عام 2017 وسام معهد "غوته" الفخري الرسمي باسم جمهورية ألمانيا الاتحادية لتميّزها في إثراء الحوار الثقافي على رواية "يوميات هرّ" وجائزة مؤسسة "آي بي بي واي".

وقد نعاها وزير الثقافة غطاس خوري معتبرًا أنه برحيلها "يفقد لبنان وجها نسائيا مشرّفا في تاريخه الثقافي والأدبي والنضالي، الراحلة التي تميزت بين أترابها من السيدات بدعم المرأة ومساندتها لحقوقها وصحة تمثيلها، هي التي كانت تردد دائما لبنان غني بمبدعيه وهو مشتل الإبداع". كما نعاها رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان قد كرمها قبيل وفاتها بـ"وسام الأرز الوطني من رتبة كوموندور" بكلمة معبرة، حيث اعتبرها "أم الرواية اللبنانية". ورأى "أن الأدب اللبناني يخسر بغيابها ركناً أساسياً من أركانه، طالما جسد القيم الإنسانية والتعلق بالأرض والوطن والهوية، إلا أن ذاكرة لبنان ستحفظ نصر الله في مكانة عالية كسيدة رائدة ستبقى حاضرة في ذهن الأجيال الآتية".

وولدت نصر الله عام 1931 في قرية الكفير بجنوب لبنان، ونشرت عددا من الروايات والمجموعات القصصية للأطفال. عملت روائية وصحافية وكاتبة ومعلمة ومحاضرة، وبرزت ناشطةً في مجال حقوق المرأة العربية. نشرت أول رواية لها عام 1962 تحت عنوان: "طيور أيلول" التي حازت 3 جوائز أدبية، وترجم كثير من رواياتها إلى الإنجليزية والفرنسية.

ومن روايتها " "شجرة الدفلي" ، - "الرهينة" - رواية. الجمر الغافي" ، وروت لي الأيام" – قصص، و"الينبوع" – قصص، وخبزنا اليومي" – قصص، والطاحونة الضائعة" – قصص، و"الباهرة" - قصص للأطفال "شادي الصغير" - قصص للأطفال، ويوميات هر" - قصص للأطفال، و"جزيرة الوهم" – قصص، و"أندا الخوتا" - قصص للأطفال.

وتمثلت الجوائز التي حصلت عليها في "جائزة الشاعر اللبناني سعيد عقل.، وجائزة مجلة "فيروز"، وجائزة جبران خليل جبران من رابطة التراث العربي في أستراليا".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل أميلي نصر الله عن عمر يناهز 87 عامًا رحيل أميلي نصر الله عن عمر يناهز 87 عامًا



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 20:21 2016 السبت ,16 تموز / يوليو

حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!

GMT 02:52 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تجهيزات الفنادق لاستقبال موسم العطلات وعيد الميلاد المجيد

GMT 06:40 2018 الخميس ,03 أيار / مايو

طرق إختيار الزيت المناسب لنوع الشعر

GMT 02:44 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

أسباب اختيار المرأة الخليجية ماسك الذهب

GMT 05:48 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

جان كلود جونكر يرغب في بقاء بريطانيا داخل "اليورو"

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ننشر 10 تساؤلات بشأن تعويم الدرهم

GMT 13:09 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

العلمي يقرر اعفاء مدير مركز الاستقبال الرياضي بوركون

GMT 14:58 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منتخب الكاميرون يصل إلى الدار البيضاء للمشاركة في "الشان"

GMT 22:43 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الليبية تطيح بقطار الزواج والعنوسة باتت أزمة متفاقمة

GMT 04:20 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

رامافوسا يترأس حزب المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي

GMT 17:45 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يربك حسابات المغرب التطواني ويبعثر أوراق فرتوت

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 06:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عون يُخلي مسؤولية لبنان في صراعات دول عربية
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya