مشقّة المساء تفوز بجائزة بوكر للرّواية عن عام 2020
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

تجري أحداثها بمزرعة للأبقار في هولندا القرن الحالي

"مشقّة المساء" تفوز بجائزة "بوكر" للرّواية عن عام 2020

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

رواية مشقّة المساء
أمستردام - ليبيا اليوم

بعد تأخير استمر ثلاثة أشهر عن الموعد الرسمي التقليدي لمنح النسخة الدّولية من جائزة «بوكر» للرّواية (مايو/ أيار من كل عام) بسبب مضاعفات الإغلاق المرتبط بوباء «كوفيد - 19»، وإغلاق متاجر بيع الكتب، أعلن في لندن يوم الأربعاء الماضي عن فوز رواية «مشقّة المساء» (المترجمة من الهولنديّة) بجائزة عام 2020، وهي رواية أولى سوداويّة المزاج عن الفقدان والحزن لكاتبة شابّة ملتبسة الهوية الجندرية في التاسعة والعشرين من عمرها. 

ماريكه/ لوكاس رينفيلد التي تكتب الشعر أيضاً وتعمل مساء في مزرعة للأبقار بقرية صغيرة جنوب العاصمة الهولنديّة أمستردام. وسوف تحصل رينفليد على نصف المكافأة التي يبلغ مجموع قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني (حوالي 66 ألف دولار أميركي) - بالتّشارك مع مترجمة العمل إلى الإنجليزيّة البريطانيّة ميشيل هاتشيسون. لكن القيمة المعنويّة وفرص الدخول إلى عالم الشهرية الأدبية التي تمنحها الجائزة المرموقة للكتاب الأجانب لناحية عبور الفضاء الثقافي الأنغلوفوني لا تقدّر بثمن. وقد صدرت الطبعة البريطانيّة من «مشقّة المساء» بداية العام، وستلحق بها طبعة أميركيّة خلال أيّام، إضافة إلى ترجمات ألمانية وفرنسية وإسبانية وكورية وعربية ستظهر تباعاً خلال الشهور القليلة المقبلة.

تُمنح «بوكر» الدوليّة سنوياً من قبل لجنة محكمين تختارهم وقفيّتها لرواية أو مجموعة قصص قصيرة ترجمت إلى الإنجليزيّة، وصدرت مطبوعة خلال العام السابق. وكانت الكاتبة العمانيّة جوخة الحارثي قد فازت بها 2019 عن روايتها «سيّدات القمر»، فكانت بذلك أول عربيّة تحظى بهذا التكريم.

رينفيلد التي أصبحت أصغر الفائزين بـ«بوكر» الدوليّة عمراً إلى الآن، لم يكن أحد تقريباً قد سمع باسمها خارج بلادها قبل الأربعاء الماضي - رغم أن الطبعة المحليّة من روايتها الأولى وصلت إلى مرتبة الأكثر مبيعاً في هولندا لدى نشرها 2018، وأثارت حينها عاصفة غير مسبوقة من الجدل هناك. ولم تبع الترجمة الإنجليزيّة أكثر من ألف نسخة في السوق البريطانيّة الضخمة قبل ترشيحها للقائمة القصيرة لـ«بوكر» الدوليّة، لكن موهبة كاتبتها النثرية الطازجة، وقدرتها على إثقال قلب القارئ بالظلمة عبر صور مشغولة بإحكام مثير أسرت قلوب النّقاد البريطانيين فيما يبدو. ونقلت صحف لندن عن السيّدة هاتشيسون مترجمة الرواية - والشريكة مناصفة بالجائزة - قولها إنّها «كانت تتجنب ترجمة بعض المقاطع السوداويّة الصعبة من النصّ عند حلول المساء كي لا تلاحقها الكوابيس طوال الليل». 

فيما تحدّث تيد هوجكينسون رئيس لجنة التحكيم للدورة الحاليّة عن «توافق جماعيّ» بين أعضائها على أحقيّة «مشقّة المساء» بالفوز «رغم الصعوبة الفائقة لانتقاء عمل واحد فحسب من بين ستّ روايات استثنائيّة بالفعل وصلت إلى القائمة القصيرة». وكانت 124 رواية ترجمت من 30 لغة قد تنافست في هذه الدورة، منها «بوليس الذاكرة» للكاتبة اليابانية يوكو أوغاوا التي كانت مرشّحة للظفر بأهم جائزة للروايات الأجنبية المترجمة إلى اللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة، وحصلت على شعبيّة كبيرة في بريطانيا أيضاً. وضمت لجنة التحكيم إلى رئيسها مترجمة وكاتبة وموسيقاراً ومديرة لمركز فرنسي متخصص بترجمة النصوص من الأدب العالمي.

وفي خطاب منح الجائزة، وصف هوجكينسون الرّواية الفائزة بـ«أنها تأسر انتباه قارئها من الصفحة الأولى»، وأن فيها ثمة «شيئاً من تكثيف بالصور المبدعة يتقاطع مع نظرة قاتمة للعالم بعيون طفلة في العاشرة على نحو لا يمكن للقارئ تجاوزه بسهولة». لقد أصابت «مشقّة المساء» المحكمين «بالصدمة» - على حد تعبير هوجكينسون -، و«تركتهم مشدوهين من قوّة موهبة كاتبتها».

تجري أحداث الرواية في مزرعة للأبقار بهولندا بداية القرن الحالي، وتسرد حكاية جاس - طفلة العاشرة - التي تغرق في لجة حزن دامغ تلفّ عالمها الصغير بعد أن تفقد عائلتها شديدة التديّن ابنها البكر في حادثة أثناء التزلج على الجليد. وتشهد جاس بعيونها الفضوليّة على التصدّع التدريجي للعائلة برمتها: والدها يسقط في وهدة الخسارة والفقدان، وينسحب متقوقعاً إلى عالمه الخاص بعيداً عن الجميع، ووالدتها تصبح ضحية نوبات ذهان عصبي متكررة، فيما يترك الصغار وحيدين للتيه في مصاعب المراهقة والتجارب المنحرفة لاكتشاف الجنس، والعبث مع الحيوانات في المزرعة. وتكاد الرّواية تكون سيرة ذاتيّة بتصرّف لنشأة الكاتبة التي ولدت بالفعل لعائلة شديدة التديّن تدير مزرعة تقليديّة للأبقار بقرية صغيرة، وقد كانت في الثالثة من عمرها عندما فقدت أخاها الكبير بعد أن داسته حافلة نقل جماعي وهو يسير نحو مدرسته صباح أحد الأيّام الشتوية الكئيبة. «العائلات عندما تصاب بخسارة فادحة مثل تلك» تقول رينفيلد، «فإنها لا بدّ وأن تجد نفسها أمام أحد احتمالين: إمّا أنها تتقارب أو تتفكك. كطفلة رأيت بأم العين كيف شرعت عائلتنا بالتفكك».

 وهذا التطابق الكبير بين العمل الروائي والواقع أثار كثيراً من اللّغط في القرية، حيث تقيم رينفيلد، وواجهت صعوبات مع والديها غير المعتادين على قراءة شيء سوى الكتب المقدسّة، الذين عجزا - وفق الكاتبة - عن استيعاب فكرة أن بوسع الكتب البوح بأشياء من نسج الخيال. وحسب أصدقائها، فإن علاقتها انقطعت مع والديها بسبب الرّواية، وأنها تعمل الآن أجيرة في مزرعة أبقار غير تلك التي تمتلكها عائلتها. «لقد منحت والدي كلمات لا يمتلكانها للتعبير عن حزنهما الجارف. ربمّا لم يكونا ليختارا الكلمات ذاتها لو تسنى لهما ذلك، لكني قلت ما ظننت أنهما عجزا عن قوله» تقول رينفيلد، «وأنا متيقنة أنهما لن يتفهما أبداً أنني لم أعد تلك الفتاة الغرّة التي ربياها».

وفي «مشقّة المساء» جانب مهم حول تأثير التنشئة الدينيّة على الصغار، حيث تصف دور الممارسة الدينية في منح حياتها طفلة نوعاً من هيكليّة ومعنى، وكيف انحسر كل ذلك سويّة بالتدريج مع تقدّمها في العمر سنة بعد سنة. تقول «لقد نشأنا صغاراً مع الربّ، وتعلمنا أن نلجأ إليه لنبوح بمكنونات قلوبنا ومصاعب حياتنا، وكل ما أفعله بالكتابة اليوم هو تماماً ما يفعله طفل يصلّي للربّ فيسأله أن ينيله رغباته، ويحقق أمنياته، ويخفف عنه من وطء الأيّام ليقر قلبه الصغير».

لقد كانت رينفيلد انتقلت في عمر التاسعة عشرة إلى مدرسة لإعداد المعلمين، وشرعت بقراءة أعمال أدبيّة متنوعة قبل أن يسحرها أسلوب أديب هولندي يدعى جان وولكرز، ويصبح مصدر إلهامها، وهو الذي أثار جدلاً في الصحافة خلال ستينيات القرن الماضي لفجاجة نصوصه وخلاعتها. لكنّها برغم موهبتها الأدبيّة الشاهقة شعراً ونثراً، لم تتعاف مطلقاً من انعكاسات وترددات تجربة طفولتها ومراهقتها، وإن كانت لا تعتبر نفسها متحولة جندريّاً، لكنها تقرّ بالتباس جنسي يدفعها لتصور نفسها في منزلة بين المنزلتين، ما دفعها لإضافة اسم ذكر (لوكاس) إلى اسمها المؤنث (ماريكه) وأصبحت تصف ذاتها بضمير الجمع - نحن بدلاً من أنا -. وهذه أمور إن لم يتفهمها مجتمع قريتها المحافظ والمتزمت دينياً، فإنها لا تثير كبير استهجان من قبل مجتمعها الكبير والمشهور أوروبياً بتساهله في مسائل الجندر والجنس والعلاقات، وتجد تقبلاً متزايداً في أوساط النخب المثقفة في بريطانيا وأوروبا عموماً

قد يهمك ايضًا:

القائمة القصيرة لـ"بوكر العربية" تضم 6 أعمال روائية وأديبة واحدة

الروائية العمانية جوخة الحارثي تفوز بجائزة "مان بوكر الدولية" في لندن

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشقّة المساء تفوز بجائزة بوكر للرّواية عن عام 2020 مشقّة المساء تفوز بجائزة بوكر للرّواية عن عام 2020



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 15:03 2014 الخميس ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الجوز " عين الجمل " لا يعلمها إلا القليلون

GMT 12:28 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الفرسان يتطلعون للفوز بثاني جولات بطولة "هذاب"

GMT 06:07 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

سيت الأفضل لقضاء شهر عسل لتميزها بالمناظر الجذابة

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 06:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تصنف المغرب أبرز مُصدّري اليهود منذ استقلال المملكة

GMT 00:00 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

" أوراق بوكافر السرية " جديد الكاتب ميمون أم العيد

GMT 23:10 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رشيد غفلاوي سعيد بانضمامه إلى فريق الساحل النيجيري

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 17:14 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

سر إغماض العيون أثناء تبادل القبل على الشفاه

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 17:38 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالفتاح الجريني يحضر لديو غنائي مع العالمي مساري

GMT 03:16 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

شاطئ مرتيل يلفظ أحد ضحايا موسم الاصطياف

GMT 08:17 2017 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

إخلاء السفارة الكندية في برلين
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya