مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

خلال حفل أُقيم لهذه الغاية في لبنان

مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف

الشاعر مريد البرغوثي
بيروت - فادي سماحة

يعتبر الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي له مزاج خاص، حيث يتكلم حين يشاء، ويصمت لحظة يريد، ولو كان مدعواً للقاء قرائه ومحبيه الذين أتوه أفواجاً. وفي حفل أُقيم لهذه الغاية في لبنان، وتحديداً في «الرابطة الثقافية» في طرابلس، برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، اكتفى الأديب بعد كلمات الترحيب من «نادي قاف للقراءة» الذي نظّم المناسبة، وكلمات أخرى تحدثت عن الروائي والشاعر، أن يقول إنه سيجيب عن أسئلة الجمهور من دون أن تكون له كلمة خاصة، وإنه سيقرأ قصيدة أو اثنتين من دواوينه التي بلغت ما يقارب 12 ديواناً إلى اليوم.

وعلى الرغم من أن مريد البرغوثي تُطلق عليه صفة روائي اليوم إلى جانب كونه شاعراً، فإنه في الحقيقة وعلى جمالية كتابيه النثريين المعروفين، يمكن اعتبارهما جزأين من سيرة ذاتية شيقة ومكتوبة بفنية عالية. الجزء الأول «رأيت رام الله» الذي يروي فيه حكاية عودته إلى فلسطين بعد ثلاثين عاماً قضاها في المنفى حيث تختلط عليه المشاعر، وتلتبس الأحداث، فلا تدري أهو فَرِح أم حزين، وهل كتابه عن الوطن أم عن المنفى (كتاب حاز جائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي عام 1997).

أما كتابه النثري الثاني الذي قُرئ كثيراً أيضاً فهو «ولدت هناك... ولدت هنا» وتُرجم إلى الإنجليزية وصدر عن دار نشر «بلومزبري» في لندن عام 2012، فهو مقطع آخر من سيرة الكاتب الذاتية، فيه عودة أخرى إلى فلسطين، لكن هذه المرة مع ابنه تميم الذي يكتشف وطنه الأم لأول مرة برفقة والده، حيث نعيش من خلال هذا النص الجميل والبسيط عمق الحياة اليومية التي يقول إنه أراد أن يؤرخ لها، لأن المؤرخين مشغولون بأشياء أخرى.

ومع أن الشاعر من المفترض أنه جاء يتحدث عن هذا الكتاب ويناقشه مع جمهوره في حوار يديره الدكتور محمود زيادة، فإن الأديب الضيف قال منذ البداية إنه لم يحضّر كلمة لهذا اللقاء، وما عنده قد قاله من خلال النص، وإنه سيقرأ من شعره ويجيب عن أسئلة القراء. وحين سُئِل عن صورة اليهودي في الأدب الفلسطيني، قال: «مشكلتنا أننا طوال ثلاثة أجيال لم نرَ اليهودي في فلسطين إلا بالخوذة»، معتبراً أن العرب تعايشوا مع اليهود تاريخياً وطوال مئات السنين، بما في ذلك في الأندلس. لكن مشكلة صعوبة التعايش ظهرت في أوروبا حين أُرسِل اليهود هناك إلى المحرقة بشكل جماعي. وقال: «المعضلة أنه يُطلب منا أن نعيش معهم في غرف نومنا ومع دباباتهم»، في إشارة إلى العسكرة التي لا تتيح مجالاً لحوار أو سلام.

وخلال هذا اللقاء وصف البرغوثي الشعوب العربية بأنها تشكّل «بحراً، ولأنها كذلك فهي لا تحتاج إلى جواز سفر لتتعامل فيما بينها». وأضاف أن «المواطن لا يحتاج إلى هذه الحدود. نحن بحر واحد. والعالم يرتكب فينا المجازر كبحر واحد. وهم غزونا كبحر واحد لذلك علينا أن نرد كبحر واحد أيضاً».

وحين تحدث البرغوثي عن السائق محمود في كتابه «ولدت هناك... ولدت هنا» الذي يعرف كيف يتحايل بسيارة الأجرة التي يقودها على الدروب المغلقة من قبل الاحتلال، وينجو بركّابه من الحواجز، ويوصلهم إلى وجهاتهم دون أن يعرقلهم الجيش الإسرائيلي، وصف هذا السائق بأنه القائد الحقيقي، وأنه كتب عنه باعتباره يلعب دوراً قيادياً بكل ما في الكلمة من معنى. وشرح بالقول: «محمود هو القائد لا السياسيون الذين ترونهم في الصور وتسمعون عنهم». ومعلوم عن البرغوثي أنه حاول باستمرار أن يبقى كاتباً مستقلاً، وأديباً بعيداً عن الانخراط في الحركات السياسية أو الحزبية.

أما السؤال الذي استثار الشاعر، واستحقّ منه شرحاً مسهباً، فهو حول إذا ما كان الكاتب الفلسطيني يجب أن يبقى ملتزماً بقضيته، أو له أن يكتب في الموضوع الذي يشاء. وكأنما البرغوثي استفزّ لحظة لم يكن يريد. وأخذ يشرح بحماسة أن «الكتابة أو الفن سواء كان فيلماً سينمائياً أو مسرحية أو لوحة أو أي نوع من أنواع الفنون يُفترض أن يتحلى بالشروط الإبداعية»، فالكتابة عن قضية كبيرة، في رأيه، ليست سبباً لمغفرة رداءة العمل، ذلك لأنه لا المعاني السامية ولا القضية النبيلة تبرر ذلك. واستطرد البرغوثي شارحاً: «بالتالي موضوعك الجغرافي أو السياسي أو القضايا الحميمة التي تكتب عنها يجب أن تعرف كيف تحولها إلى عمل فني. والموضوع في هذه الحالة يمكن أن يكون حول فراشة أو كائنات فضائية».

مريد البرغوثي يطبق على نفسه ما يعتبره صالحاً لغيره من الأدباء: «بالنسبة لطريقتي في إنتاج عمل فني فإنني أصنع التالي: اكتشفتُ أن استخراج المدهش من المألوف، والمباغت من العادي، هو الذي يصنع فناً. بمعنى أنني قد أصف شارعاً أو ميداناً يمر فيه نصف مليون شخص يومياً. لكنني حين أصف هذا الشارع أو هذا الميدان فإنني أقوم بسلسلة من العمليات الفنية التي لا يشعر بها المتلقي». يستطرد الأديب مفصّلاً: «أولاً، أركّز الكاميرا في زاوية معينة، سأتعب في اختيارها، سأقرر على مَن ألقي الضوء، ومَن أبقيه في الظل، سأقصي وأضيف، سأعطي معنى مختلفاً عما يراه المارة في هذا الشارع. عندما تفعل ذلك لا يعود مهماً إن كان موضوعك عن فلسطين أو عن الهند. فكم من تعاطف نجده عند القراء مع أبطال شكسبير أو ماركيز أو أمبرتو إيكو، مع أن لكل من هؤلاء عالمه الخاص. الفلسطيني الذي لا يكتب إلا عن فلسطين يكتب أدباً ناقصاً».

ويرى البرغوثي أن «الأديب يكتب الحياة، والحياة أكبر من سكانها وحدودها الجغرافية. هناك مَن يكتب عن كائنات خرافية، أو قد نقرأ قصيدة مشتركة بين دنماركي وفلسطيني». ويشرح الأديب أنه حين يقرأ للشاعرة البولندية الحاصلة على جائزة نوبل فتسوافا تشيمبورسكا التي تُوفّيت عام 1996 يرى في شعرها فلسطين، وحين يقرأ للأميركيين السود يجدهم وكأنهم يكتبون عن قضايانا، وكأنما هو يقرأ إميل حبيبي أو محمود درويش. ويؤمن مريد البرغوثي بأن «المشترك بين البشر لا يحدده ضباط الجوازات ولا حرّاس الحدود. والأديب الذي يقيد نفسه بغرض سياسي بعينه، يعيش بساق واحدة، مع أن الطبيعة منحته ساقين».

قد يهمك أيضًا:

صدور ديوان "الحب غابة أم حديقة" لمريد البرغوثي

حفل توقيع الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي

 

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 19:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الجدي

GMT 06:36 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتع بمغامرة فريدة في أجمل مدن "مولدوفا"

GMT 11:44 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

المؤجلات… موت التشويق

GMT 22:25 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

المانجو فاكهة النشاط والتفاؤل

GMT 15:47 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أفكار مميزة لتجديد حديقة منزلك بدون تكاليف في الشتاء

GMT 18:25 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

لمسات بسيطة تضفي مزيدًا من الجمال على شرفات منزلك

GMT 05:02 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

شخص يضرم النار داخل مسجد أثناء صلاة العشاءفي شيشاوة

GMT 23:52 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

متصرفو المغرب يعتصمون أمام وزارة المال في الرباط

GMT 14:10 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

جريمة قتل بشعة تهزّ حي التقدم في الرباط

GMT 21:47 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف عداء مغربي لأربعة أعوام بسبب المنشطات

GMT 18:28 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء يواجه الدفاع الجديدي في الرباط رسميًا

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 20:54 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

إنشاء 3 شواطئ صناعية في كورنيش مدينة الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya