اعتدال عثمان تؤكد أنها تواصل رحلتها في عملها الفني
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

بعد أن حصدت جائزة "كفافيس" هذا العام عن منجزها

اعتدال عثمان تؤكد أنها تواصل رحلتها في عملها الفني

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - اعتدال عثمان تؤكد أنها تواصل رحلتها في عملها الفني

الكاتبة والناقدة اعتدال عثمان
القاهرة ـ المغرب اليوم

صدرت للكاتبة والناقدة اعتدال عثمان عدة أعمال أدبية ونقدية، حققت لها مكانة معتبرة في المشهد الثقافي والنقدي المصري.وهذا العام منحتها دولة اليونان جائزة «كفافيس» الدولية في دورتها الـ15 عن «السرد المتنوع بين القصة والكتابات النقدية في أعمالها الأدبية». هنا حوار معها ينطلق من محطة «كفافيس» ويتطرق لمهمة الناقد، وقدرته على مواكبة الإنتاج الأدبي الغزير الحالي وأساليبه السردية الجديدة، مروراً برحلتها في الكتابة التي تقول إنها ما تزال تحتفظ بشغف المبدع الهاوي.

> فوزكِ بجائزة تحمل اسم الشاعر الكبير قسطنطين كفافيس، ماذا يترك لديك من انطباعات؟

- الحقيقة أنها انطباعات متداخلة بين الدهشة والبهجة والاعتزاز والفخر بأن أجد اسمي ضمن قائمة من فازوا بالجائزة سابقاً، وهم أعلام في حياتنا الثقافية العربية مثل محمود درويش، ومحمد الفيتوري، كما فاز بها من مصر كاتبنا الفَذ نجيب محفوظ، إلى جانب ثروت عكاشة، وبهاء طاهر، وإدوار الخراط، وجمال الغيطاني، ورضوى عاشور وغيرهم.

الجائزة أيضاً تمثل قيمة معنوية وأدبية كبيرة، فهي تحمل اسم الشاعر السكندري اليوناني العظيم قسطنطين كفافيس، أحد رواد الحداثة الشعرية الكبار في لغات العالم، وهو الذي عبر في شعره عن التقاء الثقافات القديمة، وجعل مدينة الإسكندرية الكوزموبولاتينية رمزاً للحياة، والمصير الإنساني المطلق الذي وَّلد منه كفافيس كثيراً من الرموز والدلالات في رحلته الشعرية بالغة الثراء والعمق والخصوبة، تلك الرحلة التي ألهمت أجيالاً من الكتاب في مختلف الثقافات... لذلك فإن الجائزة بالنسبة لي ميلاد أدبي جديد وتتويج لرحلتي الممتدة إبداعاً ونقداً.

> في كتابك «إضاءة النص»...قدمتِ حالة من التوازي والتوأمة بين النص النقدي والنص الإبداعي… حدثينا عن هذه التجربة وتحدياتها؟

- الكتابة النقدية بالنسبة لي - في «إضاءة النص»، وغيره من كتبي ودراساتي المنشورة - عملية إبداعية تنطلق من النص المنقود، وتطمح إلى محاورة المشهد الثقافي العربي المعاصر، من خلال تجسده أدبياً في أعمال روائية، وقصصية، وشعرية، صدرت على امتداد الساحة العربية، تنتمي إلى أجيال مختلفة، ورؤى فكرية وإبداعية متنوعة.وجدت أن المبدع يقرأ نص العالم – المجتمع - الإنسان، ويعيد كتابته في نص أدبي، موظفاً طاقة الخيال الخلّاق المنطلق، والمنفلت معاً، من أسر ما يفرضه الواقع على الإنسان من قيود، وتمزقات، ومخاوف، وانكسارات، لكي يعود القارئ - الإنسان إلى هذا الواقع نفسه، وقد أضاف الفن إلى حياته حيوات لم يعشها، لكنه جاب أرجاءها، واستمتع بمباهجها، وعانى عذاباتها، وعاد منها إلى واقعه مسلحاً بالرؤية والوعي بإمكان أن تستعيد الإرادة الإنسانية قدرتها على الفعل، المغيّر لهذا الواقع نفسه.

والناقد المبدع من هذا المنطلق يسعى سعياً جاداً حثيثاً، ومنهجياً لاستجلاء جماليات النص، وتقريبها إلى قارئ، يجد في ذلك النص النقدي نصاً موازياً، قادراً على النفاذ إلى أسرار العمل الإبداعي، يفتح أمامه آفاق التلقي، والتفاعل الحر مع ما يطرحه الكاتب من رؤى، وما يستخدمه من تقنيات، فالناقد لا يقوم بتقريب جماليات النص إلى القارئ فحسب، بل إنه يدعوه إلى الدخول إلى عالم النص، والمشاركة في العملية الإبداعية نفسها بتحرير خياله من القيود، والوصول إلى قراءته الخاصة، وقد استضاء نقدياً، على أساس أن العمل الأدبي يحتمل قراءات غير متناهية.أستطيع أن أقول أيضاً إنني احتفظت في كتاباتي النقدية بشغف المبدع الهاوي، فيما أحاول توظيف الخبرة المكتسبة على نحو ما يفعل الناقد المحترف. هكذا اتسعت عندي دوائر الإبداع وتشعبت مساراته، وتعددت سبله.

> كيف تنظرين إلى الارتفاع الملحوظ في عدد الإصدارات الأدبية حالياً. هل هي ظاهرة جيدة برأيك؟

- لا يستطيع أحد تجاهل التدفق الإبداعي الغزير - بل الطليعي في نصوص كثيرة - الذي تفيض به الساحة الأدبية العربية، ويرجع ذلك في تصوري إلى أن تحولات الواقع المتسارعة تفرض نفسها، ومن الطبيعي أن تنعكس هذه التحولات على رؤية العالم لدى الكتاب المجددين، خصوصاً الأجيال الشابة، بما يؤدي بهم إلى البحث عن التقنيات المناسبة للتعبير فنياً عن تحولات هذا الواقع، ومنها على سبيل المثال التشظي السردي، وتفتيت الزمان، وتداخل حدود الأمكنة، وغرائبية الشخوص الروائية، والالتجاء إلى الفانتازيا والعجائبية، وانتشار النزعة التجريبية في كثير من النصوص.

ولا يقتصر الأمر على استلهام تحولات الواقع، بل إن استقبال العالم في عصر ثورة التكنولوجيا وتطوراتها المذهلة قد اختلف بصورة كبيرة عما ألفناه سابقاً، لذلك ظهرت الرواية التفاعلية التي يشارك القارئ في تأليفها عن طريق استخدام الكاتب للروابط الإلكترونية على الإنترنت، بما يتيح للمتلقي تحويل مسار السرد أو الإضافة إليه، كذلك ظهرت الرواية الرقمية التي ينفتح فيها النص المكتوب على الصورة المرئية والموسيقى المسموعة، وفن الغرافيك، وغير ذلك من آليات مستحدثة. ولا شك أن هذه المتغيرات تعبر عن حيوية المشهد الأدبي العربي الراهن بصورة عامة.

> ما تقييمكِ لقدرة الحركة النقدية على ملاحقة هذه الغزارة الموجودة في إنتاج الشعر والرواية والقصة؟

- ربما لا تلاحق الحركة النقدية غزارة التدفق الإبداعي كما نتمنى، لأن النقد الحقيقي المتعمق عملية شاقة، تحتاج إلى ناقد حصيف، يطور على نحو مستمر حصيلته المعرفية، وذائقته الأدبية، وأدواته النقدية. لكننا لا نستطيع أن نغفل أيضاً وجود أقلام نقدية جادة وموهوبة وقادرة على المتابعة واكتشاف جماليات النصوص الصادرة حديثاً في مختلف مجالات الإبداع، فنجد نقاداً كباراً من الأجيال المخضرمة يجتهدون في ملاحقة المشهد الأدبي، والإفادة من خبراتهم المتراكمة، كما نجد أن موجات الكتابة الجديدة قد أفرزت نقادها الذين ينتمون إلى الأجيال الشابة المبدعة نفسها، ومن ثم فهم أكثر قرباً من نبض الإبداع الجديد بحكم المجايلة من جانب، والمعرفة الوثيقة المتجددة بتطورات النظرية الأدبية من جانب آخر. وأنا حريصة على متابعة الكتابات النقدية المتميزة لعدد من النقاد الموهوبين الذين برزوا مؤخراً على الساحة، وأجد في قراءة دراساتهم متعة ومعرفة واجتهاداً يدعو إلى الإعجاب.

لكن اللافت هنا، أنه برغم هذه الجهود النقدية المتواصلة لمتابعة الإصدارات الجديدة، ومواكبة تجليات الإبداع في مختلف مجالاته، سواء في الكتب والمجلات الأدبية المتخصصة أو في الصفحات الثقافية الأسبوعية في الجرائد اليومية، فضلاً عن الدوريات النقدية المُحَكّمة بدراساتها العلمية المتعمقة، فإن الإبداع يبدو متفوقاً في حركته وتدفقه وتحولاته المتتابعة، بما يمثل تحدياً للحركة النقدية، يحتاج إلى متابعة واستجابة أوسع مدى، تتيح تغطية شاملة للمشهد الأدبي على تنوعه، كما تتيح تواصل الأجيال الإبداعية والنقدية بصورة أكثر فعالية.

> طرحتِ في كتابك «السفر إلى ممالك الخيال» مفهوم «المخيال الروائي» وقمت بتطبيقه على الرواية الفلسطينية، أو روايات تتناول القضية الفلسطينية؟ حدثينا عن هذا الاختيار.

- تقدم هذه الدراسة قراءة نقدية مفصلة لخمس روايات صدرت في سنوات متقاربة خلال العقد الأول من القرن الحالي، تزامناً مع ذكرى مرور 60 عاماً على احتلال فلسطين، وذلك من خلال توظيف مفهوم المخيال الروائي، المستمد من علم الاجتماع والأنثروبولوجيا. وتركز القراءة على انعكاس مؤثرات تاريخية واجتماعية ونفسية في تشكيل الخطاب الروائي من حيث الرؤى المركزية في النصوص المدروسة، وتآلفها أو تقاطعها في البنى السردية للروايات، وأدوات التقنية الروائية المستخدمة فيها. الروايات هي: «الطنطورية» لرضوى عاشور، و«حبي الأول» لسحر خليفة، و«الملهاة الفلسطينية: زمن الخيول البيضاء» لإبراهيم نصر الله، و«حليب التين» لسامية عيسى، و«سوناتا لأشباح القدس» لواسيني الأعرج.

يظهر في الروايات المدروسة هنا دافع لا يقاوم لاستنقاذ ذاكرة المكان المسلوبة في المكان المسلوب من آلة النسيان التي يسلطها العدو بلا هوادة لتمحو معالم المكان الفلسطيني الذي ليس هو جغرافيا تغيرت وتتغير فحسب، بل بوصفه علاقة روحية ووجدانية تربط الإنسان بوطنه الأم، بكل ما يحمله من مشاعر وأحاسيس وصور وذكريات وثقافة تسكن المخيال الاجتماعي العام، كما يحيل إلى الحياة في أزهى تجلياتها الرمزية عندما ترتبط بمعاني الانتماء والحب غير المشروط للأهل والأحبة والأرض وما عليها، ومن عليها.

ومن ثم، فالمخيال، على تعدد تجلياته الروائية في هذه القراءة، يلجأ إلى قوة المتخيل الذي نجده بين أيدينا حافلاً بأسرار الفن وتقنياته المتنوعة بالغة الثراء، ولغته الشاعرية، وحتى بجماليات القبح فيه ليواجه التردي الذي آل إليه واقعنا العام، وما سبقه من أحداث وتحالفات ومصالح إمبراطوريات كبرى، تواطأت بالخديعة تارة، وباستغلال أخطاء تاريخية عربية تارة أخرى، تُستعاد من خلال ما تبثه الروايات من وقائع المأساة الفلسطينية، وآلام البشر الذين عايشوها، مجدولة في بنى روائية متخيلة، تترك لدينا نحن القراء ذلك الألم والشجن المتصادي الذي يسكن الروح، فيما يتجسد في مخيالنا وطن جمالي، كامل البهاء.

> في كتابك «عين الكتابة» تناقشين فكرة التحولات في المشهد السردي ما بين الجيل الذي يمثله نجيب محفوظ ويوسف إدريس والأجيال التالية لهما في رؤيتهم للعالم، ما أبرز ما توصلتِ له من رصد لهذه التحولات؟

- معظم دراسات الكتاب تتناول أعمال جيل الستينيات، والكتاب قراءة في تحولات السرد المصري والعربي، ويقدم صوراً نقدية لأعمال عدد من الكتاب، تتراوح بين الإطلالة المُجْملة على العوالم السردية لإدوار الخراط وإبراهيم أصلان وإلياس خوري، إضافة إلى صور جامعة أو دراسات تفصيلية لأعمال كتاب مثل يوسف إدريس، وبهاء طاهر، ويوسف أبو رية، وكذلك صور مكثفة لعمل بعينه لعدد من الكتاب مثل محمد البساطي، والطيب صالح، وانتهاء بصور مثل الومضات تركز على أحدث تحولات السرد في القصة القصيرة جداً.

> ذكرت في كلمتك أثناء تسلمك جائزة «كفافيس»: «إن الكتابة عندي حياة ورحلة بغير وصول»... هل ثمة مشروع قصصي جديد؟

- مشروعي الأدبي الأساسي أن أواصل الرحلة بشغف البدايات، وأن أواصل السفر إلى ممالك الخيال، فقيمة الرحلة ليست في بلوغ الهدف، بل في السبيل إلى ذلك الهدف.

وقد يهمك أيضا" :

منح الشاعر أمجد ناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب في الأردن

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتدال عثمان تؤكد أنها تواصل رحلتها في عملها الفني اعتدال عثمان تؤكد أنها تواصل رحلتها في عملها الفني



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya