ظهرت جثث المهاجرين البائسين الذين كانوا مجتمعين على قوارب مزدحمة بالناس متجهة إلى أوروبا، إلا أن انقلاب القوارب أدى إلى قتل من كانوا على متنها، وبدأت الجثث تظهر على الشواطئ الليبية، وبدت عظامهم مغمورة في الرمال، وسوف يتم دفنهم في مقابر مجهولة بعد أن لقوا حتفهم بدون علم ذويهم.
وجمع متطوعون من جمعية "الهلال الأحمر الليبي" الجثث الذي ظهرت على شاطئ البحر بعد أن خاطر أصحابها بحياتهم في رحلة محفوفة بالمخاطر من ليبيا متجهة إلى جزيرة لامبيدوسا قبالة السواحل الإيطالية.
ويجري في الوقت نفسه إنقاذ أكثر من ألف رجل وامرأة وطفل ممن تمكنوا من البقاء على قيد الحياة بعد هذه الرحلات الغادرة إلى أوروبا قبالة سواحل إيطاليا واليونان يوميًا، وظهرت صور جديدة مروعة لجثث الضحايا أخذت في زوارة على الساحل الغربي من ليبيا بالقرب من الحدود التونسية، وتظهر تلك الصور الحجم الحقيقي لأزمة المهاجرين.
ويتم انتقاء الجثث التي أصبحت كومة من العظام على امتداد 100 ميل من البلاد التي مزقتها الحرب من غارابولي حتى زوارة، ومن بين الصور المفجعة صورة تظهر الهيكل العظمي لإحدى الجثث بعد أن طفت على الشاطئ إلا أن صاحبها ما زال يرتدي سروالًا أصفر وحزامًا أسود من الجلد.
وأوضح رئيس مكتب الصحة في جمعية "الهلال الأحمر الليبي" طه سلطان، أن الجثث ظهرت على الشاطئ خلال العام الماضي، وأضاف متحدثًا لجريدة "ميل أونلاين" من بنغازي شرق البلاد: "نتعامل مع هذا الأمر منذ أكثر من عام في طول الساحل الغربي، إنه أمر يحدث يوميًا، إنها أمور تحدث في ليبيا طوال الوقت".
وتحدث سلطان عن عقلية المهاجرين على متن القوارب وأحيانًا يكونون مع عائلاتهم: "الناس يشعرون باليأس لذلك يغادرون وهذا أمر خطير أو أنهم يخافون على حياتهم، لدينا حرب هنا، والأفراد يُقتلون دون أي مساعدة، لدينا أيضًا تنظيم داعش هنا وهذا وضع خطير للعيش".
ويذكر أنه يتم تقسيم ليبيا بين حكومتين مدعومتين بفصائل مسلحة تقاتل بعضها البعض وتسيطر على أراض محدودة، وفي المقابل استغل تنظيم "داعش" والفصائل المسلحة الأخرى هذا الفراغ الأمني بحيث تتوسع على الأرض.
وأفاد سلطان بأن من يحاولون مغادرة البلاد بالطرق القانونية غير قادرين على الحصول على تأشيرة، لذلك فهم يغامرون برحلات الهجرة الخطيرة في البحر على متن سفن متهالكة.
ويؤكد المهاجرون الذين وصلوا إلى سواحل إيطاليا أن تجار البشر في ليبيا حصلوا منهم على ما يتراوح بين 770 إسترليني إلى 1150 إسترليني للحصول على مكان على سطح القوارب وذلك في ظل انعدام القانون في ليبيا، أما المهاجرون في الخنادق السفلية للقوارب يدفعون نصف الثمن.
وقتل أكثر من 40 مهاجرًا السبت في البحر المتوسط قبالة الساحل الليبي نتيجة الاختناق بسبب شدة ازدحام القارب، حيث كانت السفينة تحمل نحو 400 شخص عندما تم اعتراضها جنوب جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.
وتظهر الصور اثنتين من السفن البحرية تساعد الرجال والنساء والأطفال من السفينة المكتظة بالبشر بشكل خطير، حيث كانت السفينة توشك على الغرق عندما شوهدت من قبل طائرة مروحية تابعة للبحرية الإيطالية على بعد 21 ميلًا قبالة الساحل الليبي.
واكتشف رجال الإنقاذ جثث المهاجرين عندما استقلوا القارب، بينما أوضح الناجون من هذه الرحلة الخطيرة كيف تاجر البعض بأرواح البشر الذين دفعوا ثمنًا أقل للحصول على مكان في أحد الخنادق السفلية للقارب، حيث تحمل هؤلاء الناس الحرارة الشديدة، كما أنهم يواجهون خطر الموت في حالة انقلاب القارب، ويذكر أيضًا مقتل 200 آخرين من المهاجرين في وقت سابق من هذا الشهر قبالة سواحل ليبيا بعدما انقلب القارب بهم.
وأبرزت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر حتى الآن يقدر بحوالي 250 ألف هذا العام، مع ارتفاع عدد القتلى إلى 2300، ولكن يرجح زيادة عن القتلى عن ذلك نظرًا لعدم التمكن من تغطية جميع أعداد القتلى.
وأوضح طه سلطان أنه يتم تسليم الجثث إلى السلطات بعد تصوريها وتوثيق حالة الوفاة قبل الدفن، وأن أكثر من 100 ألف مهاجر عبروا قناة صقلية من ليبيا إلى إيطاليا حتى الآن في هذا العام.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر