أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف

أيتام العراق
بغداد – نجلاء الطائي

يشهد العراق النسبة الأكبر من الأيتام قياسًا بعدد سكانه، حيث يوجد أكثر من 4 ملايين يتيم يعانون العوز المادي والضيق المعيشي الذي يشكل خطرًا كبيرًا على دفع هذه الفئة من الإتجاه إلى الإرهاب والجريمة والإدمان على المخدرات، كما أن هؤلاء الأطفال اليتامى يعانون أحوالا معيشية صعبة من سوء الإهمال الحكومي والإندثار المجتمعي لكافل اليتيم، وكلما تزايدت الهجمات والحروب، تزايدت أعداد الأيتام في العراق، ما ينذر بعواقب إجتماعية وصحية واقتصادية وخيمة.
 فالعوز المادي والضيق خلَّفت أثارًا سلبية سوف تزداد لو أهملنا الجانب الانساني وتركناه بدون توجيه ومراقبة، ليصبح اليتيم مواطنًا صالحًا يخدم الانسانية، لذلك لا نريد ان تصبح الشوارع حاضنة للإرهاب والجريمة وتفشي الأمراض العصرية والإدمان على المخدرات.
 أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنفالعراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف""ايتام العراق" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/elmaghribtoday-d5.jpg " style="height:350px; width:590px" />
طفل عراقي يبلغ من العمر 7 او 8 سنوات رسم بالطبشور على أرضية غرفته صورة أمه المتوفاة, كل هذا من اجل العودة إلى النوم في أحضانها, ومئات القصص التي تختلف الواحدة عن الأخرى في زمن أيتام العراق، فلكل واحد منهم حكاية مؤلمه. أطفال رسم البؤس أحلامهم، يحكون بمظهرهم قصصا خلفتها ايام سود يعيشها العراقيون، من الم ،عوز، فقر، هذا ما تركته ذئاب الحزن تنهش في احلام الطفولة.
نعم، لقد كثر الحديث عن الايتام في العراق، ولكن اين هم الان وسط هذه المهاترات والسجالات السياسية ؟ يقفون عند تقاطعات المرور يبيعون ما خف وزنه وما يستطيع جسدهم الصغير حمله، ينتشرون في الشوارع وعلى الأرصفة، يجلسون أمام المحال التجارية للاستجداء من المارة واصحاب السيارات .
 
*مصطفى يبيع كتب ابيه
 أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنفالعراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف""ايتام العراق" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/elmaghribtoday-e3.jpg " style="height:350px; width:590px" />
مصطفى طفل يتيم أحبت أمه رجلًا فقيرًا وقبلت به زوجة ثانية، فحرمها أهلها الأثرياء من الميراث ثم ما لبث الزوج ان مات بمرض عضال فعاشت وإبنها عيشة الكفاف، تعمل خادمة في أحد البيوت, ولما ضاقت بهم سبل العيش الكريم طلبت من ابنها أن يبيع مكتبة زوجها فخرجت بمعية مصطفى حاملًا على ظهره كتب ابيه الثمينة التي يعشقها (مقدمة ابن خلدون, تاريخ الطبري, تفسير ابن كثير, الشوقيات, عبقريات العقّاد, بخلاء الجاحظ, ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين,)، ويممنا وجهينا شطر سوق الهرج في بغداد لنبيع أعز ما يملك بنصف الثمن وربما بربعه، فوقع بصرنا على بائع يفترش الرصيف علا الشيب مفرقه، وأحنى الزمان ظهره، ورسمت الحروب المتعاقبة ، التي لم يكن له فيها ناقة ولا جمل ، على وجهه خطوط غائرة تروي للأجيال قصة شعب قصمت ظهره النكبات وهو يعيش فوق أرض من الخيرات، ولسان حاله يردد قول الشاعر.
 
كان يبيع نسخًا قديمة من القران الكريم جنبًا الى جنب مع نسخ من الإنجيل وصورا منسوبة إلى السيد المسيح، ونسخا من كتاب (كنزا ربا) ،الكتاب المقدس لدى الصابئة المندائيين، فسرت القشعريرة في جسدي النحيل وأدركت أن قابل الأيام سيحمل بين طياته ما هو أدهى وأمر، ذاك ان شعوباً تبيع مقدساتها على قارعة الطرقات، بدراهم معدودات لن تقيم وزنا للحياة، فالشعوب لا تبيع ثمينها إلا إذا خان فيهم أمينها، حاكمًا كان ام محكومًا، واذا ما عقدت الخيانة قرانها على الجوع فإنها ستنجب لا محالة بشرا ليسو كسائر البشر، بشرٌ فقدوا ماء وجوههم، وعزة أنفسهم، ودماثة خلقهم، وباتوا لا يتورعون عن بيع ثمينهم، لكل من هب ودب ما دام يدفع أكثر، وهذا لعمري هو بيع الثمين بأجلى صوره, باع مصطفى كنز أبيه وكان فيه من الزاهدين وعدنا متقهقرين لنشتري قليلا من الخبز والموز والتفاح ولعبة "بلاي ستيشن2" لطالما حلم مصطفى بشرائها مذ اقعد المرض المميت اباه.
 
*احصائيات رسمية
 
و ذكرت تقارير المنظمات الدولية ان العراق يضم النسبة الأكبر من الأيتام قياسًا بعدد نفوسه ، اذ تجاوز عددهم الاربعة ملايين، إضافة الى إحصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي العراقية إلى أن عدد الأطفال الأيتام في العراق بلغ نحو أربعة ملايين ونصف المليون طفل بينهم الاف المشردين في الشوارع، فهل يمكن ان نتخيل كيف انعكس ذلك سلباً على الشارع العراقي من خلال تحول عدد كبير منهم إلى متسولين أو بائعين على قارعات الطرق؟ حالة من العوز المادي والضيق خلفت أثارًا سلبية سوف تزداد لو أهملنا الجانب الانساني وتركناه بدون توجيه ومراقبة ليصبح اليتيم مواطنا صالحا يخدم الانسانية لذلك لا نريد ان تصبح الشوارع حضانة للإرهاب والجريمة وتفشي الامراض العصرية والادمان على المخدرات.
 
وترك الأطفال واليتامى في عرائها سوف يقودنا إلى كثير من المآسي التي لا يمكن معالجتها بعد فوات الاوان وكلما تزايدت الهجمات، تزايدت أعداد الأيتام في العراق، ما ينذر بعواقب اجتماعية وصحية واقتصادية وخيمة.
 
*مرض ويتم
 
للوقوف على حجم الكارثة التي ألمت بأيتام العراق من دون ذنب اقترفوه كانت لنا جولة ميدانية لاستطلاع آراء بعض المعنيين برعاية الايتام وكفالتهم، التقينا خلالها معن العزاوي مدير جمعية (احباب المصطفى الخيرية) الذي بادرناه بالسؤال عن ابرز المشاكل التي يعانيها اليتيم في العراق هذه الايام، فأجابنا: 'لعلني لا ابالغ اذا ما قلت ان اخطر ما يواجه الايتام في عراقنا اليوم هي الاعاقة بأنواعها ، سواء السيكولوجية منها ، كالقلق والاكتئاب الشديد، والفوبيا، الخوف المرضي، او الذهنية كمتلازمة داون، "المنغول"، او الإعاقات الجسدية كالشلل النصفي والرباعي والصم والبكم، وفقدان البصر، فكل هذه الحالات رصدناها خلال جولاتنا الميدانية في المراكز الحكومية والاهلية المعنية برعاية اليتيم، فهؤلاء الأيتام المعاقون لم يعانوا فقدان حنان الأبوين أو احدهما فحسب، بل من وطأة الاعاقات التي اصيبوا بها ايضا، والتي اضافت عبئاً آخر على كاهلهم، فهذه الاعاقات وكما يعلم الجميع تستدعي رعاية خاصة تتطلب جهدا كبيرا ونفقات مضاعفة لا يجد اليتيم المعاق في كثير من الاحيان من ينذر نفسه لتـوفيرها له، ليجد نفسه محروما من حنـان الابوين ومن الرعاية الحكومية حيـنذاك'.
 
يُذكر أن دور الايتام في عموم الـعراق حتى عام 2011 ، هي 26 دارا، لا يتجاوز المسجلين فيها الـ(700) يتيم ، ومنها دار أيتام مختـلطة للأطفال في منطقة الصالحية ، يتم ترحـيل الذكور منها بعد بلوغهم سن العاشـرة إلى دار الوزيرية للأيتام في حين يـتم إرسال الإناث إلى دار العلوية للإنـاث.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف أيتام العراق بين مطرقة الحرب وسندان الجريمة في بلد أنهكه العنف



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 11:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج الميزان

GMT 11:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 11:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 01:15 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

عبير صبري تبدي سعادتها بنجاح أعمالها الأخيرة

GMT 02:30 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الجزر البريطانية لالتقاط صور تظهر روعة الخريف

GMT 03:32 2017 الخميس ,02 آذار/ مارس

نهى الدهبي تكشف عن رحلات السفاري المميزة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya