الرباط - أيوب المعكشاوي
ها هي طبول الأزمة الاقتصادية تستمر في دق ناقوس الخطر على المغرب، حيث انكشف الستار عن أزمة التجهيز البحري المغربي، بواخر عدة موقوفة، والمغرب يزيد من اعتماده على سفن النقل الأجنبية إذ يعرف تدبير الموانئ تأخرًا كبيرًا، ويستلزم تدخلاً فعالاً ومستعجلاً.
حيث قامت إسبانيا ببيع العبارة "بركان" التي نقلت لسنوات أجيالاً وأجيالاً من المسافرين أبناء جهة الريف والجهة الشرقية بين الناظور وألميريا,حيث أفادت مصادر إسبانية بأن مجلس إدارة ميناء ألمرية اتخذ قرارًا يعتبر فيه أن الشركة المغربية للنقل البحري (كوماريت) قد تخلت نهائيًا عن العبارة "بركان" التي ما زالت راسية من دون أي نشاط في أحد أرصفة الميناء منذ شهر كانون الثاني/ يناير 2012. وتستعد إدارة الميناء لبيع العبارة، التي كانت تستعملها الشركة في الربط بين ألمرية والناظور، بعد الحصول على الإذن من السلطات القضائية لدفع الرسوم المستحقة للميناء بعد ما يقرب من العامين من الرسُوِّ في أحد أرصفة الميناء.
وللتدكير ومن أجل فهم ما جرى لا بُدّ من قراءة في الوضع الحالي للنقل البحري والموانئ في المغرب بصفة عامة، وحالة العبارة بركان التابعة لشركة "كوماريت" بصفة خاصة لمعرفة ما الذي حدث، وكيف وصلنا إلى هذه الحالة.
الازمة الاقتصادية العالمية:
من تداعياتها تقليص الطلب على خدمات باخرة "أرماس" وغيرها من الفاعلين، خاصة خارج مواسم عودة العمال المغاربة في الخارج، مما أدى الى ضعف معدل الاستخدام في وقت ظلت فيه تكاليف الاستغلال ثابتة (كالطاقة, واليد العاملة, وتكاليف ولوج الموانئ وغيرها…)، ويضاف إلى هذا العامل عامل آخر يتجلى في بدء العمل في السماء المفتوحة والرحلات الرخيصة، التي جعلت الكثير من المسافرين يفضلون الجو عن البحر لقلة الثمن، وانخفاض زمن الرحلة.
*الأخطاء الإستراتيجية لقطاع النقل البحري:
ونقصد بها الدخول المبكِّر (نسبة إلى استعداد القطاع المعنيِّ بالمنافسة) في دوامة العولمة والخصخصة والتنافسية الدولية في وقت يشكو فيه القطاع من خلل بنيوي ناتج عن غياب "أبطال" وطنيين حقيقيين (وغير مصطنعين) في هذا القطاع، هذا دون أن ننسى رخص الامتياز الممنوحة للأعيان في إطار اقتصاد الريع.
وللأسف ما زالت الموانىء يديرها من ليس له صلة بمجال النقل البحرى والنقل الدولي ولا يحمل ما يؤهله لإدارة منظومة تجارية واقتصادية مهمة مثل الموانئ وليست الموانىء فقط بل كل الهيئات البحرية المهمة، وحتى من هؤلاء الذين يوضعون على رأس هذه المؤسسات يأتون ويُعيَّنون في جميع أركان الموانئ والهيئات ممارسين ليسوا متخصصين، فقط من أجل تهيئة الجو لأعمالهم التي ترفع شعار "مصلحتنا أولاً"، فأصيبت الموانئ والهيئات بعجز إداري وفساد مالي فاضح جعل المغرب في غير مكانتها اللائقة! وما خفي أعظم، ويمكنكم حتى البحث في أيِّ مكان أو أي إحصاءات عن حال المجال البحري في المغرب، فالفساد على مرأى ومسمع من الجميع، ولكن نتيجة تهميش أخبار هذه الأماكن بل انعدامها، وذلك متعمد لعدم رغبتهم ولا قدرتهم على أن يعرف الشعب ما يحدث في هذا المجال الحيوي، ومدى سرقة أمواله، فيها فقط استعراض أرقام وردية في كل شيء، مثل الأسطول، والحقيقة أنه تم تصفيته، والمغرب الآن من دون أسطول وطني؟.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر