بيروت - المغرب اليوم
تنتشر هذه الأيام - خصوصاً على صفحات التواصل الاجتماعي - أخبار ضبابية وغير واضحة في محتواها العلمي تَدَعي وجود علاجات فعالة ضد مرض السرطان (على حد ادعائها، وبعباراتها الرنانة) وبدون آثار جانبية، وأن نسبة نجاحها تصل إلى 100%، ليس هذا وحسب بل وتذهب تلك الأخبار الى تأكيد وجودها في بعض الدول العربية وفي مراكز صحية معروفة (كما تدعي).
بخصوص تعليقي على مثل هذه الأخبار أو أي خبر مشابه ويحمل نفس الصياغات غير الواضحة كرد مبدئي (وكما سُئلت من قبل الزملاء)، أقول:
ليست كل الأخبار صحيحة
أولًاً؛ حتى الآن لا يوجد ما يبين حقيقة العلاجات المذكورة (كدراسات موثقة علمياً) في المجلات العلمية العالمية المحكمة. لهذا السبب تبقى مثل هذه الاخبار وبهيئتها الحالية مجرد أخبار إعلامية أكثر منها علمية ولا يجب الانجرار ورائها والترويج لها. بل ويظهر من طبيعة فحواها بأنها تجارية هدفها جني الأموال بطريقة سهلة.
وحتى لا نقسو أكثر على تلك المصادر؛ أقول: ننتظر توضيحات أكثر بخصوصها تخاطب في لغتها أهل الخبرة في هذا المجال لبيان تفاصيلها العلمية وطريقة عملها، وكذلك تأكيد مدى فعاليتها وتأثيراتها الجانبية (هذا في حال تم تأكيد كل ما يتعلق بصحة تلك الاخبار المنقولة بدون سند علمي واضح).
وللتأكيد مرة ثانية؛ أقول: من منظور تحليلي علمي مبدئي وبصيغتها الحالية أنها مجرد أخبار صحفية تجارية، ونستطيع تصنيفها على أنها من قبيل الاخبار المنقولة على صفحات وشبكات التواصل الاجتماع خصوصاً "الواتسب".
يجب أن نكون أكثر وعياً
ثانياً؛ إن كل من يستغل الحالة الصحية والعاطفية لدى المرضى وعوائلهم ببيعهم مثل هذه الأخبار غير المؤكدة والتي تندرج تحت عنوان "الإشاعة" هو شخص مروج لأوهام. وعليه يجب على الناس التنبه وأخذ الحيطة والحذر حتى لا ينجروا وراء مثل هؤلاء الناس. بل ويجب عليهم التنبه من إعادة نشر تلك الاشاعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي خصوصًا "الواتسب" مخافة ان يتعلق بها احد المرضى فيترك بعدها علاجه المنصوح له طبيًا.
فترة اختبار أطول مما نتخيل
ثالثاً؛ إن مثل هذه العلاجات (ومن خلال خبرة طويلة لي في علاجات ميكروبية مشابهة) تستدعي الكثير من التجارب والأبحاث المخبرية، والتطبيقات العلمية والعملية على الحيوانات بشكل مبدئي، وبعدها تنتقل في تطبيقاتها لتصل إلى الإنسان في مجتمع صغير، ومن ثم تمتد بعدها لمجتمع اكبر، ليتم بعدها التأكد من فعالية العلاج وعدم وجود تأثيرات جانبية له؛ حيث لا يتم توثيق والحكم على فعالية تلك الأدوية الخاصة (مثل الكيمياويات المستخدمة في علاج السرطانات بشتى أنواعها) إلا بعد فترة زمنية، ومن ثم يتم تسجيل ذلك لذى منظمات الغذاء والدواء بشكل رسمي وبالإثبات العلمي.
والسؤال المطروح هنا هو: ماذا سيحدث إذا أعطي ذلك الدواء لشريحة كبيرة من الناس؟ وهل ستختلف استجابتهم له أم لا؟ وماذا سيحدث عند استخدامه على المدى البعيد؟
الخلايا السرطانية ليست واحدة
رابعاً؛ إن الخلايا السرطانية ليست نوع واحد ولكل نوع طريقة علاجية مختلفة؛ وعليه يكون السؤال هنا: كيف نتكلم عن علاج موحد؟ وما هي ميكانيكية عمله (إن صح الخبر)؟
إن جميع ما تقدم هو رد مختصر على كل من يروج لبيع الوهم (بدون دليل علمي) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليجعل المرضى المحتاجين بعدها (بقصد أو غير قصد) ينجرون وراء سراب، وهو أيضاً توضيح لكل من يتساءل عن تلك العلاجات (المزعومة بغير دليل علمي وبدون مصادر معروفة عند المنظمات العلمية العالمية).
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر