باريس - المغرب اليوم
شهدت فرنسا امس السبت، يوما احتجاجيًا جديدًا على زيادة الرسوم على المحروقات نفذَّته حركة "السترات الصفراء" التي بدا أن قدرتها على الحشد تراجعت على المستوى الوطني بالمقارنة مع الأسبوع الماضي؛ لكن هذا التراجع لم يحل من دون وقوع صدامات في باريس بين المحتج ين والشرطة التي استخدمت لتفريقهم الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه واعتقلت كثيرين.
وبلغ عدد المشاركين في اليوم الاحتجاجي في عموم فرنسا في الساعة 14,00 ت غ، 81 ألف شخص مقارنة بـ244 ألفا الأسبوع الماضي في الساعة ذاتها، وفقًا لما أعلنت وزارة الداخلية.
وأطلق محتجو "السترات الصفراء" هذا الاسم على أنفسهم لارتدائهم السترات الفوسفورية المضيئة التي يتوجب على كل سائق سيارة ارتداؤها إذا ما تعر ض لحادث. وبعدما بدأ تحر كهم للاحتجاج على رفع أسعار المحروقات سرعان ما توس ع ليشمل مطالب متعل قة بالضرائب المرتفعة وترد ي القدرة الشرائية، وقد حصل هؤلاء المحتجون على دعم شعبي واسع.
وذكرت وزارة الداخلية أن حصيلة الجرحى بلغت ثمانية "بينهم شرطيان" مقابل 106 الأسبوع الماضي، فيما بلغ عدد الموقوفين 22 شخصا .
ووقع القسم الأكبر من الصدامات صباح السبت في جادة الشانزيليزيه الشهيرة في وسط باريس والتي كانت السلطات أعلنت منع التجمهر في قسم منها.
وخلال الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن رشق المتظاهرون عناصر الشرطة بمقذوفات مختلفة وتحص نوا خلف متاريس بنوها بما تيس ر لهم، في حين رد عليهم عناصر الدرك وشرطة مكافحة الشغب بقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وتدخل عناصر الإطفاء قرابة الساعة 16,00 ت غ لإخماد حرائق أشعلها المتظاهرون في المتاريس التي أقاموها والتي تسب بت بأعمدة كثيفة من الدخان الأسود اختلطت بالدخان الناجم عن القنابل المسيلة للدموع.
وفي حين كانت العاصمة تعيش على وقع هذه الصدامات، كانت أنحاء أخرى من البلاد تشهد تحر كات احتجاجية سلمية من تظاهرات، أو إبطاء حركة السير على الطرق العامة أو على العكس من ذلك تسريعها من خلال رفع الحواجز الموضوعة على الطرق السريعة التي يتم عبورها مقابل بدل مالي؛ ولكن حتى في باريس فإن الاحتجاجات لم تكن كل ها عنيفة، فباستثناء النواة الصلبة للمحتج ين العنيفين كان سلوك بقية المتظاهرين سلميًا .
وقالت إحدى المتحدثات باسم "السترات الصفراء" وتدعى ليتيسيا ديوالي "37 عاما" إلى وكالة فرانس برس "لسنا هنا للاعتداء على الشرطة. لقد جئنا من أجل أن تستمع الشرطة إلينا، من أجل أن تستمع إلى الشعب. نحن لسنا بصدد تحرك سياسي أو نقابي. نحن نستنكر عنف المتظاهرين المزيفين".
من جهته قال وزير الداخلية كريستوف كاستانير "إن من بين المتظاهرين أعضاء من "اليمين المتطرف" يريدون "مهاجمة المؤسسات"؛ حيث شوهد متظاهرون ينزعون حجارة أرصفة أو ينزلون حواجز أقيمت حول ورشات".
ويُعد هذا هو ثاني تحرُّك احتجاجي تنفذه "السترات الصفراء" وأتى أضعف بكثير من سابقه الأسبوع الماضي حين بلغ عدد المتظاهرين في عموم أنحاء فرنسا نحو300 ألف محتج.
وعلى الر غم من تراجع التعبئة إلا أن هذا التحر ك الاحتجاجي يمكنه حاليا أن يعتمد على دعم واسع من الفرنسيين؛ حيث كشف استطلاع للرأي أجراه معهد "بي في آ" أن 72 بالمائة من الفرنسيين يؤي من دون مطالب "السترات الصفراء" الغاضبين من زيادة رسم للبيئة أدى إلى ارتفاع أسعار المحروقات.
وتؤكد الحركة أنها تجري خارج إطار الأحزاب والنقابات، لكن حوادث السبت أثارت ردود فعل سياسية.
وهاجم وزير الداخلية الفرنسية بشكل مباشر زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، معتبرا أن "مشاغبين" لبُّوا دعوتها للتظاهر في الشانزيليزيه، وردت لوبن عبر التلفزيون قائلة "لم أدع إطلاقا إلى أي عنف".
من جهته، كتب جان لوك ميلانشون زعيم الكتلة البرلمانية لحزب "فرنسا المتمردة" اليساري المتطرف في تغريدة "إن كاستانير يريد أن تكون تظاهرة السترات الصفراء من اليمين المتطرف والمشاركين فيها قلة. الحقيقة هي أنها تظاهرة كبيرة للشعب".
ورأى البعض في هذا اليوم الاحتجاجي تحد يا للرئيس إيمانويل ماكرون الذي طاولته هتافات المحتجين بشكل مباشر إذ رد د قسم منهم عبارة "ماكرون إستقل"، ولم يبد ماكرون حتى الآن أي رغبة في تخفيف وتيرة إصلاحاته من أجل "تغيير" فرنسا؛ لكن قصر الإليزيه أعلن أن الرئيس سيطلق الثلاثاء "توجيهات للانتقال البيئي"، مؤكدة أنه "تلقى رسالة المواطنين".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر