السجون الجزائرية اكتظاظ ومخاوف من تفريخ التطرف والإرهاب
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

السجون الجزائرية اكتظاظ ومخاوف من تفريخ التطرف والإرهاب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - السجون الجزائرية اكتظاظ ومخاوف من تفريخ التطرف والإرهاب

الجزائر - وكالات

حذر ناشطون حقوقيون من ظاهرة الاكتظاظ في سجون الجزائر وطريقة معاملة السجناء، ودورها في "تفريخ التطرف والإرهاب"، وطالبوا بالفصل بين سجناء الإرهاب والقضايا الأخرى وبـ"أنسنة" المنظومة العقابية بما يضمن كرامة السجناء وحقوقهم. ترسم منظمات حقوق الإنسان المستقلة في الجزائر مشهداً أسود عن وضع السجون والمساجين، ونددت مرات عدة بظروف الاعتقال والحبس داخل الزنزانات المكتظة عن أخرها وسوء معاملة بعض الحراس. إذ تشير أخر الأرقام الرسمية أن عدد المساجين في الجزائر يبلغ 56 ألفاً سجين، يقضون عقوباتهم في 133 سجناً لا تتسع إلا لـ 25 ألف سجين حسب شروط الحبس المعمول بها دولياً. وهذا الرقم مرشح للزيادة في السنوات القادمة، إذا ما استمر استقبال المؤسسات العقابية للمجرمين بمعدل 5 ألاف شخص سنوياً. ويرى مراقبون أن ارتفاع عدد السجناء بالجزائر نتيجة طبيعية لظاهرتين متلازمتين، أولاهما الأزمة الأمنية الذي شهدها البلاد خلال عشرية تسعينات القرن الماضي، وثانيتهما تعثر مسيرة التنمية ونشوء وتفاقم ظواهر اجتماعية هدامة مثل البطالة والسرقة والاغتصاب وتعاطي المخدرات، وزادت هذه الظواهر من معدلات الجريمة، والجريمة المنظمة بأنواعها. ويقر بوجمعة غشير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بالوضعية الكارثية، التي آلت إليها السجون الجزائرية جراء الاكتظاظ وانعدام الشروط الكافية للحبس، "مما يسهل انتشار الأفكار المتطرفة. ورغم التحسن الذي شهدته الجزائر مؤخراً، إلا أن الادعاء بأن السجون الجزائرية أصبحت فنادق لنزلائها، كلام فيه الكثير من المغالطة". وحذر غشير في حديثه لـ DW عربية من الانعكاسات النفسية والعضوية على السجناء نتيجة "الظروف المزرية" التي يعيشون فيها، وهو ما يحوّل تنفيذ العقوبة إلى نوع من أنواع التعذيب. من جانب آخر رصد المراقبون ونشطاء حقوق الإنسان في الجزائر زيادة ملفتة لمظاهر التشدد الديني داخل السجون الجزائرية، وخاصة عند صغار المدانين بقضايا السرقة وتعاطي المخدرات والضرب وغيرها من القضايا. ومثال ذلك الشاب عبد السلام (29 عاماً)، المعروف لدى سكان الرويبة، بترويجه للمخدرات وسرقة المنازل والسيارات، دخل السجن عام 2008 بعد أن طعن أحد زبائنه بالسكين، وبعد ثلاث سنوات من العقوبة في سجن الحراش، خرج على غير الهيئة والأفكار التي كان عليها. إذ أصبح يدعو أصدقاءه إلى أفكار السلفية المتشددة، التي يقول أن "الله هداه إليها". في هذا السياق يؤكد عبد رزاق بارة، المستشار برئاسة الجمهورية والمكلف بمكافحة الإرهاب، بأن السلطات ''سجلت في السجون توسع انتشار نماذج وانحرافات، تشجع عدداً من الشباب على التطرف العنيف انطلاقاً من تصور أو تأويل خاطئ لرسالة دينية''. ويرجع بوجمعة غشير ظهور الفكر الديني المتطرف في السجون الجزائرية إلى المعالجة الأمنية الخاطئة التي اعتمدتها السلطة لمتابعة الإسلاميين في بداية التسعينات، "واستمرت مع سنوات الإرهاب بإلقاء القبض على الأشخاص بشكل شبه عشوائي. ويضيف أن "الكثير من الأشخاص الذين تم توقيفهم عن طريق الخطأ، تحولوا إلى هذا الفكر بسبب إحساسهم بالظلم وتعرضهم لسوء المعاملة".ويوضح رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أن التيار السلفي استغل في الفترة الأخيرة الأوضاع المزرية التي تعيش عليها السجون لنشر أفكاره بشكل كبير داخل الزنزانات، "واستطاع استمالة الكثير من الأشخاص إلى صفوفه، وأصبحوا بعد خروجهم من السجن دعاة للمنهج السلفي ومن أقطابه المؤثرين". وبرأي غشير فإن هؤلاء لا يشكلون خطراً جدياً، فالخطر الحقيقي يأتي من "عدم الفصل بين الإرهابيين المحكوم عليهم والمسجونين بسبب قضايا أخرى"، لذلك عمدت الرابطة إلى أن تطلب منذ البداية الفصل بين السجناء "حتى لا ينتقل الفكر المتشدد إلى صغار المجرمين"، واستغلالهم في قضايا تهدد الأمن العام بعد خروجهم. ن جانبه يؤيد فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، تفسير غشير لأسباب ظهور التطرف في السجون الجزائرية في سنوات التسعينات، لكن الأمر الآن أصبح مختلفاً تماماً. ويوضح أن هناك حالات فردية فقط، والمسألة لم ترق لتكون ظاهرة، وأن النقطة السوداء في السجون الجزائرية تبقى هي الاكتظاظ، "فلا توجد أي انتهاكات داخل السجون في الوقت الراهن". ويضيف قسنطيني في حوار مع DW عربية بالقول: "السجون الموروثة عن العهد الاستعماري لم تعد كافية وصالحة لاستقبال السجناء الذين يتزايد عددهم سنوياً، إلا أن هذا الوضع سيتغير بتنفيذ مشاريع لإنجاز 13 سجناً جديداً". ويعتقد المدافع الأول عن تقليص مدة الحبس الاحتياطي أن ورشات إصلاح العدالة كان لها الأثر الايجابي الأول على تحسين وضعية السجون، إذ عمل جهاز العدالة على تطوير المنظومة العقابية وآنسنتها من أجل التقليل من عودة المحبوسين إلى الجريمة بعد انقضاء مدة العقوبة، وذلك من خلال "تنظيم حلقات للإرشاد والتوعية لمراجعة أفكار التطرف العنيف والتعليم والتكوين والتأهيل والمساعدة في فتح سبل إعادة الإدماج الاجتماعي". الباحث في علم الاجتماع بجامعة الجزائر 2 زوبير عروس يرى أن السجون طالما كانت المرتع الأساسي "لتفريخ الإرهاب" في كل دول العالم، وخاصة في الدول العربية. وتعود بداية ذلك إلى خمسينات القرن الماضي والصراع الذي كان بين الحركة الإسلامية وجمال عبد الناصر. أما في الجزائر فيرى الباحث أن الصراع بين الإسلاميين والسلطة في بداية التسعينات، وزج هذه الأخيرة بـ 10 ألاف عنصر في الجبهة الإسلامية للإنقاذ في معتقلات الصحراء كان بمثابة "الفرصة الذهبية" لرموز التيار الديني المتشدد لتجنيد وتعبئة الإرهابيين. فاروق قسنطيني: "السجون الموروثة عن العهد الاستعماري لم تعد كافية وصالحة لاستقبال السجناء الذين يتزايد عددهم سنوياً". ويرى عروس في تنامي تيار السلفية في السجون الجزائرية "حقيقة سوسيولوجية، فالمجرم شخص يسهل إقناعه". ويضيف الباحث الجزائري في حديثه لـDW عربية بالقول: "خاصة إذا كان صاحب فكر بسيط، لأنه يحبذ دائماً الفعل المباشر"، ومن السهل أن يتحول من "مجرم إلى مجاهد"، ويتحول العنف الإجرامي إلى عنف إيديولوجي. ويؤكد زوبير عروس بأن ذلك ليس قرين الإيديولوجيات الدينية فقط، بل والعنصرية أيضاً والتي تستخدم المجرمين لتحقيق أهدافها ومشاريعها. وحول إقبال الشباب على اعتناق هذه الأفكار المتشددة يقول عروس إن الشاب الجزائري مثل غيره في العالم يريد أن يعيش حياته ويحقق ذاته في إطار قيم الحرية، وعندما يفتقد للحرية وسبل العيش الكريم فإنه يلجأ إلى التطرف في قراراته وأفكاره "سواء برمي نفسه في البحر على أمل الوصول إلى أرض الأحلام في أوروبا أو برمي نفسه في حضن الجماعات المشددة بحثاً عن حلم أخر بعد موته".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السجون الجزائرية اكتظاظ ومخاوف من تفريخ التطرف والإرهاب السجون الجزائرية اكتظاظ ومخاوف من تفريخ التطرف والإرهاب



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 11:14 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج القوس

GMT 15:51 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج العذراء

GMT 11:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الإثنين 9 تشرين الثاني / نوفمير لبرج العذراء

GMT 00:58 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

دراسة تحدّد الأطفال الأكثر عرضة لخطر السكري من النوع الثاني

GMT 19:55 2019 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

رشيد دلال مساعدا للكيسر في تدريب أولمبيك آسفي

GMT 05:10 2016 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تستضيف أعمال الفن العربي الحديث في متاحفها

GMT 07:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

غوايدو يدعو الفنزويليين للاحتجاجات ضد مادورو

GMT 17:50 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وهبي يراسل وزير الصحة بشأن غياب دواء مرضى السرطان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya