تونس  ضحايا فترة الاستبداد أصبحوا ضحايا التجاذب السياسي
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

تونس : ضحايا فترة الاستبداد أصبحوا ضحايا التجاذب السياسي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - تونس : ضحايا فترة الاستبداد أصبحوا ضحايا التجاذب السياسي

تونس ـ وكالات

أصبحت مآسيهم تجارة رابحة على الساحة السياسية وآلامهم محل مزايدات من قبل الأحزاب المعارضة أو المشاركة في الحكومة. فهم في الماضي ضحايا الاستبداد ولازالوا ينتظرون جبر الضرر المادي والمعنوي ومحاسبة الجلادين.رغم ضوضاء السياسيين لازال ضحايا فترة الاستبداد في تونس ينتظرون عدالة تأخرت وحقوقا ضاعت عبر العقود. أحيت الثورة أملهم في العدل وجبر الضرر المادي والمعنوي ومحاسبة جلاديهم، ولكن لا شيء يبدو قد تحقق. قابلنا ضو ثابتي، سجين سابق، فحدثنا عن تجربة التعذيب والسجون. يقول ضو "بعد شهرين من التعذيب وسنوات السجن بسبب تهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها، خرجت إلى المراقبة الإدارية وسجنها الكبير. وذات يوم أخبرني أحد أعوان الأمن سرّا بضرورة مغادرة البلاد لان هناك أمرا يتم تدبيره سريعا لإعادة محاكمتي وسجني من جديد ".ويحكي ضو ثابتي وهو يستجمع شتات ذكريات مؤلمة قصة هروبه من تونس، "قطعت صحراء الحدود الليبية خفية وبدون وثائق، وكانت أصعب الأيام تلك التي مرّت بي في ليبيا لان النظام الليبي كان يسلّم الهاربين إلى تونس. وفي ليبيا حصلت على وثائق سفر مزورة وقررت السفر عبر القوافل المتجهة إلى النيجر ثم إلى السنغال لأحط الرحال في المغرب، ومن هناك اشتريت تذكرة سفر إلى اسطنبول، وعندما توقفت الطائرة بمطار جنيف، أخبرت شرطة المطار بهويتي وطلبت حق اللجوء السياسي. فكانت فضيحة مدوية أنذالك للنظام البائد.  وانطلق ضو من منفاه بجنيف في مقاضاة جلاديه عبر اللجوء إلى المنظمة الدولية لمقاومة التعذيب. وبعد الثورة، وجد الوزير السابق للعدل ملفه على أحد الرفوف، فنفض عنه الغبار وأحالها على التحقيق.ويقول ضو، الذي قابلناه وهو يستعد لمواجهة "جلاّديه" على حد تعبيره، "أشعر بالرهبة والخوف من هذا اللقاء. أنا الآن خارج السجن وهم بداخله. أريد أن أنظر في عيونهم وأرى هل هم نادمون على ما اقترفوه في حقي". ورغم مرورالسنين يتذكر ضو من قام بتعذيبه ويحكي كيف كانوا يتلذذون بذلك. ولا يطلب ضو بعد الثورة غير محاسبة من تعدى على حقوقه وحقوق عائلته التي تشردت وعذبت على مدى أعوام طويلة.    تسعى جمعيات الضحايا للتوصل الى اعتراف الدولة بحجم انتهاكاتها والى العمل لتفكيك منظومة الاستبداد من أجهزة قضائية وإعلامية وبوليسية رهيبة و فاسدة ، حيث تم تسخيرها ضد مواطنيها. وقد قام العديد من الجمعيات بتقصي الانتهاكات وتوثيق الحوادث وجمع الشهادات ورفع الدعاوى القضائية.ويعتبر خالد الفوني، عضو جمعية العدالة ورد الاعتبار في لقاء مع DWعربية أن الديكتاتور التونسي أرسى نمطا استبداديا وسخّر مختلف أجهزة الدولة لهرسلة المواطن. ويرى أن الحديث عن عدالة انتقالية، هو الحديث عن تفكيك منظومة الاستبداد وإعادة بناء الدولة والمجتمع.ويقول كريم عبد السلام رئيس جمعية العدالة ورد الاعتبار من جانبه أنه "يتوجب على الدولة الاعتراف الرسمي بجرائمها، ويبين أن الدولة في شخص رئيس الجمهورية اعتذرت لبعض الضحايا بشكل جزئي غير أنه  ليس هناك أي تأثير قانوني لهذا الاعتراف. ويتساءل المتحدث ويقول: "ليس هناك من ضرر أن تقوم الدولة اليوم بالاعتراف بجرائمها ضد ضحاياها آنذاك خصوصا مع وجود قطيعة تامة مع النظام السابق ".ورغم أن قانون العادلة الانتقالية كان قد عرض من قبل الحكومة على المجلس الوطني التأسيسي مؤخرا للنظر فيه،  إلا أن العديد من المهتمين بهذا الشأن يرون أنه يحمل في طياته بذور حيف ضد الضحايا. ويبين المحامي وسام الشابي في حوار مع DWعربية أن الضحايا لن يكونوا ممثلين في "هيئة الحقيقة والكرامة" التي ستشرف على مشروع العدالة الانتقالية سوى بعضوين من جملة 15 عضوا، كما يشكل موقف المجتمع المدني العنصر الحاسم في مختلف المسائل خلال مناقشة قانون مشروع العدالة الانتقالية، وقد كان من غير ألائق أن تقتصر مساهمة الجهات على مناقشة المسألة خلال يوم واحد وبشكل "كرنفالي" لا غير.ويتخوف الحقوقيون في تونس من أن يقتصر مشروع العدالة والكشف عن الحقيقة على جبر الضرر المادي وشراء سكوت الضحايا عبر التعويضات المالية دون محاسبة المذنبين وجبر الضرر المادي والمعنوي و القيام بالإصلاح المؤسساتي ونهج المصالحة.ورغم التجاذبات الحادة والانتقادات الكبيرة التي يواجهها العديد من الأحزاب السياسية والتي كانت سببا من أسباب استقالة وزير المالية السابق حسين الديماسي، تسعى الحكومة اليوم إلى إيجاد صيغ جديدة لتطبيق قانون التعويضات بعد أن عجزت عن إصداره. وقد شرعت فى تفكيك القانون وأفردت المتمتعين بالعفو التشريعي العام من السجناء بأولوية الانتداب في القطاع العمومي، كما اعتمدت قانونا ينص على إعادة بناء المسار المهني للمطرودين وتسوية وضعيتهم مع صناديق الرعاية الاجتماعية. ويعتبر كريم عبد السلام أن التعويض المادي خارج مسار العدالة الانتقالية هو محاولة لرشوة الضحايا وشراء صمتهم بالمال. ويقول "إن تفعيل العفو التشريعي العام، ما يزال حبرا على ورق، فهناك فقط 2400 من من تم إعادتهم إلى أعمالهم في القطاع العام في إطار استرداد الحقوق، في حين يفوق عدد الضحايا 12000 شخصا إضافة إلى الضحايا بصفة غي مباشرة وخصوصا عائلات الضحايا".ومن ناحيته يعتبر حسين بوشيبة، سجين سابق ورئيس جمعية الكرامة للسجين السياسي أن الحكومة مقصرة في حق الضحايا ولكن ذلك لا يمنعه من النظر بعين الرضا لشروعها في تطبيق مرسوم العفو التشريعي وتطبيقه على أرض الواقع، إذ يرى أن الوقت قد حان ليتمتع السجناء السابقون بحقوقهم، ويؤكد على أنه من الضروري أن يشمل رد الاعتبار للأسر التي ضحّت وتألمت وظلمت لسنوات.ورغم تحفظ عدد من الحقوقيين على موقف التعويضات خارج إطار العدالة الانتقالية فقد أنشأت الدولة صندوق شهداء وجرحى الثورة وضحايا الاستبداد لتعويض الضحايا حيث تبرعت له دولة قطر ب  20 مليون دولار. ويقول خالد الفوني، حول هذه المسألة "لا نريد عملية تسول، إنما نحن نعتبر أنها مسؤولية قانونية للدولة، كما نعتبر أن الدول التي ساهمت في دعم الديكتاتورية تتحمل جزءا من المسؤولية. فقد عذب وسجن مئات الأبرياء استنادا إلى تقارير أوروبية واستخباراتية غربية". وإلى حين انطلاق مسار العدالة الانتقالية وتفكيك منظومة الاستبداد واعتراف الدولة بجرائمها، يبقى ضحايا السجون في تونس محل تجاذب سياسي كبير وضحايا الأخذ والرد بين السياسيين.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس  ضحايا فترة الاستبداد أصبحوا ضحايا التجاذب السياسي تونس  ضحايا فترة الاستبداد أصبحوا ضحايا التجاذب السياسي



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 19:14 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج العقرب

GMT 11:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 15:33 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الجوزاء

GMT 19:14 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

جون تيري يكشف مميزات الفرعون المصري تريزيجيه

GMT 17:27 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وضع اللمسات الأخيرة على "فيلم مش هندي" من بطولة خالد حمزاوي

GMT 22:05 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك كل ما تريد معرفته عن PlayStation 5 القادم في 2020

GMT 05:54 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

بسمة بوسيل تظهر بإطلالة العروس في أحدث جلسة تصوير

GMT 09:38 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خلطات منزلية من نبات الزعتر الغني بالمعادن لتطويل الشعر

GMT 16:41 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لمحة فنية رائعة من صلاح تسفر عن هدف

GMT 12:21 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محمد يتيم يعود للكتابة بالدعوة إلى "إصلاح ثقافي عميق"
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya