نفذت السلطات البحرينية الاحد احكاما بالاعدام رميا بالرصاص بحق ثلاثة شيعة بحرينيين دينوا بقتل ثلاثة رجال امن بينهم ضابط اماراتي في اذار/مارس 2014، ما ادى الى اندلاع تظاهرات احتجاج في قرى شيعية.
وبعيد تنفيذ عمليات الاعدام هذه، الاولى في البحرين منذ سنوات، احرق محتجون اطارات، بعد يوم من تظاهرات مماثلة جاءت في اعقاب انتشار اخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قرب تنفيذ الاعدامات.
وتشهد البحرين اضطرابات متقطعة منذ قمع حركة احتجاج فيها اندلعت في شباط/فبراير 2011 وقادتها الغالبية الشيعية مطالبة باقامة ملكية دستورية في هذه المملكة التي تحكمها عائلة سنية.
والهجوم الذي قتل فيه عناصر الامن الثلاثة كان اكثر الهجمات دموية ضد رجال الامن في البحرين منذ بدء قمع الاحتجاجات.
وقال رئيس "نيابة الجرائم الارهابية" المحامي العام أحمد الحمادي "تم صباح اليوم تنفيذ حكم الاعدام في المحكوم عليهم الثلاثة المدانين في القضية الخاصة باستهداف قوات الشرطة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء الرسمية (بنا).
واوضح ان تنفيذ الحكم "تم رميا بالرصاص، وبحضور قاضي تنفيذ العقاب وممثلي النيابة العامة ومأمور السجن وطبيب وواعظ".
وذكرت مؤسسة "ريبريف" للدفاع عن حقوق الانسان التي تتخذ من لندن مقرا انها اول عملية اعدام في البحرين منذ عام 2010، واول عملية اعدام لبحرينيين منذ العام 1996.
وقالت مايا فوا مديرة "ريبريف" في بيان ان الاعدام يمثل "خرقا مهينا للقانون الدولي"، مضيفة ان احكام الاعدام صدرت "استنادا الى اعترافات انتزعت بالتعذيب".
بدوره رأى براين دولاي مدير مؤسسة "ديفندرز" للدفاع عن حقوق الانسان في واشنطن ان تنفيذ الاعدامات "خطوة خطيرة من قبل نظام البحرين"، محذرا من انها "ستؤدي على الارجح الى غضب وعنف اضافيين في منطقة هشة اصلا".
بعيد تنفيذ الاعدامات، خرجت تظاهرات في قرى شيعية وقطع المحتجون الطرق بالاطارات المحترقة بينما رد عناصر الامن باطلاق الغاز المسيل للدموع، بحسب ما اظهرت صور وتسجيلات مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتمنع السلطات البحرينية وكالات الانباء العالمية من تغطية الاحداث بشكل مستقل.
وقال الناشط الحقوقي البحريني سيد أحمد الوداعي "انه يوم اسود في تاريخ البحرين"، مضيفا ان تنفيذ الاحكام "جريمة شنيعة" و"وصمة عار".
وكانت البحرين شهدت عشية تنفيذ الاحكام تظاهرات في قرى شيعية عدة بعدما انتشرت انباء على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بقرب التنفيذ، بحسب ما افاد شهود وكالة فرانس برس.
وشارك عشرات الرجال والنساء الشيعة في التظاهرات التي جابت الشوارع. وردد المتظاهرون هتافات "كلا كلا للاعدام" و"يسقط حمد" في اشارة الى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
ولفت ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الى ان السلطات البحرينية استدعت عصر السبت عائلات المدانين الثلاثة وسمحت لهم بلقاء ابنائهم كل على حدة، في خطوة عادة ما تسبق تنفيذ حكم الاعدام.
وبالتزامن مع التظاهرات، اعلنت وزارة الداخلية البحرينية على حسابها في تويتر مساء السبت عن عمل "إرهابي تمثل في إطلاق نار على موقع لدورية أمنية في قرية بني جمرة الشيعية القريبة من المنامة، وأسفر عن إصابة أحد رجال الأمن".
وتبنى الهجوم تنظيم يسمي نفسه "سرايا الاشتر" قائلا انه "تحذير واضح للنظام الخليفي من المساس بأحبتنا وأخوتنا المحكومين بالإعدام".
وكانت محكمة التمييز البحرينية ثبتت الاثنين احكام الاعدام بحق الاشخاص الثلاثة اضافة الى احكام بالسجن المؤبد بحق سبعة اخرين دينوا بالتورط في القضية ذاتها.
وقالت النيابة العامة ان اثنين من المحكوم عليهم شكلا "جماعة ارهابية ضمن تنظيم سرايا الاشتر الارهابي، ونجحا في تجنيد المتهمين الآخرين".
وشكل حكم محكمة التمييز النهائي بحق المدانين العشرة وجميعهم من الشيعة، اخر فصول قضية مقتل عناصر الامن في تفجير عبوة ناسفة في اذار/مارس 2014 في قرية الديه الشيعية غرب المنامة.
والضابط الاماراتي الذي قتل في التفجير كان اول عنصر امن اجنبي يقتل في البحرين حيث تقوم قوة خليجية بقيادة السعودية منذ اذار/مارس 2011 بدعم قوات الامن في تعاملها مع الاحتجاجات الشعبية التي اطلقتها الاغلبية الشيعية.
وكثفت السلطات البحرينية محاكمة وملاحقة معارضيها منذ قمع الحركة الاحتجاجية. ورغم تراجع وتيرة العنف في الاعوام الاخيرة، لا يزال القضاء يصدر عقوبات قاسية بحق المعارضين. كما ان هذه الاحكام تكون مرفقة احيانا بقرار اسقاط الجنسية.
ودعت فوا الحكومة البريطانية الى "مراجعة علاقاتها الوثيقة مع المملكة"، مشيرة الى ان لندن تقوم بتدريب عناصر امن بحرينيين وقضاة وحراس سجون "في السجن حيث كان يقبع" الرجال الثلاثة الذين جرى اعدامهم.
كما اصدرت اربع منظمات حقوقية اخرى بينها مركز البحرين لحقوق الانسان بيانا مشتركا اعتبرت فيه ان المدانين الثلاثة "ضحايا تعذيب وحكم عليهم بالاعدام اثر محاكمة ظالمة".
في لندن اكد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مجددا "معارضة بريطانيا لعقوبة الاعدام" واعلن انه تطرق الى مسألة احكام الاعدام مع الحكومة البحرينية.
وفي بيروت، ندد حزب الله اللبناني بالاعدامات واتهم السلطات البحرينية بارتكاب "جريمة (...) تمثلت بإعدام ثلاثة شباب أبرياء باعتراف العديد من المنظمات الدولية".
واعتبر أنه "بات من الواضح أن عملية الإعدام هذه سوف تطيح بأي فرصة لإيجاد حلول سياسية للأزمة في البحرين، وسوف تقود البلاد نحو مستقبل مجهول بما يهدد الاستقرار في البحرين نفسها وفي المنطقة كلها".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر