أكدت خبيرة تعديل السلوك والباحثة في الصحة النفسية للأطفال الطاهرة عماري، أنَّ التربية الجنسية للطفل تحميه من الانحراف السلوكي، موضحة أن أي مشكلة يعاني منها الفرد من الناحية الحسية يكون أساسها متعلق غالبًا بالطفولة المبكرة.
وأضافت عماري في مقابلة مع "المغرب اليوم": "من خلال دراسة نظرية التحليل النفسي لفرويد وفي تقسيمه لمراحل النمو الجنسي للشخصية نجد أن معظم المشكلات الجنسية التي تحدث في العمر المتقدم مرتبطة بالمراحل الأولى من عمر الفرد مثل المرحلة الفمية والمرحلة القضيبية والمرحلة الأوديبية".
وأشارت إلى أن الجنس بشكل عام في معظم وأغلب المجتمعات تابوه حساس جدًا يصعب الاقتراب منه ولذلك فإن معظم الناس تتعامل مع تفاصيله بشكل خاطئ جدًا خصوصا في التربية مع الأطفال, على اعتبار أن أطفالهم ناقصي الإدراك والفهم، فيكون رد فعلهم تجاه تصرفات أطفالهم - التي يعتبروها جنسية - هي في الواقع لها تفسيرات أخرى مرتبطة بنمو الطفل ولكن يجهلها الأب والأم.
وأوضحت أن رد فعل الأسرة تجاه أسئلة الأطفال الجنسية، قد يساعد على تربية جنسية صحية وسليمة أو يسبب مشكلات وعقدًا متعلقة بالجنس تترسب منذ الطفولة المبكرة وتكبر يومًا بعد يوم حتى تتسبب في انفجار كبير قد يكون أحد صوره الزواج العرفي المرتبط من الأساس بالكبت الجنسي.
وأشارت إلى أن "التربية الجنسية السليمة ليست ترفًا ولا رفاهية، بل هي أساس للحياة ولمستقبل أطفالنا لأن طفل اليوم هو زوج وأب المستقبل أو أم وزوجة المستقبل"، محذرة "من خطورة تعامل الأسرة مع أطفالهم على أنهم محدودي التفكير والإدراك لأن إهمال التركيز والتدقيق في ما يقدم وما يمنع من خلال هذا السياق لا يمثل علاجًا أو تأمينًا لهم ولعفتهم تحديدًا".
وشددت على "ضرورة البدء في الوضع الصحيح من خلال القراءة والبحث ومشاورة المختصين من أهل العلم والخبرة الموثوق فيهم لتكوين صورة واضحة لمعرفة طريقة تربية أطفالنا بشكل عام وتربيتهم جنسيًا تحديدًا، نظرًا إلى أن الموضوع حساس ويتطلب دراية عميقة وواسعة بعلم نفس نمو الطفل".
وأبرزت عماري أن هناك مواقف تتكرر خلال عملها تكون سببًا من أسباب نمو عقد الكبت عند الأطفال وتستمر معه مدى الحياة, من تلك المواقف توجيه اللوم اللاذع والعقاب الشديد للطفل في حالة إذا تقدم بسؤال يمت للموضوع الجنسي بصلة حتى وإن كان السؤال بريئًا, وأيضًا في حالة إذا قام بأي فعل قد يتبادر للوالدين أنه فعل جنسي مثل أن يعبث الطفل بأعضائه الجنسية, أو لأحد أقرانه أو للوالدين, ولأن الموقف يكون صادمًا للوالدين فيكون رد الفعل غالبًا عنيف جدًا تجاه الطفل والحقيقة أن الموضوع في أغلب الأحوال لا يتعدى مجرد فضول من الطفل تجاه اكتشاف كل شيء حوله بشكل عام واكتشاف جسده تحديدًا.
وقالت: "حتى إن وجدت الرغبة الجنسية فيه فهي كامنة في هذه السن المبكرة ولا خطر منها في الظروف العادية بل على العكس فإن المبالغة في رد الفعل تجاه موقف مثل هذا يلفت انتباه الطفل جدًا للموضوع ويثير اهتمامه أو قد يتسبب في عقدة قوية جدًا تجاه العملية الجنسية والإحساس بالذنب لمجرد وجود هذه الأعضاء في جسمه، وهذا الإحساس يستمر وينمو مع الطفل حتى بعد أن يصبح رجلا ناضجًا ويصبح من الصعب جدًا التخلص منه".
وتقدم عماري مجموعة من النصائح للوالدين فتقول: "لابد من أن يكون الوالدان على معرفة ودراية بكيفية التعامل مع الأسئلة المحرجة لأطفالهم والإجابة عنها بشكل سليم وصادق وفي نفس الوقت لا يخدش حياءهم؛ لأن الأطفال في مراحلهم المبكرة يكونون شغوفين للمعرفة ولديهم فضول واسع تجاه كل شيء حولهم".
وأشارت إلى أن أسئلتهم المحرجة لا تعدو كونها مجرد أسئلة عادية من ضمن علامات استفهام كثيرة تدور في أذهانهم تجاه كل شيء في الحياة، موضحة أن "أهم ما ننصح به في هذا الشأن أن تتسم الإجابات بالصدق وفي نفس الوقت الإجابة بالطريقة التي تلائم المرحلة العمرية للطفل"، وحذرت الوالدين من تجاهل أسئلة الطفل حتى لا تزيد من رغبته في المعرفة وتجعله يقع فريسة للمعارف غير الموثوقة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر