قسوة الأب ومخاوف الأم أحد أهم أسباب الخجل عند الطِّفل
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

أخصائية الأطفال الدُّكتورة الطَّاهرة عمارة إلى "المغرب اليوم":

قسوة الأب ومخاوف الأم أحد أهم أسباب الخجل عند الطِّفل

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - قسوة الأب ومخاوف الأم أحد أهم أسباب الخجل عند الطِّفل

الدُّكتورة الطَّاهرة عمارة
القاهرة - شيماء مكاوي

أكَّدت أخصائية السلوكيات الخاصة بالطفل، الدكتورة الطاهرة عمارة في حديث خاص إلى "المغرب اليوم"، أن "خجل الأطفال مشكلة لها حل"، مشيرة إلى أن "الجميع ما زال يتذكر الطفولة جيدًا، والأسرة التي نشأ فيها، والمعاملة الوالدية التي تلقاها، وكيف كان العماد الذي قامت عليه الأسرة، وتحددت ملامح الشخصية واتجاهاتها من خلاله، وكيف تشكلت فيها الطبائع والصفات والسلوكيات".وتابعت، "هكذا أطفالنا، فهم كما قال الإمام على بن أبي طالب، رضي الله عنه، "الطفل صفحة بيضاء، فكلما نقشتوا فيها لونًا تلونت بذلك اللون، فانتقوا بعناية الألوان التي تنقشون بها عقول صغاركم، لأنهم رجال الغد، وأمهات المستقبل، وكان لزامًا علينا أن نلتفت لكل معاملتنا معهم، وخبراتنا، وحتى عواطفنا وانفعالاتنا التي نصدرها إليهم".
وأضافت عمارة، أن "الكثير من الدراسات والبحوث العلمية أكدت على أن الاضطرابات السلوكية للراشدين إنما تعود إلى خبرات نفسية مروا بها خلال مرحلة الطفولة، فتعترض نموهم في مراحل النشأة الأولى بعض المشكلات النفسية، والتي تستمر معهم في مراحل نموهم اللاحقة، وحتى تصبح جزءًا لا يتجزأ من مكونات شخصيتهم، وملامح سلوكهم، وخبراتهم في الكبر، وهناك الكثير من المشكلات السلوكية عند الأطفال والنشء، التي تظهر في مراحل الطفولة المبكرة، والتي تتطور لمشاكل مزمنة وسلوكيات ثابتة في ملامح شخصيتهم إذا لم تتلق العلاج المناسب في مرحلة مبكرة، والعلاج ذاته يتوقف نجاحه على التشخيص الدقيق للعوامل الأسرية والنفسية المسببة لتلك المشكلات، فالمشكلة لا تكمن في السلوك الخاطئ نفسه بقدر ما تكمن في العوامل التي أدت إليه، والأجدى والأولى علاج المسبب الذي أدى إلى المشكلة عن علاج المشكلة ذاتها".
أكَّدت أن "بعض الأطفال يتجنبون الألعاب والأعمال الجماعية، ويشعرون بالحرج عند محادثة الآخرين، كما أنه من الممكن أن نلاحظ على الطفل سرعة الارتباك، ويلازمه الخوف دائمًا، ويعانى من الشعور بالنقص حينما ينظر إليه، ودائمًا ينشغل بنظرات الآخرين إليه، ورأيهم فيه، أو يتردد في مواجهة المواقف الاجتماعية الطبيعية، وإذا كان طفلك يعانى من بعض تلك الأعراض أو كلها  فهو يعانى من مشكلة من أهم وأخطر مشكلات سوء التكيف الاجتماعي والاضطرابات السلوكية وهى مشكلة الخجل"، موضحة أن "الخجل يظهر بشكل طبيعي في العامين الأول والثاني من حياة الطفل، وبعد ذلك ينتشر بصورة كبيرة في المراحل العمرية التالية، إذ نجد أن 40% من المراهقين والراشدين يصفون أنفسهم بأنهم خجولين، وبأنهم غير قادرين على تحقيق التواصل المناسب مع الآخرين، وكما ذكرنا سلفًا، فأصل المشكلة يعود بلاشك إلى مرحلة الطفولة المبكرة".
وأوضحت أن "الخجل مشكلة حقيقية تستحق أن تحظى بالاهتمام والعلاج المناسب حتى لا تتحول مع تقدم العمر إلى مرض عضال يصعب علاجه، بل يترتب عليه مشكلات أخرى مثل، تجنب التواصل، والارتباط، والعلاقات الاجتماعية الطبيعية، أو فقدان الثقة في النفس، وتصل إلى الحسد والغيرة من الآخرين الذين يتمتعون بسلوك طبيعي، وتكمن خطورة الخجل كمشكلة سلوكية، إذا ما وجدت في مراحل الطفولة المبكرة باعتبارها الأكثر عرضة للتطور والنماء عن غيرها من الاضطرابات السلوكية الأخرى، فبالمقارنة بالعدوانية مثلًا، الطفل الخجول يتعمد الانطواء والسلبية بدلًا من العدوان والنشاط الزائد، ووجه الخطر في ذلك أن الطفل الخجول المنطوي ينال في البيئة التي يحيا فيها القبول، بل والتشجيع أحيانًا حين يعتبر المجتمع ذلك السلوك بشكل خاطئ، يمثل مظهرًا من مظاهر الطاعة والأدب، على عكس السلوك العدواني، الذي يُعد نوعًا من الثورة والتمرد على المألوف، ومن هذا المنطلق، تنبع خطورة الخجل في عدم التنبه إليه بل واعتباره معظم الوقت من الصفات المحمودة المرجوة، ومن خلال ما سبق، فيمكننا أن نخرج بمفهوم وافى عن الخجل، كمشكلة من اضطرابات السلوك الاجتماعي في كونه يعنى الفشل في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وعدم الارتياح والتوتر والارتباك، وقلة الاستجابات التفاعلية في المواقف الاجتماعية المختلفة، ويلتبس علينا الأمر في مفهوم الخجل مقابل الحياء، لكن الحياء يختلف عن الخجل في كونه يعبر عن احترام وتقدير للطرف الآخر في المواقف الاجتماعية، ونعده نوعًا من أنواع الالتزام بالآداب العامة والأعراف والأخلاقيات، أما الخجل فهو مُعبِّر عن مشكلة ونقص في إمكانات ومهارات التواصل الاجتماعي، كما تلعب الإرادة دورًا مهمًا في اتصاف الفرد بالخجل أو الحياء، فكثيرًا من الأفكار العلاجية تُؤكِّد على دور الإرادة في التخلص من الخجل، بينما لا نجد أبدًا شخصًا يحاول إراديًّا أن يتخلص من الحياء لكونه صفة محمودة تعبر عن التزام الفرد بالقيم الأخلاقية والعادات القويمة".
وتابعت، "أما إذا تساءلنا عن أسباب الخجل لدى الطفل، فنجد أنها متنوعة، وإن كان معظمها يصب في محيط الأسرة، وطرق تعاملها مع الطفل، وعلى سبيل المثال؛ قسوة الأب، فالأب الذي يسلك سلوكًا قاسيًّا وعدوانيًّا في البيت مع الزوجة أو الأطفال، ما يتسبب في حدوث مخاوف غامضة للطفل، ويشعره بعدم الأمان، مما ينعكس على سلوكه بالإنزواء والتوتر، وكذلك مخاوف الأم وقلقها الزائد على الطفل تجعله يخشى أن يخوض التجارب الجديدة، والحماية الزائدة تحول دون انطلاق الطفل، لأن إحساس الأم بأن طفلها سيتعرض للأذى ينقل ذلك الإحساس إلى الطفل نفسه، فيشعر أن المكان الوحيد الآمن الذي يشعر فيه بالطمأنينة هو إلى جوار أمه، فيشعر بالخوف من كل شيء، بداية من عبور الطريق وحده، مرورًا بالجري واللعب والسباحة..إلخ، فهو كأمه يتوقع الأذى في كل لحظة، فيظل خجولًا منطويًّا بعيدًا عن محاولة فعل أي شيء، بسبب مخاوفه المرضية، ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل أحيانًا يصل خوف الأم على طفلها إلى درجة أنها تمنعه من الاختلاط واللعب مع الأطفال الآخرين، ويكون خوفًا من سلوكياتهم الخاطئة أو ألفاظهم غير اللائقة، كما تعتقد، وتكمن خطورة الأمر في أن الطفل يصبح لذلك السبب منطويًّا يفضل العزلة عن الاختلاط بقرنائه، ويُؤدى به الأمر إلى الشعور بالنقص، وعدم الرضا عن ذاته، وفقدان الثقة بنفسه، الذي يتطور إلى القلق والاكتئاب".
وأوضحت أن "من الأسباب المهمة أيضًا لظهور مشكلة الخجل لدى الطفل، هو تعرض الطفل لسماع التهديد الذي يوجه إليه من الوالدين بإسراف كلما أخطأ، ويظن الوالدان  خطأً أن التهديد يأتي بنتائجه المرجوة من بعث الخوف في نفس الطفل من فعل ذلك السلوك الخاطئ أو تكراره، لكنه في الوقت ذاته يؤتى بنتائج عكسية تمامًا، فيعتقد الطفل في صدق ذلك التهديد، مما يؤدى به إلى الفزع الشديد والانزعاج والتوتر، فيلجأ إلى الانطواء والخجل لعدم شعوره بالأمان".ولفتت إلى أنه "بعد أن تعرفنا على أسباب الخجل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو كيف نتغلب على مشكلة الخجل لدى الطفل؟ وما هي الأساليب والسلوكيات الواجب إتباعها للتعامل مع الطفل الخجول والخروج به من القوقعة التي انزوى فيها بعيدًا عن المجتمع المحيط به، وقبل كل شي لابد في كل الأحوال، من تقديم الحب، والتقبل للطفل الخجول، وإقامة علاقات ودية معه، فالخجل مجرد بعد واحد من أبعاد الطفل الخجول، وحبذا لو ركزنا على الجوانب الإيجابية في شخصيته، وقدمنا له الاهتمام والدعم، وبنينا علاقة إيجابية معه، وأن ذلك يبعث في نفسه الاطمئنان والثقة في الذات، ويساعده على الميل للاندماج مع المجتمع وعلاقاته الطبيعية، ويأتي أيضًا على رأس تلك الأساليب، التشجيع المستمر للطفل الخجول على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والخبرات الحياتية الجديدة، وإقامة علاقات اجتماعية جديدة، كالصداقات مثلًا، أو تكليفه ببعض المهام التي تساعد على احتكاكه بالمجتمع المحيط، ولو بشكل طفيف، وكذلك توجيه بعض العبارات التشجيعية والتحفيزية كلما تطلب الأمر ذلك، فذلك يدعم ثقته بذاته، ويكسر لديه حاجز الخوف من مواجهة الآخرين والتعامل معهم".
وبشأن أهم أساليب التعامل مع الطفل الخجول، أوضحت، أنه "تدعيم وتعزيز تقديره لذاته وتشجيعه على الكلام والتعبير عن رأيه أهم شيء، فالطفل الخجول لديه بالفعل صورة سلبية عن ذاته، وعن نظرة الآخرين إليه، وهو ما يكترث به أكثر من اللازم، وربما يشعر أنه غير مقبول من المجتمع من حوله, وبالتالي فإن السماح له بالاستعداد للمواقف الاجتماعية وتشجيع أية مبادرة للتفاعل مع الآخرين يشعره بالأمان، ويولد له الإغراء بالمشاركة في التفاعلات الاجتماعية، ما سيؤدى إلى نتائج مذهلة في تغلبه على الخجل".

 

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قسوة الأب ومخاوف الأم أحد أهم أسباب الخجل عند الطِّفل قسوة الأب ومخاوف الأم أحد أهم أسباب الخجل عند الطِّفل



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya