بيروت ـ جورج شاهين
اتهم رئيس "جبهة النضال الوطني" اللبنانية النائب وليد جنبلاط إسرائيل بالوقوف وراء الفيلم المسيء للنبي محمد وما ترتب عليه من أحداث قائلا " لا يمكن تنزيه إسرائيل عن المشاركة في التخطيط لإطلاق هذا الفيلم والنتائج المتوقعة عنه"، فيما جدَّد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الجمعة، إدانته للفيلم المسيء للنبي محمد وتبعاته، وأعفى الشعب الأميركي من المسؤولية، رافضًا الجنوح إلى أعمال العنف، بينما أكدت السفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي، أن إدارة بلادها "لا علاقة لها بالفيلم المقزز الذي يهين الشعوب من كل الأديان".
وجَّدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الإدانة خلال لقاء جمعه مع السفيرة الجمعة، قائلا:"إننا نشجب هذا العمل وندينه اشد الإدانة ، إذ لا يمكن، بأي شكل من الأشكال، تحميل الشعب الأميركي الصديق مسؤولية عمل فردي أساء إلى صورة الرسول، ويخفي وراءه مقاصد وغايات مشبوهة يجدر التنبه من انعكاساتها السلبية".
وأضاف: "تعقيبًا على ما صرحت به بالأمس فإن الغضب الذي أثاره عرض هذا الفيلم المسيء إلى صورة الرسول يجب أن يبقى في إطار سلمي وحضاري لا أن يجنح إلى ردود فعل مأساوية تناقض في الأساس تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وكل الأديان السماوية الأخرى، وتخدم أهداف الذين أنتجوا الفيلم وعرضوه في توقيت ملتبس ".
من ناحيتها، شكرت السفيرة الأميركية رئيس الوزراء، مضيفة:" بحزن شديد أنضم إلى الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون وزملائي الدبلوماسيين في استذكار الذين قتلوا في الاعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي وهم كريس ستيفنز، وفريق عمله الذين كانوا يعملون مع الليبيين كل يوم لتعزيز قيم الحرية والديموقراطية".
وأضافت:" إن الإدارة الأميركية لا علاقة لها بالفيلم المقزز الذي يهين الشعوب من كل الأديان، ولأميركا تاريخ من التسامح الديني واحترام كل المعتقدات الدينية، وذلك عائد إلى الأسس التي بنيت عليه أمتنا.. نحن نتمتع بقوة أكبر لأننا موطن لشعب من كل الأديان، بما في ذلك ملايين من المسلمين، ونحن نرفض احتقار الدين، إلا أننا نعتقد أنه لا مبرر للعنف الذي قوبل به هذا الفيلم"، لافتة إلى أن "الإسلام يحترم الكرامة الأساسية للبشرية لكن الاعتداء على الأبرياء يمس بهذه الكرامة، ومن الخطأ بشكل خاص توجيه العنف ضد البعثات الدبلوماسية"، موضحة أن "هدف هذه البعثات سلمي لتعزيز التفاهم بشكل أكبر بين الدول والحضارات، وعلى الحكومات في كل مكان مسؤولية حماية البعثات الدبلوماسية".
وتابعت السفيرة:"علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من الأشخاص أن تتسبب في نزاع بين الأديان والدول والحضارات.. على جميع القادة اتخاذ موقف حاسم تجاه العنف تماماً، كما فعل رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور".
من ناحيته، علَّق رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط على الفيلم المسيء للإسلام وردود الأفعال التي تلته، بالقول: "في حدثٍ مريب ومشبوه في توقيته وأهدافه، أُطلق فيلم (براءة المسلمين) الذي جاء للتشويش على الثورات العربية وفي مقدمها الثورة الليبية التي أسقطت نظام الديكتاتورية، وخطت أولى خطواتها نحو الديمقراطية من خلال انتخابات نيابية شفافة ومفصلية، وعلى الثورة المصرية التي أفضت أيضاً إلى انتخابات رئاسية وتشريعية أحدثت تغييراً ملحوظاً في المسار المصري العام".
وأضاف جنبلاط:"إذ نستنكرُ بشدة التعرض للأديان أو رموزها بما يتنافى مع حرية الرأي والمعتقد، فإننا ندين بنفس القدر من الشدة الانتقام الهمجي الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي في ليبيا، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول التلاقي الموضوعي الذي غالباً ما يحصل بين التيارات المتطرفة بقطع النظر عن خلفياتها المتناقضة والمتضاربة أحياناً، ما يجعلها تصب تلقائياً في الأهداف ذاتها، فالأعلام السوداء قادرة على الانتقال من كنيسة تيري جونز في الولايات المتحدة إلى مدن عربية أخرى، وصولاً إلى صقور إسرائيل، وكلها تعكس التخلف الفكري والحضاري ورفض الآخر أو الاعتراف بحقوقه".
وتابع: "وكأنه المطلوب إعادة إحياء صراع الحضارات والأديان الذي قال به الكاتب صاموئيل هانتيغتون إنما من خلال التطبيق العملي وليس النقاش النظري والعلمي كما حصل خلال السنوات الماضية. وإذا كنت لست ممن يؤيدون أو يبشرون بنظرية المؤامرة التي إرتكبت تحت رايتها أبشع الفظائع في العديد من الدول العربية على مدى عقود، إلا أنه لا يمكن تنزيه إسرائيل عن المشاركة في التخطيط لإطلاق هذا الفيلم والنتائج المتوقعة عنه، وهي قد تكون مرتبطة بحقد بنيامين نتنياهو على الرئيس الأميركي باراك أوباما وحملته الشعواء ضده لمنع إعادة انتخابه".
وأردف جنبلاط: "إسرائيل بقيادتها الحالية بزعامة نتنياهو، تمارس كل أشكال الضغوط الممكنة لجر الولايات المتحدة الأميركية إلى الحرب ضد إيران، ما سيدفع المنطقة نحو الفوضى العارمة والكبرى، فالاقتتال الطائفي أو المذهبي يصب في صورة مباشرة في مصلحة إسرائيل ويجعلها تتفوق في العديد من المستويات".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر