يقول محبو الفن منذ وقت طويل إن ثمة علاجا مبتكرا قد يساعد مَن يعانون من أمراض الشيخوخة، وقد بدأ العلماء الآن دراسة في هذا الأمر.
حاولت شولا ستراسفيلد السيطرة على مشاعرها وهي تصف كيف تقوم بالرقص مع والدها البالغ من العمر 92 عاما، الذي يعاني من الخرف ويجلس على كرسي متحرك.
وقالت: "ذهبت لزيارته بمناسبة عيد ميلاده، ورقصنا معا. وقمنا بتشغيل بعض الموسيقى، وكنت أقوم بتحريك كرسيه يمينا ويسارا. وبدت على وجه نظرة لا تقدر بثمن."
وأضافت: "ومع أنه نسي في اليوم التالي ما حدث، إلا أن روحه وجسده بدا يتذكران ذلك. لقد تغير بداخله بفضل هذه التجربة...كان أكثر يقظة، وأكثر نشاطا، وتمنيت أن أستطيع القيام بذلك كل يوم."
ويقول العلماء إن مثل هذه التجربة للتواصل مع الوالد من خلال الرقص قد تكون لها ميزة علمية، حيث تظهر الدراسات أن الرقص قد يفيد مرضى الخرف لأنه ينشط العديد من وظائف الدماغ المختلفة.
ويقول توماس بروهاسكا، عميد كلية الخدمات الصحية والإنسانية بجامعة جورج ماسون بولاية فيرجينيا: "لا يكتشف المرء من خلال الرقص قدرة حركية وحسب، لكنه يستمع إلى الموسيقى ويحرك جسده في انسجام تام معها."
ويضيف: "يبدأ [من يمارسون الرقص] في فهم طبيعة الحركة وتتابعها، وبالتالي تتحسن لديهم مهارات معرفية، والتي لا تظهر بشكل طبيعي في صور أخرى للعلاج."
ويحذر تقرير جديد صدر عن ورشة عمل بمؤسسة الأكاديميات الوطنية حول الفنون والشيخوخة من أن أعداد الأمريكيين المصابين بمرض الزهايمر سوف تزيد إلى أكثر من الضعف بحلول عام 2050، وذلك من 5.1 مليون شخص اليوم إلى 13.2 مليون شخص خلال تلك الفترة، وستصل التكلفة المباشرة لعلاجهم إلى 1.1 ترليون دولار، وذلك بعد أن كانت 172 مليار دولار خلال نفس الفترة.
وتقول ليز نيلسون، مديرة البرامج بقسم البحوث السلوكية والاجتماعية في المعهد الوطني للشيخوخة بأمريكا: "معظم الدراسات التي حاولت شرح هذه الآثار لم تلتزم حقا بالمعايير الصارمة للبحث العلمي."
وتضيف: "كما أن لا يوجد سوى عد قليل من الدراسات التي قدمت تحليلا يتعلق بالفائدة مقابل التكاليف، فإذا أردنا أن نكون قادرين على تمويل برامج فنية، وتشجيعها حتى يتبناها المجتمع على نطاق أوسع، فنحن بحاجة إلى أن نظهر الفوائد الصحية."
الفن قد يساعد على الوصول إلى "شيخوخة صحية".
وهذا هو السبب الذي دعا المعهد الوطني للشيخوخة لتمويل الأبحاث الجديدة حول الطرق التي يمكن من خلالها للفنون مساعدة كبار السن صحيا.
وتقول نيلسون: "على أحد المستويات، نحن مهتمون ببعض الآليات الأساسية، مثل الأشياء التي يمكن أن نفحصها من خلال علم الأعصاب، أو العلوم الأخرى، والتي يمكن أن تفسر تحسن الفنون الصحة."
وتضيف: "وعلى مستوى آخر، نحن نهتم أيضا بكيفية التوصل لبرامج يمكن من خلالها التأثير على صحة الناس، وإذا وجدنا أن هناك برنامج محدد يقدم مثل هذه الفوائد الصحية، فسوف نعمل على معرفة كيف يمكن لكثير من الناس أن يصلوا إليه."
ويوجد نحو 40 مليون شخص في أمريكا – أي 13 في المئة من السكان- أكبر من 65 عاما، وهناك نحو 5.5 مليون شخص تجاوزت أعمارهم 85 عاما. كما يعاني الكثير من المصابين بأمراض الشيخوخة من أمراض مزمنة.
ويقول بروهاسكا: "نظام الرعاية الصحية بحاجة فعلية إلى الاهتمام أكثر بالوقاية من الأمراض لدى كبار السن وبتحسين صحة الأفراد، ومساعدتهم على الحفاظ عليها."
وتقول غاي هانا المدير التنفيذي للمركز الوطني للشيخوخة الإبداعية: "تمثل الفنون جزءا جوهريا من أنفسنا، فنحن كائنات جمالية، وهذه هي الطريقة التي نتعامل بها مع العالم."
ومع زيادة الحاجة إلى الرعاية الصحية الفعالة من حيث التكلفة، تعتقد هانا أن الفنون ستلعب دورا أكبر في الوصول إلى شيخوخة صحية.
وقال بروهاسكا: "المعلومات والتجارب المحدودة التي شهدناها تشير بوضوح إلى أن لدينا شيء مهم جدا لم نعطه الاهتمام الكامل."
وأضاف: " قبل 20 عاما فقط، التفكير في الربط بين النشاط البدني والشيخوخة لا زال في مرحلة مبكرة، والآن يدرك الجميع الأثار المحتملة فيما يتعلق بالأمراض المزمنة والوقاية الأولية."
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر