نجح علماء من جامعة ميونيخ الألمانية للعلوم التطبيقية في تطوير بروتين مسامي صناعي. وينتظر أن يساهم هذا الإنجاز العلمي في تطوير مواد فعالة ضد الجراثيم التي تحاط بغشاء خلوي، عبر إحداث العديد من الثقوب في هذا الغشاء لقتلها.
اختبرت مجموعة من الباحثين الألمان بنجاح بروتينا مساميا صناعيا. ونشر الباحثون تحت إشراف مارتن لانغ ديكر بجامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية نتائج عملهم في مجلة "ساينس" الأمريكية هذا الأسبوع. وتعتبر البروتينات المسامية ذات انتشار واسع في علم الأحياء، وتكمن مهمتها في تمرير الماء والمواد الغذائية أو الأملاح بدقة إلى داخل الخلية أو خارجها.
ولابد أن تنظم الخلية دخول هذه المواد إليها بدقة وإلا حدث اضطراب في عملية الأيض (تحويل الغذاء إلى طاقة) بالخلية على سبيل المثال. وحصل كل من بيتر أجري وزميله رودريك ماكينون على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2003 لاكتشافهما البروتينات المسامية أو ما يعرف أيضا بقنوات الماء داخل الخلية.
واعتمد لانغ ديكر وزملاؤه على طريقة علمية حديثة، تعرف باسم الحمض النووي الأوريغامي، وهي تقنية نانونية تهدف إلى خلق أجزاء من المادة، لا يزيد حجم الواحد منها عن واحد من مليون من الميلليمتر. وتحتاج هذه التقنية إلى أدوات ومواد جديدة يمكن التعامل معها بدقة النانو (واحد من مليار من المتر). والمادة الأساسية المستخدمة في ذلك هي الحمض النووي، والذي يعرف العلماء بنيته وتركيبته الكيميائية لدرجة تجعلهم قادرين على التنبؤ بصفاتها بشكل كامل وتفصيلها بالشكل الذي يرونه.
كما أن العلماء أصبحوا يمتلكون ترسانة كبيرة من التقنيات للعثور على الحمض النووي ومعاملته وتركيبه بالشكل الذي يريدونه. كما باتت تتوفر الآن برامج حاسوبية يمكن من خلالها تركيب أشكال ثلاثية الأبعاد على شاشة الكمبيوتر، ثم يقوم البرنامج بتقدير المعلومات الجينية المطلوبة لتحقيق هذا الشكل. وفي الخطوة الثالثة والأخيرة يتم إضافة هذه الأجزاء بعضها إلى بعض في أنبوب الاختبار حيث تأخذ شكلها المطلوب.
ويمتلك البروتين المسامي الجديد قناة في وسطه بقطر 2 نانومتر. وتعمل بقية بنية هذا البروتين على أن تخترق هذه القناة الدقيقة البالغ طولها إجمالا 42 نانومتر جدار الخلية بشكل عمودي. ويتوقف نوع الأيونات والجزيئات التي تخترق الخلية على شكل المسام البروتينية وقطرها وصفاتها الكيميائية وذلك بشكل مشابه للمسام الطبيعية.
ونجح العلماء في أحد الاختبارات في إرسال جزيء واحد طويل من الحمض النووي خلال هذه المسام. ويستطيع العلماء معرفة مدى قيام هذه المسام بوظيفتها من خلال معرفة الصفات الإلكترونية على جانبي المسام. وقال العلماء إن أحد أهم التطبيقات الواعدة لهذا الإنجاز العلمي هو تطوير مواد فعالة ضد الجراثيم التي تحاط هي الأخرى بغشاء خلوي. ويأمل الباحثون في إحداث العديد من الثقوب في هذا الغشاء لقتل الجراثيم.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر