الرباط- المغرب اليوم
تنطوي أحيانا طبيعة التكوين الفسيولوجي المعقد للإنسان على حالات غريبة واستثنائية، بعضها تصدر حسب علماء الطب والبيولوجيا عن "طفرات وراثية أو خلل ما في أداء جينات وراثية معينة، أو عن تشوهات خلقية للجنين أثناء فترة الحمل جراء تعرض الأم للعنف أو شكل من أشكاله؛ فيما هناك حالات أخرى لم يتوصل العلم الحديث إلى تعليل أو تأويل علمي شاف لها حتى الآن".
وهناك عدة حالات نادرة يولد بها أناس تخالف القواعد العلمية الثابتة والمتعلقة بطبيعة تكوين الأعضاء الداخلية ومواقعها في جسم الإنسان، والمتعارف عليها في علم الإحياء، مثل وجود القلب في الجهة اليمنى أو ما يسمى علميا "Dextrocardia".
وتعرف إيمان الدواي، أخصائية القلب والشرايين، في اتصال بهسبريس، هذه الحالات النادرة جدا، والتي يولد صاحبها بقلب متمركز بالجهة اليمنى من جسمه عوض موضعه الطبيعي والمتعارف عليه، على أنها "حالات يمكن اعتبارها خروقا مبهمة الأسباب بالنسبة لقوانين الوراثة التي تشخص مسؤولية كل جين عن تكوين عضو معين في الجسم البشري، وآية من معجزات لا تتحقق إلا بصفة صغيرة جدا".
ولعل حالات وجود قلب الإنسان في الجهة اليمنى أكثر تلك الخروقات الوراثية إثارة للدهشة والحيرة. وفي السياق ذاته تسرد الأخصائية ذاتها حالة نادرة صادفتها عندما كانت بصدد الكشف على حالة مرضية، لتفاجأ "بوجود قلب المريضة بالجهة اليمنى من جسدها".
وبخصوص عيش مثل هذه الحالات حياة طبيعية، تقول الأخصائية ذاتها لهسبريس: "يعمل القلب في هذه الحالة بشكل طبيعي للغاية، وكأنه موجود على الجانب الأيسر، ولا يشكل أي معضلة طبية، ويستطيع صاحبه أن يمارس حياته بشكل طبيعي وأن يعمل في جميع الأعمال والمهن، فضلا عن قدرته على ممارسة جميع أنواع الرياضات التي يريدها؛ ويستطيع أيضا أن يمارس جميع نشاطاته الحياتية بشكل طبيعي، مثل الزواج والحمل والإنجاب".
وحول خطر العيش بقلب في غير موضعه الطبيعي بدون كشف أو معرفة تضيف المتصلة: "على الأشخاص الذين يحملون قلبا في الجانب الأيمن عدم التخوف من هذا الأمر، لكن بالمقابل عليهم أن يعرضوا أنفسهم على أخصائي قلب للاطمئنان على وضعهم، إذ إن القلب عندما يكون على الجانب الأيمن يكون مثل المرآة، يمثل انعكاسا كاملا، ويكون اتجاه رأس القلب إلى اليمين، مع انعكاس كامل في الشرايين الرئيسية أيضا".
ولا يوجد فرق بين تمركز القلب في مكانه الطبيعي أو العكس، إذ توضح الأخصائية ذاتها: "لا فرق بين تواجد أعضاء الجسم في اليمين أو الشمال، إن لم يكن صاحبه يعاني من تشوه خلقي أو حالة مرضية قد تعيق سير حياته بشكلها الطبيعي".
حالة مشابهة خلقت الجدل قبل أيام بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، عندما وجد أخصائي أمراض القلب والشرايين خلال إجرائه كشفا طبيا روتينيا لصالح حالة ووجد جميع أعضاء المريض معكوسة ومتمركزة بالجانب الأيمن في جسده، بما في ذلك القلب والكبد.
يذكر أن المغرب لا يتوفر على إحصائيات رسمية تظهر عدد المغاربة الذين يحملون قلوبهم بالجهة اليمنى من أجسادهم. وفي محاولات لجريدة هسبريس ربط الاتصال بالوزارة الوصية للاستفسار عن عدد الحالات المسجلة بالمغرب، ظل الهاتف يرن دون مجيب.
وتشير الدراسات إلى أنه تم اكتشاف أول حالة بقلب بالجانب الأيمن سنة 1788، عندما كان طلاب الطب في لندن يقومون بتشريح إحدى الجثث واكتشفوا وجود كبد الجثة في الجهة اليسرى بدلا من اليمنى، والقلب متمركز بالجهة اليمنى عوض موضعه الطبيعي.
ولم يكن هؤلاء قد رأوا سابقا مثل هذا الأمر، فهرعوا إلى أستاذهم الطبيب الأسكوتلندي "ماثيو بييلي" الذي ذهل هو الآخر وسجل جل ملاحظاته في تقرير تحت عنوان "إنه لأمر غريب ونادر الحدوث".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر