بيروت ـ غنوة دريان
لأولِ مرة منذ أعوام أشعر أنني فهمت ماذا أصاب قريبتي قبل فترة! لأولِ مرة أتأكد، مما ظننته دائمًا، أن كل الأطباء الذين عالجوها من قبل فشلوا، وأفهم ماذا يعني أن يُصاب انسان بـ ارتفاع ضغط الدم الرئوي الشرياني المزمن!ا.
الاسم صعب، التشخيص صعب، فماذا في التفاصيل التي تجعلنا نفهم عن المرض بشكلٍ صحيح كي لا يستفحل فينا ونختنق، المرض نادر لكنه يزيد، المرض صعب التشخيص لكن الوعي يزيد، والعلاجُ يتطور ويتطور، هي أنثى في سن الأربعين عانت، منذ دخلت عقدها الثالث، من صراعٍ مرير مع داء المفاصل الشرس الروماتيزم، داوته، اشتدّ عليها وبدأ نفسّها يتقطع، قصدت طبيب رئة، ثان وثالث ويوم أدخلت على عجل إلى المستشفى وهي تموت من "انقطاع النفس" قررت طبيبتها إحداث ثقب في زلعومها ومدها عبره بالأوكسيجين الاصطناعي وبالتالي كان القرار مداواة ما فشلوا كلهم في تشخيصه، ما زالت تعاني الأمرين منه حتى الآن! فماذا عن حالتِها؟ وكيف تمّ التأكيد اليوم أن ما أصابها كان مرض ارتفاع ضغط الدم في الشريان الرئوي؟
أطباء روماتيزم؟ أطباء كلى وقلب وحتى سرطان؟ مطلوبٌ منكم إذا أن تنتبهوا في حال أتاكم مريض يعاني من مشاكل في التنفس من إمكانية أن يكون مصابًا بارتفاع ضغط الدم الرئوي.
وهناك حادثة أخرى حين وصلت طفلة إلى عيادة طبيب أمراض الصدر تعاني من ضيق حاد في التنفس، كانت تتداوى سابقًا لدى طبيب القلب، لكن حين عجز عن علاجها هو أولًا ثم طبيب الرئة بدأ التفكير بشأن سبب ما بها، فجمع شمل خمسة أطباء من الجامعة الاميركية في بيروت، من أجل البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى اختناق كثير من المرضى فتبيّن لهم وجود مرض شبه مجهول من قِبل كثير من الأطباء هو مرض ارتفاع ضغط الدم الرئوي وجرت مداواة الصبية وهي اليوم تعيش في حالة مستقرة.
ويتكلم مدير شركة بايرر مالك العجة عن سعي حثيث من أجل إعداد الدراسات الواقعية لتحديد عدد المصابين الفعليين في منطقتنا بهذا المرض، الذي يصيب المواطنين في الشرق الأوسط والخليج العربي، خمسة أشخاص من كل ألف مريض، وهؤلاء يحتاجون إلى علاج والعلاج المثالي بات متوافرًا في لبنان عبر الفم بعد أن كان يُعطى على شكل حقن، بات أخذ الدواء أسهل ويفترض مع حملات الوعي أن يُصبح فهم هذا المرض أعمق وأوسع وأكبر.
ويصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال، ربما لأن الهورمونات تلعب دورًا في تكوينه، وهناك العامل الوراثي أيضًا، والعلاج يكون إما بتناول الوصفة الطبية التي كانت كما سبق وقلنا على شكل حقن أما الآن فبات متاحًا أخذ حبوب عبر الفم، من دون الاضطرار الى مواجهة صعوبات أخذ الحقن، ويمكن أن يوصف إلى الحالة الواحدة أكثر من دواء، أما العملية الجراحية فقد تقتضي، في الحالات المتقدمة، زراعة رئة أخرى وفي حالات أخرى قد يقتصر التدخل الجراحي على إجراء فتحة بين الأذين الأيسر والأذين الأيمن من أجل منع الدم من التدفق بقوة الى الرئة والضغط عليها وتسمى هذه العملية "التحويل" وهي تساعد في تخفيف الأعراض كثيرًا وتوقف الجلطات
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر