الرباط - و م ع
شدد الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الفلسفة، لوكا سكارانتينو، اليوم الاثنين في الرباط، على ضرورة الاشتغال بشكل يجعل المناطق الهامشية في العالم تستطيع أن تتحاور في ما بينها دون وسيط، مثمنا فكرة اليونسكو بالغة الإيجابية عن الحوارات الفلسفية الإقليمية.
الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الفلسفة يشدد على ضرورة الاشتغال على الهامش
وأضاف سكارانتينو، في كلمة خلال المؤتمر الافتتاحي للحوار الفلسفي الثاني بين بلدان الجنوب التي تحتضنها فيلا الفنون على مدى ثلاثة أيام، أن مفهوم الجنوب يتعلق ببلدان كانت مستعمرات سابقة وهي حاليا مسيطر عليها من ثقافة المستعمر، ويأتي ليعني كل ما هو ليس أوروبيا.
وأشار إلى اختزال الآخر في ملامح معينة من أجل استخدامه بشكل أفضل مستقبلا، وإلى أن الفلسفة الغربية تمت بطريقة موحدة بحيث لا يمكن أن نتحدث سوى عن فلسفة أوروبية أو أمريكية، متسائلا كيف يمكن أن نتعامل مع الحضارات والتقاليد الشفوية التي لم تعرف الكتابة إلا مؤخرا.
وأكد جون كرولي، عضو فريق التحولات البيئية العالمية (قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية بمقر اليونسكو بباريس)، على مسألتين أساسيتين بالنسبة للمنظمة الأممية بخصوص مشروع "الحوار الفلسفي بين بلدان الجنوب"، تتعلق الأولى بكيفية جعل الفلسفة نافعة في الحياة اليومية فيما تهتم الثانية بنشر السلام.
وأوضح كرولي أن المسألة تتعلق ب"كيفية استعمال كلمة فلسفة لإعطاء الانطباع بأننا نتكلم عن أشياء مهمة دون أن تكون كذلك"، مبرزا، من جهة أخرى، أن السلام لا يعني انعدام الحرب، بقدر ما يعني أيضا ثقافة السلام التي يجب أن تعم الجميع سواء في علاقة بالحرب أو بالحياة اليومية.
وكانت ثريا ماجدولين، الأمينة العامة للجنة الوطنية المغربية لليونسكو قالت، في كلمة لها خلال حفل الافتتاح، "إن الاحتفاء بالفلسفة هو احتفاء بالعقل بكل تجلياته، احتفاء بالقيم الفكرية التي تعمل الفلسفة على ترسيخها في المجتمع : من إعمال للفكر ونبذ كل ما من شأنه أن يسقط الإنسان في السطحية وتوابعها".
وأضافت ماجدولين قائلة "ما اختيار اليونسكو لموضوع هذا اللقاء المتمثل في الحوار الفلسفي جنوب - جنوب، إلا تأكيدا على دور الفلسفة الهام الذي لعبته دائما في سبيل تكريس التفكير العقلاني المتجدد وتسخيره كآلية موضوعية في نقد الواقع بواسطة الفكر الحر الجريء التواق لرؤية العالم وهو يصدح بالحرية الفكرية ويمد جسور الحوار بين الحضارات والأديان، محاربا كل أشكال التعصب الديني والتقوقع المذهبي، ومدافعا عن حوار الثقافات".
أما بخصوص التساؤل : لماذا الفلسفة ولماذا الجنوب ¿، أوضح مدير مكتب اليونسكو في الرباط بالنيابة، محمد ولد ختار، من جانبه، أن هدف هذا اللقاء هو الحوار الفلسفي جنوب - جنوب مقدما بعض الإشكاليات المعاصرة التي ترغب اليونسكو أن تقدم لها بعض النقاط للتفكير والعمل أولها تاريخ الفلسفة باعتبارها علم التساؤل والمنطق والتأويل الذي ثور عددا من المجتمعات عبر التاريخ.
وأضاف ولد ختار أن النقطة الثانية تتعلق بتقسيم العالم إلى شمال وجنوب يهدف إلى محاولة تعريف الطلبة الشباب بشكل أفضل بأنماط التفكير والميراث الفلسفي، فيما تتعلق النقطة الثالثة بكون الحوار جنوب - جنوب في ميدان الفلسفة غير متطور بشكل كاف.
ورأى المستشار الثقافي بسفارة المملكة العربية السعودية في باريس، (الوفد الدائم للمملكة لدى اليونسكو)، طارق عبد العزيز المهيزع، أن "ما تمر به بلداننا من تحديات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية خصوصا في المنطقة العربية هو أمر يمكن رده أولا إلى أسباب فكرية، لابد للفلاسفة من الاشتغال عليها بوصفها جدليات عقلية ومشكلات فلسفية تتطلب تحليلا متعمقا".
وأكد طارق عبد العزيز المهيزع أن "النتاج الفلسفي في بلداننا ما يزال دون المستوى المأمول ،حجما وكيفا، بل هو دون ما تحتاجه مجتمعاتنا وأقل من التحديات الجسيمة التي يعانيها الإنسان في منطقتنا وفي العالم أجمع".
يشار إلى هذا اللقاء هو ثمرة جهود مشتركة بين اليونسكو وبرنامج عبد الله بن عبد العزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام، وهو أحد المشاريع والبرامج المتعددة في مجال تعزيز ثقافة الحوار والسلام، والذي يهدف إضافة إلى نشر ثقافة الحوار والسلام واللاعنف إلى نشر ثقافة التسامح وخاصة في جيل الشباب وإيجاد آليات ومنهجيات لنشر تلك الثقافة ومواجهة التحديات المعاصرة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر