بعد إصدار الفنان المغربي سعد المجرد "فيديو كليب" أغنيته الأخيرة "سلام"، وما حققته من نسب مشاهدة كبيرة في ظرف وجيز؛ أشاد نشطاء أمازيغ بتوظيف "المعلم" حرف "تيفيناغ" في الكليب، باعتباره، وفقهم، حرفا قديما قدم التاريخ الضارب في أعماق الفكر الإنساني.
صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" هي الأخرى تعج بكلمات ثناء على المجرد لاستعماله "تيفيناغ" في "الفيديو"، لما له من تأثير على وجدان المغاربة خاصة، والمغاربيين بشكل عام، حتى يتسنى لهم الاطلاع على حرفِ لغة رسمية في دستور 2011 إلى جانب اللغة العربية.
مصطفى أوموش، ناشط أمازيغي، قال إنه شاهد "الفيديو" وأُعجب به، وتابع مازحا: "يبدو أن سعد المجرد سبق الحكومة إلى تنزيل القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية"، مقرا بأنه "بسمعته الكبيرة وصيته الذائع داخل المغرب وخارجه سيتعرف الكثيرون على حرف تيفيناغ وسيسألون عن تاريخه وقصته".
وأوضح أوموش، في تصريح لهسبريس: "لا يسعنا كنشطاء إلا إعلان إشادتنا بهذا العمل الفني، نظرا إلى استحضاره بعدا أساسيا للهوية الوطنية"، متمنيا أن يحذو بقية الفنانين، مغاربة وغيرهم، حذو "المعلم"، لرد الاعتبار لحرف قُدر له التهميش والإقصاء، قصد التعريف به.
وزاد الناشط نفسه: "بما أننا في عصر السرعة بفضل التكنولوجية المتطورة، فالصورة ذات حمولة كبيرة قد تفوق الكلمة في قوة التعبير وإيصال الرسالة المراد تبليغها.. المجرد بهذا العمل الفني أبان عن مغربيته، ونشكره على هذا العمل الذي يتجاوز ما هو فني إلى ما هو هوياتي وتاريخي".
من جانبه، تفاعل علي أوعبيشة، باحث في اللغة والثقافة الأمازيغيتين، مع "الكليب" الجديد للمجرد قائلا: "تميز هذا العمل الغنائي والاستعراضي للفنان سعد المجرد بأبعاده السيميائية الرمزية المتعددة، ما جعل منه إطلالة تأويلية على التاريخ، فهو يقدّم الحضارة الأمازيغية (بوصفها ماضيا) كتحفة تاريخية يجب اكتشافها واستثمارها إستيتيقيا لما تحبل به من روعة الحياة والجمال؛ لغة ولباسا ورقصا ومعمارا وتقاليد، وينظر إلى عمله الفني (سلام) كأثر لهذا الماضي المجيد".
ورغم هذه الرؤية الأركيولوجية التي تجعل الأمازيغية ماضيا، يردف أوعبيشة في تصريح لهسبريس، "إلا أن هذا العمل يستحق التنويه -شكلا-، لكونه استطاع أن يقدم حروف الكتابة الأمازيغية (تيفيناغ) في طابق فني غنائي جميل، من شأنه أن يساهم في التعريف بها وتحبيبها للجمهور، خصوصا أن تأثير مثل هؤلاء الفنانين أقوى من تأثير المقررات الدراسية".
وأوضح الباحث نفسه أن هذا العمل الفني "انفتح على عناصر مهمة من الثقافة والحضارة الأمازيغيتين، كأصالة اللباس، وتفرد الرقص الأمازيغي وتنوعه، إلى جانب روعة هندسة المجال والمعمار، وتوظيف كلمات أمازيغية ذات طابع هوياتي مثل (أزول)".
وخلص أوعبيشة إلى أن "كل ما يمكن أن يعرّف بالعمق الأمازيغي للهوية المغربية ويؤكد عليه، نكاية في دعوات الإسلام السياسي للحلول في المشرق أو تمجيد الثقافة التركية، يمكن اعتباره عاملا مساعدا للخطاب الأمازيغي".
تجدر الإشارة إلى أن "فيديو كليب" أغنية "سلام" لسعد المجرد مدته 6 دقائق و14 ثانية، تظهر به مجموعة من الرقصات الأمازيغية (رقصة تزويت بقلعة مكونة)، مع تسجيل حضور نسائي أمازيغي بالزي المحلي، ببنادر مرسوم بها حرف "أزا" الدال على الهوية الأمازيغية، علاوة على ممارسة فن "التبوريدة"، أو ما يسمى بالأمازيغية "ثافراوث"، مع إظهار نقوش حجرية تمُت بصلة لكل ما هو أمازيغي عريق.
وختم "المعلم" "الفيديو كليب" بعبارة: "هذا العمل مستوحى من التراث الأمازيغي المغربي الزاخر، ونوجه التحية من خلاله إلى كل فناني هذا التراث ومحبيه".
وقد يهمك أيضاً :
مظاهرات نسائية بالمئات فى باريس احتجاجا على " العنف السري"
فرنسا تؤكد أنه لافائدة من تأجيل قرار" بريكست"
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر