برلين - د.ب.أ
ألقت السلطات في أبوظبي القبض على الكاتب الألماني يورغ ألبرشت بعد أن التقط صورا لسفارتي العراق وإيران. عقب عودته إلى برلين تحدث الكاتب مع DW عن تجربته التي دامت نحو أسبوعين بين الاعتقال والمنع من السفر.
التقط الكاتب الألماني يورغ ألبرشت صورا لمبنى سفارتي العراق وإيران أثناء تنزهه في أبوظبي، وهو الأمر الذي أدى إلى اعتقاله لمدة ثلاثة أيام ثم منعه من مغادرة البلاد. وقع أكثر من ستة آلاف كاتب وفنان على التماس لوزارة الثقافة في الإمارات طالبوا فيه بالسماح للكاتب الألماني بمغادرة البلاد على الفور. كان ألبرشت قد شارك في معرض الكتاب في أبوظبي ضمن وفد ألماني - سويسري.
وصلت للمطار وكانت صديقتان في استقبالي إحداهما هي صاحبة مبادرة توقيع الالتماس. توجهنا بعد ذلك لمنطقة كرويتسبرغ لتناول الإفطار ثم لحقت بنا صديقة ثالثة شاركت في التنسيق للمبادرة. قضينا وقتا ممتعا، ثم توجهت لمنزلي لترتيب أموري.
خلال الأيام الأولى التي أعقبت الإفراج عني ، ابتعد عني الكثير من الأدباء الذين كانوا في معرض الكتاب، لأنهم لم يكونوا على علم بحقيقة وضعي. قيل لي إن علي عدم التفكير في الأمر والاستمتاع بالمدينة. مشاعر التضامن جاءت في المقام الأول من موظفي الفندق، ففي قسم الشرطة لم يكن معي سوى رقم الفندق للاتصال به إذ لم يعط لي رقم السفارة الألمانية. تحدثت طويلا مع موظفة في استقبال الفندق وحاولت دوما مساعدتي. كان الأمر مجرد لفتات صغيرة ،لأن الموظفين أنفسهم يخضعون لقواعد صارمة ولا يسمح لهم بالدخول في علاقات شخصية مع النزلاء. شعرت في هذا الموقف بالقرب من الموظفين لأنهم يعانون من النظام أيضا وإن كان بطريقة مختلفة تماما.
الإشارة هنا كانت للطقس الرائع وللشاطئ والناس والرياضات المائية من ناحية، ثم الحيرة وعدم وضوح أي شيء من ناحية أخرى. فبعد إطلاق سراحي كنت أذهب يوميا للمحكمة للحصول على المعلومات لكني لم أكن أعرف من المسؤول عن الأمر. لم أحصل على أرقام هواتف أيضا. كان الوضع أشبه برواية "القصر" لفرانس كافكا والتي تحكي عن شخص يقف أمام قصر لكنه لا يستطيع الدخول. حالتي كانت العكس فقد كنت في بلد وقيل لي إن علي الاستمتاع بوقتي فيه، لكن كل ما كنت أرغب فيه هو الخروج من البلد ولم يكن هناك أي شخص يمكنه أن يخبرني كيف.
شعرت بالخوف الشديد من إمكانية حدوث شيء آخر. أتصفح الإنترنت بمنتهى الحرية في ألمانيا وأزور صفحات لا تعتبر غير لائقة فحسب في أبو ظبي، بل إنها ممنوعة أيضا. الغريب جدا أني تلقيت رسالة بريدية من السفارة الألمانية في أبوظبي أخبروني فيها بأن المخابرات هناك تواصلت معهم بسبب كمبيوتري اللوحي وقالوا إنهم بحاجة لكلمة المرور الخاصة بي لأنهم يرغبون في مسح الصور الموجودة عليه. ضحكت بصوت عالي من هذا الموقف لاسيما أني كنت قد أخبرت قبل ذلك بأن الصور خضعت للفحص بالفعل منذ الرابع من مايو. أفصحت للسلطات عن كلمة المرور الخاصة بي لكنها لم تصل للجهة المعنية. قضيت أياما طويلة دون أن أفهم شيئا ولم يبذل أحد جهدا لفحص محتوى كمبيوتري اللوحي. الأمر مضحك في الوقت نفسه لأنه يكشف أن السلطات هناك تعمل بطريقة فوضوية لحد كبير.
أحاول الحفاظ على روتين معين في حياتي. لاحظت بالأمس وأنا أجلس في القطار أني كنت أنظر حولي بشكل دائم وكنت أشعر ببعض الخوف، لذا قررت طلب المساعدة المتخصصة لحل هذا الموقف. قابلت صديقا لي لم أتحدث معه منذ زمن طويل ولم أكن أرغب في التواصل معه، لكني لاحظت أني أحتضنه لأن الأمر فقد أهميته في تلك اللحظة..هذه التجربة قللت من أهمية الكثير من الأمور بالنسبة لي.
بالتأكيد لن أسافر إلى هناك مرة أخرى وربما يصدر قرار بمنعي من دخول البلاد. كان من الممكن أن يتعرض أي شخص لنفس هذا الموقف. العديد من زملائي في المعرض التقطوا الكثير من الصور في المنطقة، لكن لحسن حظهم أن أحدا لم يلاحظهم. يمكن الوقوع في الخطأ دون ملاحظة ذلك. ربما يجب إلزام شركات الطيران بطباعة ورقة تعليمات توضح للمرء الأمور التي يمكن أن تضعه تحت طائلة القانون في البلاد. كنت بالطبع ساذجا فقد قرأت الكثير عن الازدهار العمراني وكنت أرغب في تصوير المباني لكن، المباني التي صورتها كانت ذات أهمية سياسية كان من الخطأ بالطبع أني لم ألاحظ ذلك. لا يمكن لأبوظبي دعوة الناس من الخارج وجعل كل شيء يبدو غربيا، فبمجرد أن يقع المرء في خطأ سيشعر بتعسف النظام.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر