العيون ـ هشام المدراوي
يُعد الإعلامي أحمد الهيبة وياه ابن مدينة العيون، الذي نحت له تاريخاً إعلامياً متميزاً، أول أبناء الأقاليم الجنوبية المغربية المسترجعة الذين ولجوا باب الحقل الإعلامي المسموع والسمعي البصري من بابه الواسع، فمنذ 1974، استفاد من تكوين مهني باستوديوهات الإذاعة والتلفزة الوطنية في الرباط ليلتحق بعدها بإذاعة "صوت التحرير والوحدة" في طرفاية.
وأغنت مساهماته، التعاليق السياسية التي كانت وقتها أهم وأكبر منبر إعلامي للتصدي والرد على السياسة الاستعمارية التي طالت الأقاليم الجنوبية فترة الاستعمار، وقد اشتغل إلى جانب زملائه أمثال محمد ضاكا، مصطفى العلوي، "سعيد الجديدي"، "بنعيسى حجي"، "الناجم عميرة"، "مولود المرابط" والمرحومين "محمد جاد" و"بن عيسى الفاسي" وآخرين.
وتجدر الإشارة في هذه المرحلة إلى أن، أشخاصًا كثر كانت لهم اليد الطولى في تشجيع الهيبة وياه ليرتاد العالم الإعلامي وهو تتملكه رغبة جامحة ونزوع جارف نحو مهنة المتاعب لأنه يؤمن في أعماقه أنه ولد ليكون إعلاميًا.
وتميز مشواره الإعلامي بالمشاركة المشرفة في التغطية الإعلامية لحدث القرن العشرين حدث المسيرة الحسنية الخضراء باعتبارها مختصر ضمير شعب ورحلة قائد وأمة نحو الوحدة والتحدي، وعاش خلالها أجواء وطنية يعجز اللسان عن وصفها والإقلاع عن الكتابة عنها لأن عظمتها لا تستوعبها التعابير إذ سرعان ما تتملك الوجدان منبهرًا أمام عبقريتها وعن لحظاتها القوية والجميلة.
ويستحضر أحمد الهيبة وياه "تنهزم كلمات كل القواميس والصور الشعرية البديعة والرائعة حين تسعى إلى وصف حدث المسيرة الخضراء التي أبدعتها عبقرية الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، لأن الحدث أقوى من كل الأحاسيس، لذلك حينما كنت أقوم بالتغطية الإعلامية كنت أشعر وقتها، وأنا جزء من الحدث للمشاركة فيه أن الكلمات وهي تخرج من فمي هي قطع من كبدي لأن اللحظة مؤثرة وتخون كل الكلمات حين السعي إلى المحافظة على العمق الوجداني... ".
والتحق بالإذاعة الجهوية في العيون والتي وجد فيه فضاء خصباً ومجالاً رحباً للإبداع الإعلامي ومنذ ذلك توفق في إنجاز برامج عدة منها "سمر ونغم " " صباح الخير" "جولة الميكروفون"، وهو البرنامج الذي كان يحظى باهتمام كبير ومتابعة متميزة من طرف الصحراويين في مخيمات "حمادة تندوف"، نظراً لطابعه الاجتماعي وتعبيره الصادق عن الحياة في بادية الصحراء.
وتضمن برنامجه " الوطن غفور رحيم "، والذي كان له طابع سياسي توجيهي لقاءات مع العائدين إلى أرض الوطن استجابة للنداء العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني "إن الوطن غفور رحيم"، وقد كان منبراً إعلامياً للتعبير عن معاناة الصحراويين في مخيمات "تندوف" كما ساهم في تعريفهم بورش التنمية وأشواطها الهامة التي قطعتها الأقاليم الجنوبية المسترجعة بخطى حثيثة وعمل دؤوب أهلها لتنافس مثيلاتها في شمال المملكة ومن سنة 1979 إلى نهاية 1982 كان من المشرفين على التعاليق السياسية وقراءتها بمحطة المسيرة للتلفزة بالعيون والتي أصبحت اليوم ضمن استوديوهات قناة العيون التلفزية الجهوية حاليا، وخلال تلك الفترة اشتغل بجانب "الحسن بناصر" و"مصطفى الحراق"، "بوشته بوسرحان"، "لمرابط مولود".
وقبل تعيينه مديراً لإذاعة الداخلة الجهوية 2005، تميز مساره المهني بالمواكبة الإعلامية لمعارك وطنية بطولية من أجل الوحدة الترابية للمملكة مثل معركة "كلتة زمور"، ومعركة "بئرانزران".
كما تألق في تغطيته الإعلامية للزيارة الملكية للراحل "الحسن الثاني" للعيون 1985، وقام بالتغطية الإعلامية لزيارة الملك "محمد السادس"، للعيون وبوجدور 2006 وهي تغطية يؤكد عنها "أحمد الهيبة" وياه "سأبقى ، ما حييت أتذكر لحظة غمرتني فيها سعادة روحية لا توصف حيث شرفت بالتغطية الإعلامية للزيارة التاريخية لعاهلنا المفدى لربوع العيون وبوجدور سنة 2006 ، وهي لحظة أعتبرها، بصدق أغلى وأعز لحظاتي في مشواري الإعلامي، انطبعت في ذهني، وانقدحت في ذاكرتي مترسخة وشماً خالداً، منحني الشعور بوطنية صادقة دافقة لأنها زيارة ملكية تاريخية بعدها تحولت تلك الربوع وفي ظرف وجيز إلى أوراش إنمائية وتطور عمراني رائع وبديع ".
ولقد بصم الإعلامي مشواره المهني بإنجازات ذات طابع وطني حيث حصل 2005 على الجائزة الأولى في صنف التحقيق البيئي حول موضوع ، "حتى لا تنقرض الفقمة من شواطئنا" من خلال برنامجه "حدائق المعرفة "، وذلك في إطار استطلاع الرأي وتقييم الأداء ضمن برنامجه "نجوم بلادي" الذي تشرف عليه الإذاعة الوطنية.
وتقديرا لوطنيته الصادقة التي توارثها أبا عن جد أنعم عليه الملك "الحسن الثاني" بوسام المسيرة الخضراء، وحظي بشرف نيل وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة والذي أنعم به عليه العاهل المغربي "محمد السادس".
والإعلامي "أحمد الهيبة وياه" متزوج وأب لثلاثة أطفال ، ابنان منهما يتابعان دراستهما الجامعية في"المحمدية" وبنت تتابع دراستها الجامعية بكلية الشريعة بمدينة "أيت ملول".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر