أدت مشكلة انتشار النّفايات والأزبال مُجدّدا لتعّم أرجاء مدينة الناظور بعد محاولات لتصحيح الوضع باشرتها السّلطات المختصة قُبيل أشهر منذ أزمة تجديد عقد الشركة المُفوّض لها تدبير قطاع النّفايات بالمدينة سنة 2012. وشُوهد تراكم مهول للأزبال على مستوى جنبات الطّرقات والشّوارع وفي الأماكن العمومية أمام قلّة الحاوياتِ والعُمّال، والاستعانة بشاحنات نقل السّلع العادية وأدوات بسيطة لتطويق تراكم الأزبال والنّفايات والتّغطية على الفراغ المهول الذي تركته الشّركة التي يقتربُ تاريخ انتهاء عقدها.
ويحمّل المجلس البلدي مسؤولية تفاقم المشكلِ إلى الشّركة "المتهاونة" في تفعيل أشغالها، وفق الضّوابط المنصوص عليها في توقيع عقد تدبير القطاع؛ فيما تعيد الشّركة الوضعية الحالية إلى قلّة الإمدادات المالية اللازمة وعلى المستوى الافتراضي، انتقل صدى مشكلة الأزبال إلى مواقع التّواصل الاجتماعي بعدَ أن سادت موجة من السّخط لدى نُشطاء الفضاء الأزرق إزاء التعاطي السلبي للمجلس في تدبير القطاع. وطالب نشطاء بمدينة الناظور الجهاتِ المعنيةَ بالتدخّل الفعلي لإيجاد حلّ عاجل للمشكلِ، الذي ما فتئ يتفاقمُ مع توالي الأيام؛ فيما ظهرت دعوات مختلفة من نشطاء قرّروا القيام بحملات تطوعية لجمع الأزبال دون أن تحظى الفكرة بموافقة فعلية.
وفي هذا الصدد، قال كمال شيلح، الناشط الجمعوي بالمدينة، إن حلّ هذه المعضلة البيئية لا يأتي من الشّركة المُنتظر تدبيرها لقطاع النّظافة بالنّاظور ولا من الجماعة أو السّاكنة، وإنّما يجب أن يكون بؤرة اشتراكِ الجميع وتلاحمهم، مؤكّدًا أن المسؤولية ملقاة على عاتق كافة الأطراف المعنية باكتسابٍ وعي تام بضرورة التّعاطي الحضاري الإيجابي مع مشكل النّفايات.
ودعا المُتحدّث، إلى وقف موجة تحميل المسؤوليات للغير المُتبادلة لدى الجهات المسؤولة، مؤكّدًا أن المشكل لا يتمثّل أساسًا في سياسة الجماعة أو استدعاء شركة جديدة بقدر ما يتعلّق بالوعي الحضاري وحسن تدبير القطاع من مُختلف الجوانب.
وأشار شيلح، في معرض حديثه، إلى بعض الجوانب التي تساهم في تراكم الأزبال في المدينة، على الرغم من اشتغال الشّركة المكلّفة؛ من قبيل رمي الأزبال من طرف السكّان بطريقة عشوائية وفي أوقات غير مناسبة وبعد مرور الشّاحنات.
ودعا المتحدث إلى ضرورة توحيد الجهود من طرف السلطات والمجتمع المدني والشّركة الجديدة المُنتظر مباشرتها العمل بعد انتهاء عقد الشّركة الحالية، بإيجاد صيغة فعّالة لكيفية تشكيل وعي للتعامل مع مشكلة الأزبال؛ وذلك باعتماد قوانين زجرية صارمة ومعاقة مخترقيها لتتحمّل كل جهة مسؤوليتها.
وقال النّاشط الجمعوي جمال التركي، الذي يعد أحد أعضاء مبادرة "متطوعون من أجل الناظور"، ، إنّ مدينة النّاظور كانت تكتفي في مرحلة سابقة بالتّدبير الذّاتي لقطاع النّظافة، فكانت أجمل مما هي عليه الآن بحكم الأشغال المنتظمة في جمع الأزبال وتنظيف المدينة، ومع تفويض التّدبير لشركات خاصّة أصبحت المدينة تعيش على وقع مشاكل مستمرّة؛ وهو ما يعني أن هناك خللًا في الاعتماد على الشّركات.
وأضاف المتحدّث أن الشركات دأبت على تبرير الأمر باتفاقات مُوقّعة مع المجلس البلدي تقضي بجمع الأزبال في مناطق محدودة أو بنسب مُحددة؛ لكن مع مباشرة الأشغال تصطدم هذه الشركات بواقع تراكمات مهولة للأزبال تستلزم عملا مُضاعفا وكلفة إضافية غير مُحتاطٍ لها في دفتر التحملات.
وأشار الناشط الجمعوي ذاته إلى أن الأمر يتعلق بالأساس بسوء التّسيير من طرف جماعة النّاظور وباقي الجماعات بالإقليم لغياب نهج سياسة مسؤولة وتفعيل دراسات جادة للوقوف على التغيّرات العامة التي تشهدها المدينة مع التوسّع العمراني والنموّ الديمغرافي.
"الشّركة الحالية على وشك الرّحيل، فيما ستعرف المدينة حلول شركة أخرى؛ غير أنه في جميع الحالات ما هو ذنب الساكنة والمدينة عموما لتعيش هذا الواقع المزري المتمثل في تراكم الأزبال بكل ما يترتّب عنه من تلوّث وانتشار للأمراض؟"، يقول جمال التركي ، مضيفًا: "كنّا نحتاج من الجماعة إلى أن تقدم حلّا فعليا لهذا المشكل؛ غير أن كل ما قامت به كان ناقصًا لم يحد ولو نسبيا من تفاقم الأزبال". ومن جهته، دعا الفنان عبد العالي الرحماني إلى تفعيل مبادرة تطوعية تنبثق من حس المسؤولية لدى المواطنين لتنظيم شوارع المدينة دون انتظار تدخل المسؤولين غير المبالين.
وشدد الرحماني، على ضرورة تكريس وعي بتجنب تراكم الأزبال والمساهمة في تكدسها عبر رميها في الأماكن العمومية بدل مطارح الأزبال المخصصة أو في أماكن بعيدة عن المدينة. وانتقد المتحدث ذاته ما أسماه تورط الجميع في المساهمة في انتشار الأزبال لانعدام حس المسؤولية لدى الجهات الوصية وحس المواطنة لدى عموم السّاكنة؛ وهو ما يجعل المشكل مستمرًا، على الرغم من استدعاء شركات جديدة لتدبير القطاع.
وفيما تغرقُ المدينة في الأزبال، يشتعلُ الصّراع حاليًا في جنبات المجلس البلدي حول مرشّحين من أحزاب الحركة الشّعبية والتجمع الوطني للأحرار والعدالة والتّنمية لخلافة سليمان حوليش، الرّئيس المُقال من مهامه مؤخّرًا؛ وهو ما وضعَ مجموعة من الملفّات السّياسية في طيّ التأجيل، ومن أهمها تدبير قطاع النّظافة..
وكان نُشطاء على مواقع التّواصل الاجتماعي قد نشروا مجموعةً من الصّور على شكل "سيلفي" مع الأزبال والنفايات المتراكمة منذ غشت الماضي، لتبليغ احتجاجاتهم بطريقة ساخرة إلى الجهات المعنية؛ فيما لا يزال المشكل يستحوذ على اهتمام أكبر المهتمين بالشأن العام بمدينة الناظور.
قد يهمك أيضًا :
انتشار مهول للنفايات المنزلية بجميع الأحياء في "الناظور" المغربية
"شرطة الناظور" توقف شخصًا للاشتباه في تورطه في جرائم قتل
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر