قراءة في أبعاد ارتفاع معدلات ونسب النجاح في امتحانات الباكالوريا المغربية
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

اعتبار النتائج المُحقّقة ثمرة لمسار تراكمي من الإصلاحات

قراءة في أبعاد ارتفاع معدلات ونسب النجاح في امتحانات الباكالوريا المغربية

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - قراءة في أبعاد ارتفاع معدلات ونسب النجاح في امتحانات الباكالوريا المغربية

امتحانات الباكالوريا
الرباط - المغرب اليوم

 بلغت نسبة النجاح النهائية لتلميذات وتلاميذ امتحانات الباكالوريا المغربية في دورتيها العادية والاستدراكية للموسم الدراسي 2018/2019، %77.96، وذلك حسب ما أعلن عنه البيان الرسمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إنها نتائج مبهرة ومميزة ومحصلة جد طيبة، بالنظر إلى تصاعد وتيرة نسب النجاح في السنوات الأخيرة، ومعه ارتفاع عدد الحاصلين على شهادة الباكالوريا على الصعيد الوطني.

لا بد أن خطاب الأجهزة الرسمية الوصية على القطاع، سيذهب في اتجاه اعتبار النتائج المحققة بمثابة ثمرة لمسار تراكمي من الإصلاحات المتتالية على مر السنوات، وتعكس سيرورة المجهودات المبذولة لمختلف الفاعلين في الحقل التربوي.

صناعة الأرقام الإحصائية، بقدر ما هو علم يسعى إلى كشف الواقع والإلمام بنواميسه عن طريق مجموعة من المعطيات الإحصائية الرقمية، بقدر ما توجه إليه سهام النقد، كوسيلة مضللة تخفي وتحجب أكثر ما تكشف عن الحقيقة.

قد يكون من الصعب، أن يستوعب العقل الموضوعي، حقيقة تزامن ومصادفة هذه النتائج المحققة، مع أصعب سلسلة من الإضرابات التي عرفها تاريخ المدرسة المغربية، من خلال إضراب الأساتذة والأستاذات من أطر الأكاديميات حسب التسمية الجديدة، أو المتعاقدين سابقا، لمدة قاربت الشهرين.

هذا مع العلم، أن إدماج أفواج من آلاف الأساتذة المتعاقدين في السنوات الأخيرة، جاء في ظرف زمني قياسي، وفي ظل غياب تكوين بيداغوجي حقيقي، يضمن الحد الأدنى من المهارات والكفايات التي يستند عليها المدرس في مزاولة مهامه.

هذه الصورة الماثلة أمامنا، تعززها حزمة من التقارير الوطنية والدولية عن أزمة التعليم في البلاد، وتذيل مؤشرات مخرجاته على الصعيد الدولي، وما صاحبه من تأسيس كم من المجالس واللجان الاستشارية المكلفة بإعداد البحوث والدراسات في كل مرة، سعيا لإصلاح المنظومة التربوية.

هل يمكن القول، بأن وراء نسبة النجاح المحققة في أسلاك الباكالوريا، تعود أساسًا إلى قدرة الأساتذة المتعاقدين، الذين استأنفوا عملهم على استدراك الدروس المهدورة في زمن الاضراب، من خلال تقديم دروس للدعم والتقوية في صفوف المتعلمين، أم أن التلاميذ أصبحوا في غنى عن الأساتذة، في ظل تقدم تقنيات الاتصال والتواصل، التي سَهَّلت الولوج إلى الدروس التعليمية، أم أن الأمر يَنطوي على مجرد تضحيات الأسر في سبيل فلذات أكبادها، من خلال الاستعانة بالدروس الخصوصية من جهة، ومن جهة أخرى تدريس أبناءها في القطاع الخاص الذي يسلم وينأى إلى حد ما عن موجة إضرابات الأساتذة.

ربما قد تكون سياسة فسح المجال للعنصر النسوي لأبواب التعليم خصوصًا في المجال القروي، آثرها في الرفع من نسبة النجاح، خاصة وأن هناك بداية لظاهرة تفوق ملحوظ للعنصر النسوي على العنصر الذكري في مجال التحصيل التعليمي.

هناك من المتتبعين من يعتبر إضراب الأساتذة المتعاقدين من بين الأسباب الرئيسية، التي تقف وراء ارتفاع نسبة النجاح غير المسبوقة في تاريخ التعليم بالمغرب، من خلال وضع آليات للتقويم تتسم بالسهولة واليسر، والتقليص من حجم المواد الممتحنة، حتى يتسنى تجنب سيناريو لنتائج نسب نجاح هزيلة، قد تخرج التلاميذ والتلميذات وأسرهم للاحتجاج في الشارع، وهي في عمقها مقاربة أمنية أكثر منها تربوية، لأن الأولوية تبقى للأمن والاستقرار الاجتماعيين، بغض النظر عن كيفية وشروط مرور هذه الامتحانات.

المشتغلون في الميدان، أغلبيتهم تُجمع على أن النسب المرتفعة للمعدلات المُحصل عليها لا تعكس المستوى الحقيقي للمتعلمات والمتعلمين، مقارنة مع مستويات التلاميذ والتلميذات في السنوات التي خلت، والتي كانت نسبة النجاح لا تكاد تتعدى نسبة 40 % من نسب النجاح بمستويات الباكالوريا.

ثمة من يعتبر أن آليات وصيغ الامتحانات المقدمة أضحت على شاكلة سلسلة من التمارين الروتينية، التي تتكرر وتتشابه في بنيتها الهيكلية، وتتغير فقط المعطيات من حين لآخر، وبالتالي فهي تستهدف فقط الذاكرة والحفظ ولا تهتم في عمقها بكفايات ومهارات ومكتسبات المتعلمات والمتعلمين والسعي لحل وضعيات المشكلة، الشيء الذي أنتج تعليما موازيا، يقوم على تجارة مربحة، عنوانها الأبرز الدروس الخصوصية للدعم والتقوية، التي تركز على تهيء التلميذات والتلاميذ وتدريبهم على كيفية خوض الامتحانات، سواء الإشهادية أو حتى تلك المتعلقة بولوج المعاهد والجامعات العليا ذات الاستقطاب المحدود.

من جانب آخر، فالامتحانات التعليمية في المغرب، صارت هاجسًا محوريًا للمشتغلين في القطاع، حتى أنها أضحت أولوية الأولويات، ونشاطها يطغى ويهيمن على باقي العمليات التربوية، أولًا بسبب الصورة التي تعطيها كواجهة لنجاح أو فشل الاستراتيجيات المسطرة، وثانيا للميزانية المالية المهمة التي تصرف في تدبير عملياتها وما يترتب عنها من تعويضات للمشتغلين في القطاع.

التعليم في صيغته الحالية، أنتج سباقًا وتنافسًا محمومين حول حصد أكبر قدر ممكن من النقط، حتى يتسنى للحاصلين على الباكالوريا مقاومة إعصار العتبات التي تسمح بالولوج إلى المعاهد والمؤسسات العليا ذات الاستقطاب المحدود، وهو ما أدى إلى الزيادة في تناسل وانتشار مؤسسات التعليم الخصوصي، ومعها الارتفاع الملحوظ في رسوم الدراسة لولوج أسوارها، حتى أن جهات المملكة صار تربة خصبة للاستثمار الأجنبي في هذا المجال، لما يحمله من فرص تجارية مربحة.

هذا المسار، الذي سلكه التعليم المغربي، أخذ أبعادًا مقلقة، جعلت أهداف التعليم تخرج عن غاياتها، وتتغيى جمع وتحصيل النقط أكثر من التكوين، الشيء الذي ساهم في تكريس واقع النفخ في النقط الخاصة بالمراقبة المستمرة خصوصا في القطاع الخصوصي، وهو ما دفع القائمين على هندسة التقويم، إلى التفكير بجدية في إعادة النظر في آليات تقويم امتحانات الباكالوريا، بسبب الفارق الملحوظ بين النتائج المحصل عليها في الامتحانات الوطنية وامتحانات المراقبة المستمرة.

هذا المشهد، جعل العديد من الأسر المغربية تكابد عناء نفسي ومادي، وتناضل بكل ما أوتيت من قوة، من أجل ضمان تعليم ذي جودة لأبنائها، والارتماء مضطرة في أحضان القطاع الخصوصي، حتى وإن استنزف ذلك رصيدا مهما من ميزانيتها، بالنظر إلى تراجع صورة التعليم العمومي، التي تكرسها حقيقة أن أغلبية المشتغلين والقائمين على القطاع، يُدرسون أبنائهم في القطاع الخصوصي، فبدأت بذلك تتشكل صورة طبقية للتعليم في بلادنا، عنوانها التعليم العمومي للفقراء، وتعليم خاص للميسورين ومتوسطي الدخل.

أحسب أنه، بقدر ما هناك ارتفاع في نسب الحاصلين على شواهد الباكالوريا، بقدر ما يشكل ذلك تحديات كبيرة للسلطات الحكومية، حول أفق المسارات الدراسية والتكوينية المستقبلية للمتعلمين، ومدى قدرة مؤسساتها على استقطاب هذا الكم المتزايد من الخريجين، حيث تشير الأرقام، إلى ارتفاع نسبة بطالة الحاصلين على الشواهد العليا.

هذا النقاش، يأتي في وقت، صادقت فيه السلطات الحكومية، على القانون الإطار الخاص بجملة من الاصلاحات التي سيكون لها وما عليها مستقبلا، عنوانها الأكبر هو اعتماد اللغة الفرنسية في تدريس المواد العلمية، وما صاحبه من صراعات أيديولوجية بين التيارات العلمانية والتيارات المحافظة من جهة، وبداية التخلي التدريجي عن مجانية التعليم من جهة أخرى

قد يهمك أيضا :  

تفكيك شبكتين لتمرير إجابات امتحانات البكالوريا في المغرب

"التعليم" المغربية تنفي تسريب امتحانات "السنة أولى باكلوريا"

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في أبعاد ارتفاع معدلات ونسب النجاح في امتحانات الباكالوريا المغربية قراءة في أبعاد ارتفاع معدلات ونسب النجاح في امتحانات الباكالوريا المغربية



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 12:09 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 17:49 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

GMT 19:23 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الدلو

GMT 19:31 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مناقشة رواية "غيوم فرنسية" في معرض الكتاب

GMT 04:30 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

باتاكي ترتدي بكيني أحمر متوهج وتتباهى بجسدها

GMT 06:55 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية معرفة الفرق بين الألماس الحقيقي والصناعي

GMT 02:40 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الأعمال الفنية الحديثة تخلو من الراقصة الممثلة الموهوبة

GMT 02:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

استكمال جمال سليمان ومنة فضالي وياسر فرج "أفراح إبليس2"

GMT 13:55 2016 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

استنفار أمني في زايو بعد العثور على فتاة مقيدة

GMT 23:33 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنضم إلى فريق عمل "اللهم إني صائم"

GMT 22:37 2017 الإثنين ,16 كانون الثاني / يناير

"بنات خارقات" يجمع شيري ويسرا وريهام على MBC مصر

GMT 23:37 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

"سابع جار" للممثلة هيدي كرم قريبًا على CBC
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya