بغداد - نجلاء الطائي
شهد العام 2013 في العراق تطورات في جميع المستويات الداخلية والخارجية، فضلاً عن الجهد المميز للدبلوماسية العراقية، حيث يعد خروج العراق من طائلة الفصل السابع هو الحدث الأهم، عبر إعادة السيادة الكاملة للبلاد، إلا إن أعمال العنف، التي شهدها العراق، طغت على مشهد السيادة الكاملة للبلد، في سلسلة التفجيرات اليومية، التي ضربت العراق بأكمله بسيارات مفخخة، وانتحاريين
، وعبوات ناسفة، واغتيالات متصاعدة، وتهجير طائفي.وكان من أبرز الأحداث التي شهدها العراق على المستوى السياسي لعام 2013، في 27 حزيران/يونيو، هو تصويت مجلس الأمن، بالإجماع على خروج العراق من طائلة البند السابع، وإحالة القضايا المتعلقة إلى الفصل السادس، حيث قرّر مجلس الأمن إنهاء التدابير المنصوص عليها في بعض فقرات القرارات الدولية 686 و687، التي تبناها المجلس في عام 1991، إثر غزو العراق لدولة الكويت.
وعلى صعيد علاقات العراق مع جيرانه، تمكن العراق من إعادة العلاقات الثنائية مع تركيا، حيث شهدت تحسنًا خلال الفترة الأخيرة، إثر دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نظيره العراقي نوري المالكي إلى زيارة أنقرة بغية إنهاء حالة التوتر والجمود في العلاقات، فيما زار وزير الخارجية هوشيار زيباري ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي تركيا، كما زار وزير الخارجية التركي ورئيس البرلمان بغداد، بغية إعادة العلاقات بين البلدين.وفي آذار/مارس، وصل إلى العاصمة بغداد رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، على رأس وفد يضم عددًا من الوزراء ورجال الأعمال، في زيارة تتركز على تفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتوصلت الحكومة العراقية إلى اتفاق مع نظيرتها المصرية لتزويد مصر بأربعة ملايين برميل من النفط شهريًا، وذلك خلال المباحثات التي أجراها رئيس الحكومة نوري المالكي مع نظيره الزائر هشام قنديل في بغداد.وفي إطار الزيارات المتبادلة، غادر رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي العاصمة بغداد متوجهًا إلى روسيا و التشيك في زيارة رسمية،على رأس وفد سياسي، اقتصادي، عسكري رفيع المستوى، بغية بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، على الأصعدة كافة.
وشهد أيار/مايو وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارة رسمية غير معلن عنها، حيث التقى كبار المسؤولين العراقيين، إضافة إلى نظيره هوشيار زيباري، بغية مناقشة عدد من القضايا، أبرزها الأزمة السورية، لاسيما أن العراق قد طرح سابقًا مبادرات عدة لتسوية الأزمة سياسيًا، كما بحث رئيس الوزراء نوري المالكي مع نائب الرئيس الأميركي الأزمة السورية، وأكدا، خلال اتصال هاتفي، ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة السورية.وفي تموز/يوليو الماضي، وصل الرئيس الإيراني، المنتهية ولايته، أحمدي نجاد العاصمة بغداد، وكان في استقباله نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، وعدد من المسؤولين، وبحث مع رئيس الوزراء نوري المالكي تطوير علاقاته مع جميع دول العالم، لاسيما دول الجوار، وتجاوز التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق، على المستويين الإقليمي والدولي.وترأس نائب رئيس الجمهورية الدكتور خضير الخزاعي، في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، وفد جمهورية العراق في اجتماع القمة "العربية – الأفريقية" الثالثة، التي عقدت في دولة الكويت، تحت شعار "شركاء في التنمية والاستثمار"، بمشاركة وزير الخارجية هوشيار زيباري، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الشيخ همام حمودي، ووزير التخطيط علي شكري، ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني.
كما شهد تشرين الثاني/نوفمبر 2013 زيارة رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، حيث بحث مع رئيس الوزراء نوري المالكي عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومستجدات المنطقة، وعقدا عقب اللقاء مؤتمرًا صحافيًا أكدا فيه أهمية استمرار التعاون المشترك بين البلدين، في جميع المجالات، والبدء بتنفيذ الأنبوب النفطي.وفي شأن الأحداث الأمنية في العراق لعام 2013، وبحسب الأمم المتحدة، فقد قتل وأصيب 12162 شخصاً في تفجير السيارات المفخخة، والانتحاريين، والهجمات المسلحة، التي استهدفت مدنيين وصحافيين ورجال أمن وسياسيين ومرشحين للانتخابات.وقتل في كانون الثاني/يناير 112 شخصًا، بينهم رجال أمن، وأصيب 363 شخصًا، فيما شهد شباط/فبراير مقتل 188 شخصًا، بينهم عناصر من "الصحوة"، ورجال أمن، وأصيب 454 آخرين، فيما ويعد هذا الشهر الأقل دموية في العام 2013.
وحسب إحصاء للأمم المتحدة، شهد آذار/مارس مقتل 176، بينهم قتلى في اقتحام وزارة العدل العراقية، وإصابة 70 آخرين، فيما قتل في نيسان/أبريل 307 شخصًا، بينهم رجال أمن، وإصابة 390 آخرين في سلسلة هجمات، استهدفت معظم مدن العراق.
وفي أيار/مايو قتل 293 شخصًا، بينهم رجال أمن وعناصر في "الصحوات"، وإصابة 100 آخرين، أما في حزيران/يونيو فقد قتل 274، وأصيب 340 آخرين، فيما شهد تموز/يوليو مقتل 1057 شخصًا، وأصيب 2362 آخرون، حسب بيانات الأمم المتحدة، وفي آب/اغسطس 415، في سلسلة هجمات بسيارات مفخخة وانتحاريين وعبوات ناسفة، وفي أيلول/سبتمبر 203.وفي تشرين الأول/أكتوبر، شهد العراق مقتل 392 شخصًا، وإصابة 279 آخرين، أما في تشرين الثاني/نوفمبر فقد قتل 226 شخصًا، وإصيب 320 آخرين، وفي كانون الأول/ديسمبر قتل 344 شخصًا، وأصيب 124 آخرون، بينهم زائرون متوجهون إلى محافظة كربلاء، لإحياء مراسم زيارة الأربعين للإمام الحسين (ع)، وهذه الإحصاءات لا تشمل ما يجري من أحداث في الأنبار، التي بدأت عقب اعتقال النائب أحمد العلواني، وما جرى من مواجهات بين الجيش ومسلحي العشائر.
وكانت مجزرة الحويجة في محافظة كركوك في 22 نيسان/أبريل، أهم الأحداث الداخلية التي شهدها العراق، كما شهد العراق التصعيد والتحشيد الجماهيري ضد الفساد المالي والإداري، حيث خرجت مظاهرات جماهيرية في بغداد، وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية، بغية توفير رأي ضاغط باتجاه تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، وإلغاء رواتب أعضاء البرلمان، وهو ما صدر على شكل حكم من المحكمة الاتحادية بهذا الشأن. ولا يغيب عن بال الموطن العراقي الخروقات الأمنية، من خلال هروب العديد من "الإرهابيين" في عدد من السجون، وأبرز تلك الخروقات هو هروب أكثر من 1000 سجين من سجني "الحوت" و"أبو غريب" في بغداد.
وشهد عام 2013 المزيد من الخلافات على الصعيد النفطي بين أربيل وبغداد، بدأت أوائل العام بعدم دفع الحكومة الاتحادية مستحقات الشركات النفطية، التي عملت على حفر الآبار النفطية في إقليم كردستان، والبالغة نحو أربعة مليارات دولار، وانتهت الآن على وقع خلاف لا أحد يتوقع كيف يمكن أن تكون نهايته، وهو الاتفاق النفطي بين إقليم كردستان وتركيا، الذي لم يكن مدعومًا من بغداد، حصل هذا في وقت كانت قد شهدت العلاقات بين أربيل وبغداد نوعًا من تطبيع العلاقات، تمثل بزيارة المالكي إلى أربيل، ورئيس إقليم كردستان إلى بغداد.
ومن الأحداث المهمة التي شهدها العراق في عام 2013 هو غرق شوارع العاصمة بغداد، وشوارع محافظات عراقية عدة، نتيجة غزارة الأمطار في هذا الشتاء، والتي أغرقت كذلك كثيرًا من دور المواطنين، وعرقلت سير السابلة، والمركبات، وشلت حركة العمل، ومنعت وصول المواطنين إلى مساكنهم، والموظفين إلى دوائرهم، والطلبة الى مدارسهم، حيث فضح هطول الأمطار الغزيرة مشاريع المجاري الفاشلة، التي صرفت عليها مليارات الدنانير، بسبب الفساد المالي الذي كان وراء فشلها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر