اسطنبول - رياض أحمد
قبل أيام على موعد انعقاد مؤتمر "جنيف2" المقرر في 22 كانون الثاني/ يناير الجاري، يبدو أن "الائتلاف الوطني السوري" وهو مظلة المعارضة السورية في المؤتمر، في حال من الوهن والضياع وفقدان السيطرة ليس على الأرض فحسب وإنما حتى على القوى المنضوية تحت لوائه، لاسيما بعد وصوله إلى مشارف انفراط عقده في لقاء الجمعية العمومية الذي اختتم اعماله في اسطنبول قبل يومين.
وسيكون لقاء باريس الأحد لمجموعة "أصدقاء الشعب السوري" والشخصيات البارزة في الائتلاف، الفرصة الأخيرة لمنع بلوغ الخلافات مرحلة اللاعودة قبل موعد 17 كانون الثاني عندما يعقد لقاء جديد في محاولة لتشكيل وفد المعارضة إلى جنيف2، خصوصاً أن 44 من أعضاء الائتلاف قدموا استقالاتهم وان 28 علقوا عضويتهم، قبل أن يجمدوا هذا القرار بطلب فرنسي أميركي مباشر.
وفي تفاصيل اجواء الجمعية العمومية التي اتسمت بالصخب والخطب العنيفة، فقد أفادت معلوماتنا أنه بعد انتهاء الانتخابات التي أعادت أحمد الجربا رئيسا للائتلاف، وبدء مناقشة تشكيل الوفد إلى مؤتمر جنيف 2، انفجرت الخلافات وانقسم الائتلاف بين خطين، الأول يقوده الجربا و"الإخوان المسلمون" ورئيس "المنبر الديموقراطي" ميشال كيلو ومجموعة الأعضاء التي تدور في فلكهم، ويطالب بالذهاب إلى جنيف 2 بأي ثمن، والثاني المعارض للمشاركة يضم بعض أعضاء "المجلس الوطني السوري" والمجالس المحلية وبعض أركان "الجيش السوري الحر" والحركة التركمانية، ومنتدى رجال الأعمال، فضلاً عن عدد من الشخصيات المستقلة. وهؤلاء يرفضون رفضاً قاطعاً المشاركة في المؤتمر، ويتهمون الجربا بالتفرد بالقرارات المتعلقة بهذا المؤتمر وبطريقة التحضير له، وباتوا يطالبون باستقالته ويعتبرون وجوده على رأس الائتلاف سبباً للخلافات المستمرة.
وقال أحد المنسحبين ان "لا عودة عن مشروع الاستقالة إلا بعد إجراء تعديلات على مستوى اتخاذ القرار ونزع حصريته من يد الجربا".
وتفيد معلوماتنا أن هذه الخلافات تتمحور على رؤية كل طرف "لأهمية جنيف 2 وما يمكن أن يقدمه الى الشعب السوري". ويرى المعارضون "أن المؤتمر سيؤدي إلى مزيد من الانشقاق داخل قوى الائتلاف، خصوصاً أن الائتلاف ليس له أي ثقل في الميدان السوري وسيظهر مدى هشاشته في تمثيل الداخل السوري".
وقال عضو بارز في الائتلاف: "فلنفترض أن النظام السوري طرح في بداية لقاء جنيف وقفاً للنار، أو تبادلاً للأسرى، أو رفعاً متبادلاً للحصار، من سينفذ هذا الاتفاق من جهتنا؟".
وأشار الى أن "الأرض اليوم هي للمجموعات الاسلامية، وأن القوة الابرز باتت الجبهة الاسلامية المدعومة من قطر والسعودية بعد النجاحات التي حققتها في مواجهة الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)"، وذكر بأن "الجيش السوري الحر تراجع دوره الى مستوى الاضمحلال، وما تبقى منه فرقة واحدة هي الفرقة 19 وميولها اسلامية انضمت اخيراً إلى تنظيم "جيش المجاهدين"
.وتشير المعلومات إلى أن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد الذي كان يراقب أعمال الجمعية العمومية، تدخل مراراً في سياق النقاش من بعد، وكان موقفه واضحا من حيث الدفع في اتجاه المشاركة في المؤتمر، وهو قال للرافضين المشاركة بالحرف الواحد: "إن جنيف 2 فرصة لكم وعليكم ألاّ تفوتوها، فهناك ستجلسون الى طاولة المفاوضات في مواجهة النظام على قدر واحد من المساواة، وهناك سيتسنى لكم عرض قضيتكم أمام العالم وتالياً امكان تأليب هذا الرأي العام لمصلحتكم".
ولكن لمعارضي المشاركة وجهة نظر مختلفة، فهم لا يرون في جنيف 2 فرصة للمعارضة السورية، إنما ستكون أكبر هدية للنظام، وما يجري اليوم في الميدان السوري، حيث يتنعم النظام بمشاهدة الاقتتال بين المجموعات المسلحة المعارضة، سيتكرر في جنيف، و"سنتحول أضحوكة أمام النظام والعالم، سنكون مجموعة تشارك في مفاوضات لا تملك أي سلاح في يدها وخصوصاً في الميدان أمام خصم يملك في يده سلطة مطلقة للقرار".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر