تونس ـ أزهار الجربوعي
نجحت تونس في استقطاب أنظار المجتمع العربي والدولي غداة مصادقتها على دستور الجمهورية الثانية، الذي اعتبره قادة العالم أول دستور ديمقراطي في المنطقة العربية.وهنأ الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، "الشعب التونسي لمناسبة المصادقة على الدستور الجديد"، معتبرًا ذلك "خطوة مهمة نحو تتويج المسار الانتقالي".وأكد هولاند، أن "الدستور التونسي
الجديد سيُرسي أسس ديمقراطية حقيقية في تونس، تحترم حقوق وحريات كل المواطنين"، مشيدًا بما وصفه بـ"روح المسؤولية التي أثبتها الفاعلون السياسيون في تونس"، ومجدّدًا دعم فرنسا ووقوفها إلى جانب تونس في تلك اللحظة المهمة من تاريخها "، حسب تعبيره.
من جهته، هنأ ووزير خارجية ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير، رئيس الحكومة التونسية المستقيلة علي العريض باستكمال المسار الانتقالي في تونس من خلال المصادقة على الدستور، والتوافق على تشكيل حكومة جديدة محايدة، تتولى الإشراف على ما تبقي من مرحلة الانتقال الديمقراطي، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية نزيهة وشفافة.
وأكَّد شتاينماير، أن "تونس صنعت نموذجًا متميزًا ومنفردًا، وبات بإمكانها توجيه رسائل إيجابية للشعب التونسي والمجتمع الدولي"، مشيدًا بـ"الجهود التي بذلتها جميع الأطراف السياسية، ولاسيما رئيس الحكومة المستقيلة علي العريض من أجل إنجاح التوافق الوطني، وتنفيذ وعوده بالاستقالة، التزامًا بخارطة طريق الحوار الوطني، التي أخرجت البلاد من الأزمة الخانقة التي عصفت بها منذ اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو 2013."
وأشاد الوزير الألماني، بـ"وعي النخب السياسية في تونس وقدرتها على تجاوز المحن والأزمات التي مرت بها البلاد"، منوهًا إلى "التنازلات التي قدمها حزب "النهضة" الإسلامي صاحب الأغلبية البرلمانية، للمساهمة في إنجاح الانتقال الديمقراطي، وقيام نظام جمهوري عصري".
هذا وحظي الدستور التونسي، بإشادة رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، الذي وجه تهانيه إلى الشعب التونسي إثر المصادقة بالأغلبية الساحقة على الدستور الجديد، معتبرًا ذلك "حدثًا تاريخيًّا"، ومشيدًا بـ"روح الوفاق وحس المسؤولية التي تغلب على المصلحة الحزبية".
وأشار رئيس البرلمان الأوروبي، إلى أن "تونس أثبتت للعالم حرصها وعزمها على الالتحاق بركب الدول الديمقراطية المنتصرة للحقوق والحريات".
وإلى جانب فوزه بالإشادة الدولية ونجاحه في استقطاب أنظار العالم، حظي الدستور التونسي وتجربتها الديمقراطية الناشئة باهتمام الدول العربية التي مازال الكثير من أقطارها يتخبط في ثورات لم تكتمل بعد ، فيما يعاني البقية من ويلات الانفلات الأمني والتناحر السياسي، حيث أكد مراقبون، أن "التجربة التونسية ستصبح نموذجًا قائم المفاصل والأركان في الانتقال الديمقراطي السلمي الذي أنتج للعالم "أيقونة التوافق"، وأجبر مختلف القوى الحزبية والسياسية باختلاف أيديولوجياتها ومشاربها، على التنازل لهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن".
واعتبر رئيس البرلمان المغربي، كريم غلاب، "المصادقة على الدستور التونسي الجديد تتويجًا للمرحلة الانتقالية، رغم كل الصعوبات والعراقيل التي مرت بها"، في حين قال رئيس البرلمان العربي، أحمد محمد الجروان، أن "تونس خطّت بأحرف من ذهب، مبادئ الحرية والديمقراطية، وأثبتت قدرتها على صناعة المستقبل داخلها، وفي العالم العربي".
ولمناسبة ختم الدستور والمصادقة عليه، نظَّمت رئاسة الجمهورية التونسية احتفالًا رسميًّا في قصر الرئاسة، في قرطاج، مساء الإثنين، أشرف عليه رئيس الجمهورية، محمد المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، ورئيس الحكومة علي العريض، وشخصيات وطنية، إلى جانب عائلات بعض شهداء ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011 .
وشدّد رئيس الجمهورية، محمد المنصف المرزوقي، على أن "النصّ الدستوري لم يأتِ من فراغ بل كان نتاج تضحيات أجيال متعاقبة من التونسيين، وخطّ بدماء الشهداء ودماء الجرحى وضحايا التعذيب".
ودعا الدكتور محمد المنصف المرزوقي، الشباب إلى "المحافظة على هذا المكسب، وصون هذه الوثيقة التاريخية، التي لم يعرف التاريخ مثيلًا لها لما تضمّنته من مضامين ومبادئ للكرامة والحريّة والديمقراطية"، حسب تعبيره.
وشهد الموكب توزيع نسخ من الدستور الجديد على عدد من الشخصيات الوطنية وعائلات الشهداء وثلّة من التلاميذ المتفوقين في الامتحانات الوطنية من مختلف محافظات البلاد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر