الجزائر - نورالدين رحماني
قرّر رئيس الوزارء سلال إحياء ليلة المولد النبوي الشريف، الاثنين المقبل، والتي تعدّ مناسبة رسمية في الجزائر، في ولاية غرادية، والصلاة في جامع يرتقب أن يضم أعيان وشيوخ المذهبين "المالكي" و"الأباضي"، بغية رأب الصدع، والقضاء على الفتنة.يأتي هذا فيما اتفق مراقبون سياسيون ودينيون في الجزائر، عقب 24 ساعة من عودة الحياة الطبيعية إلى مدينة غرداية
، على أنَّ الوقت قد حان لمراجعة التعاطي مع الاختلاف والتنوع الفكري والمذهبي، الذي تعرفه إحدى أكثر مدن ومناطق الجزائر سخونة، لدرجة أنَّ الكثيرين يتوقعون أن يكون انطلاق ما يعرف بـ"الربيع الجزائري" منها وإليها.ويعزّز المراقبون للمشهد في ولاية غرداية، جنوب الجزائر، التي عرفت، منذ أكثر من شهرين، مناوشات خطيرة بين أتباع المذهب "المالكي" والمذهب "الأباضي"، طرحهم بما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، منذ يومين، من صور لمتظاهرين من أتباع المذهب "الأباضي"، بني ميزاب، يرفعون شعارات تدعو إلى إسقاط النظام، ومواصلة ما أسموه "الانتفاضة".
وأثارت الصور جدلاً واسعًا بين النشطاء، لاسيما أن فيها من يرفع لافتات اتهام لأتباع حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، وأطراف من رابطة حقوق الإنسان الجزائرية، بقيادة الدكتور كمال الدين فخار في ولاية غرداية، حيث اعتبر المراقبون أنَّ "المطالب ليست اجتماعية، أو حتى أمنية، بل هي سياسية بحتة، هدفها زعزعة استقرار الجزائر". وأكّد موفد جمعية "العلماء المسلمين الجزائريين"، التي تعدّ أهم مرجعية إسلامية في البلاد، محمد مكركب، أنَّ "الأحداث التي شهدتها ولاية غرداية تحتاج إلى فتح تحقيق ومحاسبة المتورطين في تأجيج نار الفتنة".
وشدّد مكركب، الذي قاد المبادرة الإسلامية للإصلاح بين الطائفتين، على "عدم ربط هذه الأحداث بحساسيات تاريخية ومذهبية، أو استغلالها لخدمة مصالح شخصية"، مستبعدًا أن "تكون الأحداث التي شهدتها الولاية بسبب البعد الطائفي والعقائدي"، مرجعًا الأسباب الحقيقية وراء تأزم الوضع إلى "أسباب قاعدة اجتماعية متدهورة".
وفي السياق ذاته، دعت التنسيقية الجزائرية للأئمة الجهات الرسمية والشعبية، في بيان وزعته على الصحافة، إلى "تشكيل لجنة دائمة من العلماء والأئمة، وأهل الرأي والمشورة، بغية أن تباشر مهمة رأب الصدع، ولم الشمل، بين الأطراف المتخاصمة في ولاية غرداية".ووصفت التنسيقية الأحداث التي شهدتها ولاية غرداية بـ"الفتنة الهوجاء"، داعية العقلاء والأعيان والخيرين في الولاية وباقي جهات الوطن إلى "تفويت الفرصة على الذين يكيدون الشر للجزائر، لاسيما لأهل غرداية، مع تغليب مصلحة الوطن، وإعلاء راية الأخوة".
واتخذت وزارة الداخلية الجزائرية قرارًا بإعادة رسم الخارطة الأمنية في ولاية غرداية، بعد الأحداث التي شهدتها، والعجز المسجل في التصدي للمواجهات في أيامها الأولى.
وتضمن القرار فتح مقرات جديدة في المنطقة، وتعزيز التواجد الأمني في الولاية، بغية تفادي انزلاقات أخرى، فضلاً عن إنشاء كتائب وفرق في غرداية، وفي المناطق التي تشهد توترًا، والتي منها بريان، والقرارة، مع وضع تشكيل أمني جديد في المنطقة، إضافة إلى دوريات تجوب الأحياء على مدار 24 ساعة، تعمل بالتناوب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر